بقلم الإعلامي: أسامة كامل
المطرب (دياب) الذي قدم عددا من الأغاني الشعبية معظمها في الأفراح وكانت بدايته متواضعة وصاحب تعليم متوسط، وقدم نفسه في مرحلة مبكرة إلى الإخوة (الشرنوبي)، وتعاون مع صانع النجوم (نصر محروس)، هذا النجم الذي قدم للغناء وللكاسيت (تامر حسني و شيرين و بهاء سلطان) وغيرهم، ونصر محروس معلم وأسطي رغم الإساءة لشخصه وتصويره على أنه الوحش المفترس.
رغم أنه لولا هذا المنتج ما كان هولاء أصبحوا نجوما وأساطيرا يتقاضون الملايين وينتشرون كالهشيم في النار، وعلي الساحات في مصر والعالم العربي، بل والعالم، ربما لم يحسن تقديم وتربية المنفلتة (شيرين) التي كان عليه أن يعلمها القراءة والكتابة والأدب والثقافة والأخلاق والتربية، وأظنها سوف تنتهي قريبا، فأمثال هذه الـ (شيرين) لا يستمر طويلًا رغم موهبتها الفجة، ولكن يغلب عليها البيئة التي عاشت فيها وتركت في نفسها أمراضا مزمنة لاشفاء منها للاسف الشديد.
ظهر هذا (الديب) في بعض الأدوار البسيطة، ولكن كأنه يمثل من عشرات السنين، راسخ ثقيل يؤدي دوره بحرفية، ولا ينظر للكاميرا لا يبتسم أو يستهتر، ورغم صعوبة أدواره في (كلبش) مثلا وكراهية الناس له، ولكن من خلال تجاربي تصورت أنه امين شرطة فاسد فعلا، مع احترامي لكل رجال الشرطة التي انتمي إليها أبا وجدا وأعمام وأشقاء وأبناء.
أنا لا أتابع معظم المسلسلات لعدم الجاذبية أو الأهمية، ولكن رغم أن مسلسل (كلبش) كان يضم أسماءا ونجوما كبيرة، لكن يظل (دياب) في مكان آخر، ورغم صعوبة وأهمية الدور إلا أنه كان يمثل بهدوء وببساطة وعمق لا تملك غير أن تتابعه وتهتم بأمره، فهو ملم بكل التفاصيل ولا يصطنع لوازم ولا يضيف ولا يرتجل و لا يتجمل، وفي حالة غيابه عن المشهد تظل تبحث عنه.
قدم (دياب) دورا مبهرا مع (مصطفي شعبان) محامي منحرف قدم فيه كل أدوات الفساد والرشوة والسرقة وأذاق الممثلة التي لا أحبها (آيتن عامر) العذاب، وطبعا هناك فرق بينها وبين أختها الكبرى الست (وفاء عامر) القديرة والجميلة، وأدى النجم دياب عدة أدوار ولكنها تدور في فلك الشر والرزيلة والانحراف والعدوان بحرفية وتألق.
لابد من وقفة هنا مع الممثل المصري الخالد (محمود المليجي) الذي وصفه (يوسف شاهين) انه النجم الذي لم يآخذ حقه، وقال عنه فريد شوقي (ملك الترسو) أن شركات الانتاج في الداخل والخارج كانت تشترط وجود (محمود المليجي) معه في معظم أفلامه للتوزيع، وبكي عليه الفنان الجميل (رشدي أباظة) بكاء حار ووصفه أنه الصديق الذي لايعوض والممثل (الأسطورة)، بل قالت (هند رستم) أنها كانت تخشي من نظارته وهو محترف سرقة الكاميرا من أي ممثل أو ممثلة.
إن دوره رئيس البوليس السياسي في (غروب وشروق) يستحق عليه الأوسكار، وكذلك دوره في فيلم (الأرض) في شخصية (محمد أبو سويلم) ولأظن أن لن ينسي أحدا مشهد النهاية وهو يموت متشبثا بالأرض والدماء تسيل من فمه و أظافره، ولقد قال عنه الفنان العالمي (عمر الشريف) إنه كان يتحدث معه في أحد آخر أعماله وظل يمثل حتي ظن البعض أنه أطال في أحد المشاهد، وظلوا يتحدثون معه وهو لايرد ولم يصدقوا أنفسهم لما اكتشفوا أنه صمت وإلى الأبد ومات وهو يعمل و يمثل – رحمة الله عليه، وأطال الله في عمر الممثل الجميل والنجم (دياب).
نعم (دياب) نجم ومختلف ويذكرك بالمليجي في أدوار الشر، ومن هنا فهو يستحق اليوم أن يقدم أدوار البطولة في السينما والدراما، لذا أطالب شركات الإنتاج والمخرجين أن يبرزوا مواهب وإمكانات (دياب) في ظل سيطرة بعض الأسماء والأشكال والأشخاص الذين مل وزهق الناس منهم، والبعض تقريبا اعتزل أو عزل لاموهبة ولاجدية.. مجرد اهتمام إعلامي وإعلاني فارغ.
إن اختيار (دياب) لأدواره ينم عن ذكاء و وعي وربما ثقافة، وأتمني إن يقرآ ويتعلم ويعرف ويختار مجموعة من العقلاء والحكماء والمثقفين، وأن يسعي إليهم كما كان (نور الشريف ومحمود ياسين وفريد شوقي) والنجم الذي لا يعوض (أحمد ذكي).
طبعا ظهر دياب في مسلسل (تحت الوصاية) مع النجمة (مني ذكي) وكان يناطحها وهى فنانة جميلة ولكنها لم تستطع الانتصار عليه، رغم كل هذه الدموع والصعبانيات.
اليوم مولد نجم جديد أتمني أن ينتبه حتى يعيش طويلا على الشاشة وفي عقول محبيه ومعجبيه ولا يكون صورة مكررة من (جعفر العمدة) سابقا.