بقلم: علا السنجري
ليس من عاداتي التسرع في الحكم على العمل من البداية ولا أكتب عنه إلا بعد انتهائه، لكني تفاءلت كثيرا بالحلقة الأولى والثانية من مسلسل تغيير جو، أحداث سريعة وشخصية فتاة شابة تجد نفسها مسئولة عن والدتها، بما يجعلها تعيش تبادل أدوار، تحاول جاهدة في علاج والدتها من إدمان المهدئات وتعمل في بناء المتاهات، تحاول بيع بيت والدتها لتحصل على مال من أجل المصحة، تتعثر في مشاكل مع البائع، تطلب من والدها المال الذي يعيش في عالم خاص به مع زوجته، لكن من بداية الحلقة الثالثة بدأت الرتابة والبطء في الأحداث.
فقدت (شريفة) شنطتها في بيروت ويحصل عليها عامل في محطة وقود، وتتعرف على كل من (فارس وخالد) لتنسى والدتها والشنطة وتقرر أن تبقى في بيروت لتقضي بعض الوقت مع (فارس)، منحنى في الأحداث غير متوقع، خاصة أن السيناريو قدم شخصية (شريفة) كشخصية جادة ومسؤولة تجاه والدتها وعملها، تفعل كل مستحيل لتعالج والدتها،خالد وابنته ومشاكله معها بعد وفاة والدتها ومحاولة فهم واستيعاب ابنته المراهقة، هناك أيضا (مريم وفارس) تعرفت عليهم (شريفة) ويساعدونها، عامل البنزينة يعاني من العمل بلا تصريح، ويحاول الحصول على المال بابتزاز (شريفة) أو بيع العقد للمشتري، ومجيء والدتها (سامية) إلى لبنان، والمشاكل بينها وبين اختها (زوزو) صاحبة فندق (خطوة عزيزة)، وربما يكون هذا بداية أحداث تعيد السيناريو لبدايته القوية.
التأليف لكل من (منى الشيمي ومجدي أمين) اللذين أسهبا في قصص جانبية وتفاصيل ربما كانت في في صلب الحكاية لكنها ساهمت في أن يكون الحدث الرئيسي بطيء، يتحرك بصعوبة وسط هذه التفاصيل، ولا أنكر أنهم رسموا أبعاد الشخصيات وانفعالاتهم جيدا، ربما الميزة الجيدة في هذا العمل هى تفاصيل الحياة في بيروت بعد الحرب والأحداث، مناظر البيوت والأحياء القديمة، الحياة اليومية العادية، ومشاكل المغتربين،وأماكن سكنهم غير الصحية، وظروف العمل بلا تصاريح.
(مريم أبو عوف) المخرجة تغلبت على مشكلة السيناريو بالصورة والتقاط التفاصيل في الكادر والشخصيات، لديها قدرة أن تجعل عقل وعين المشاهد في راحة نفسية محببة لمتابعة العمل، كما أنها تحول الشوارع العادية والأماكن إلى أشخاص تتنفس حياة، ولا تلجأ للسهل مما يجعلك تستمر في المشاهدة.
التتر رائع جدا بطريقة الجرافيك، اختيار رسوم تعبر عن العمل إلى حد كبير، الأغنية كلماتها رائعة:
(أنا باجري منى.. وباجري ورايا.. أنا باجري من حاجات.. قديمة جوايا.. باجري ومش شايف بكرة.. وعيني في قافيا.. اللي فات عمره ما مات.. احنا بس اللي بنموت.. أنا باجري والسنين .. بتجري معايا.. أنا بيني وبيني مسافات.. اتنين عن بعض غراب.. أنا بارسم متاهات.. تبعدني عن عنيا.. والقلب خواف.. مع كل خطوة دايما في حيرة) من غناء (أمير عيد).
منه شلبي أداء جيد وإن كنت أنتظر منها الكثير، إلا أن هناك تفاعل جيد بينها وبين (شيرين) التي تعتبر في دور رائع ومختلف، أجادت الدور الأم المدمنة للمهدئات، متقلبة المزاج والتي تحاول استعطاف ابنتها بالمرض حتى لا تتركها، (شيرين) تفوقت جدا بنضج فني كبير وفهم عميق للشخصية، (ميرفت أمين) القديرة روح حلوة، الفنان الموسيقار (نبيل علي ماهر) كان رائعا في الأداء الصامت والتعبير بحركات وجهه ونظراته وابتسامته.
(إياد نصار) في دور دكتور التاريخ الأرمل ويعيش مع ابنته المراهقة، تعبير جيد عن الشخصية بلغة الجسد ليبين ارتباكه، (عصام عمر) أعتقد انه سيكون قادر على اختيار أدوار مختلفة بعد بالطو، قدم دور (أيمن) المغترب، لكن الذي لم أستطع استيعابه هو اختيار الفنان (صالح البكري)، ولكي أكون منصفة أنا لم أشاهد له أي عمل من قبل، لكنه هنا في هذا العمل لم يقدم أداءا جيدا، بل أداء بوجه ثابت، ومحاولة باهتة أن يكون (دنجوان) رومانسي، لهجته كانت صعبة الفهم أحيانا، (رزان جمال) ضيفة شرف كزوجة له تكشف خيانته لشريفة، وذلك من خلال مشهد العشاء الذي حضرت له (ديما)، وهو الدور الذي تقدمه (عايدة الكاشف)، والتي بدورها تعاني مشاكل نفسية بسبب تحكم والدتها.
في الحلقة 11 و12 تحركت الأحداث قليلا، من خلال مراقبة المحامي و(أيمن)، ومساعدة خالد لشريفة تقرب بينهم، ربما كان بحث (شريفة) عن الشنطة هو محاولة إيجاد ذاتها بعد الجري أغلب الوقت بين والديها، فوالدها متزوج من أخرى، يعيش في عالم خاص به، الفنان (إيهاب أيوب) قدم دور (عز)، أعتقد أن أيه موهبة فنية كبيرة تحتاج من يكتشفها في أعمال أخرى، خاصة إذا كان لديه حس كوميدي.
ربما يختلف الرأي في الحلقة الأخيرة، وتتحرك الأحداث للأفضل، وأجد ميزة جيدة للعمل، فهو عمل هادىء، إذا كنت تريد مشاهدة بلا توتر