بقلم: ماجد كامل
(جعلونى مجرما، كلمة شرف، أريد حلا، الشقه من حق الزوجة، تحت الوصاية) وغيرها من الأعمال الدرامية المصرية جاءت بمثابة جراحات فنيه دقيقه لمشكلات المجتمع المستعصية، أجرتها الدراما المصرية عبر العديد من الأعمال الفنية المهمة سواء فى السينما أو عبر الدراما التليفزيونية وأسهمت فى تغيير التشريعات القانونية لعلاج هذه المشكلات .
فمنذ نشأة الدراما المصرية مع إطلاق أول فيلم مصري صامت (برسوم يبحث عن وظيفة) لرائد السينما المصرية (محمد بيومى) والذي نحتفل هذا العام بمرور قرن كامل على أول عرض له فجرت هذه الدراما عبر أعمال مختلفة قضايا فائقة الأهمية مسكوت عنها منذ زمن طويل، هذه الأعمال هى بمثابة نياشين فخر على صدر هذه الدراما .
فقد أطلقت دراما رمضان هذا العام عملا من هذه النوعية فائقة الأهمية وهو مسلسل (تحت الوصاية)، والذي جاء بمثابة جراحة درامية دقيقة لاستئصال مرض مجتمعى مزمن وهو ماتتعرض له الأسر من نكبات وكوارث عقب وفاة الأب ووضع أبنائه صغار السن تحت الوصاية حتى بلوغ الأبناء سن الرشد، مما يتسبب فى انقلاب حياتهم رأسا على عقب وحرمانهم وأمهم -الزوجة – من التصرف فى أيه أموال خاصه بأبيهم إلا بموافقة الوصى والمجلس الحسبى .
وقد ألقى مسلسل (تحت الوصاية) حجرا قويا فى بئر راكدة وأثار قضية الوصاية الشائكة، وهو عمل يدشن الفنانة المبدعة (منى زكي) كواحدة من فنانات مصر الملهمات، ويدشن كل صناعة بدءا بالمخرج الرائع (محمد شاكر خضير) وكاتبا السيناريو (خالد وشيرين دياب) كصناع دراما مبدعين من العيار الثقيل وتخيرهما لأجواء قريه الصيادين بدمياط لتكون مسرحا ساحرا للأحداث، وتجدر الإشاده بشكل خاص بأداء بالفنان (رشدي الشامى) والذي جاء عملاقا بكل المقاييس فى تجسيده لشخصية (الريس ربيع)، ورغم أن عددا من مشاهد المسلسل جاءت مؤلمة وحزينة للمشاهد إلا أنها لعبت دورا دراميا مهما فى تفجير معاناة الأم الأرملة وطفليها .
وكما كان الأمر في فيلم (أريد حلاً)، حيث كان سببا في تغيير قانون الأحوال الشخصية لأول مرة، نجح فيلم (كلمة شرف) فى إلقاء الضوء على قوانين الزيارة للمساجين وأسفر عن تغييرها والسماح للسجين بالمشاركه فى تشييع جنازة ذويه أو زيارتهم تحت الحراسه فى حالات المرض القصوى، بعد أن كان من المستحيل تغييرها.
أما فيلم (جعلوني مجرماً)، والذي كتب قصته (فريد شوقي) عن حكاية حقيقية لفتى خرج من الإصلاحية فكان الفيلم سببا في إلغاء السابقة الأولى من صحيفة الحالة الجنائية لمن أخطأ، حتى لا تكون سببا في تماديه وإغلاق باب العمل أمامه.
أخيرا: نؤكد مجددا على كون الفن بروافده المتنوعة ليس مجرد أداة للترفيه وتسلية المتلقي، لكن دوره الأهم والأخطر والأثقل يكمن فى تنوير المجتمعات وتثقيفها وإلقاء الأحجار فى مياهها الراكده لعلاج جراحها العميقه المسكوت عنها.
الفن رسالة مهمه للنهوض بعقل ووعى المجتمعات التى يعيش فيها.. فتحية لكل من يتصدى للمناطق الظلامية فى تفكير هذه المجتمعات بهدف إضاءتها وتنويرها.