بقلم الإعلامي: علي عبد الرحمن
شاهدنا جميعا ومعنا الناطقون بالعربيه في أرجاء الأرض، والمصريون المغتربون بالخارج، وأحباء مصر وأشقائها وداعموها مابثه الإعلام المصري في رمضان وماقبل رمضان من محتوي برامجي تافه، فارغ، بلا هدف أو رسالة، اللهم إلا بث الفتن، وتأليب الضمائر، وخراب البيوت، والفضائح الشخصية، ما تشغل قضاياه أروقة المحاكم عام كامل من خصومات ورد للحقوق.
ولست أدري أين المخططون وصناع المحتوى مما بثته الشاشات المصرية دون وعي أو مراجعة أو تحديد لهدف قومي، أو دراية برد فعل من يشاهد هذا المحتوي الهابط، ويتساءل الكل: مالهدف مما تم بثه؟، ولصالح من تم البث؟، وأي هدف سعت خلفه الشاشات؟، وأي رسالة تم الإنفاق الباهظ عليها من أجل إيصالها للرأي العام؟، وأين جهات التنظيم والإشراف على هذا المحتوي؟.
وشاهدنا جميعا هذا الكم من الإنفاق الباهظ أيضا على كم الإعلانات الراقصه التي لاتحترم وقار الشهر الكريم!، ولا تقدر تضرع الصائمون لربهم الغفور الودود، ولا تعر اهتماما لظروف المصريين الاقتصادية، وشاهد الجميع أيضا إعلانات الجمعيات والمستشفيات الخيريه المتاجرة بآلام وظروف الفقراء من أهل مصر، وشاهدوا أيضا دراما الخيانة والقتل والتآمر وتجارة السلاح وغيرها من لقطات الخلاعة والعري وما لايتفق مع اخلاق المصريين ولا الشهر الكريم.
وأساء كل ذلك لأعراف الشهر الفضيل وطبائع الشعب الكريم بل وإلي سمعة مصر الوطن الأغلي وأحرج مغتربيها أمام سكان البلاد الأخري المقيمون فيها، وقدم كل ذلك مجتمعا مغايرا تماما لمجتمعنا الطيب البسيط المتدين المتسامح، وأفقد مصر تنافس محتواها وجودته وملائمته لتاريخ مصر في إعلام المحتوي الجيد الرائد، ولم تفقد مصر مصدرا من مصادر قواها الناعمة وهو الإعلام فقط،بل ومن قبله تسبب هذا الإعلام وغيره من تقاعس المؤسسات والمسئولين في ضياع مصادر أخرى من روافد قوي مصر الناعمة، مثل: فدولة الكتاب والطباعة والنشر ذهبت بعيدا عن أم الدنيا وضاع مثقفينا وتوقفت مطابعنا وتاهت مواهبنا في ظل رقص الإعلام وأزيائه وطبخه وأحلامه وملاسناته، ودولة التلاوه خرجت إلى أشقائنا في الخليج وسط برامج الغناء والتمثيل والتفاهات ونسينا أصوات المقرئين الموهوبين، وضاعت دولة الغناء عندما تم احتكار مطربينا بأموال طائله وسيارات فارهة وتم وأدهم لصالح أصوات شامية وخليجية شقيقة، وخرجنا من مضمار الترفيه حيث احتلته دولا خليجيه شقيقة.
وهربت دولة الدراما لدول عربيه وغير عربية، وبعدنا كثيرا عن محتوي الترفيه والمسابقات ومحتوي الأطفال والثقافة والدين واعتلته دولا شامية وخليجيه، وتركنا دولة التداوي والتشافي والمعافاة لدولة شامية شقيقة، وفرط منا عقد التعليم لدولتان خليجيتان شقيقتان، حتي دولة الحوكمة والإداره الرشيدة ذهبت لإمارة خليجيه شقيقة، وتضاءلت لهجتنا بين لهجات المغرب والمشرق، وقل ارتباط الكوادر والمسئولين وأولياء العهود بأم الدنيا، وضعف الولاء لهم، وتطاول من تطاول وتعاظم من تعاظم على حساب دور مصر ونفوذها، حتي مدارس الري وبعثات الأزهر والكنيسه قلت أخبارها وآثارها واستباح سمعة مصر من استباح.
ورغم كل ذلك لم نسمع عن حراك استراتيجي قومي لتقييم تراجع مصادر قوي مصر الناعمه، ولم نري لجنة متخصصه مخلصه تدعم سلوكا يعالج هذا التراجع، ولم تظهر خطة قومية متعددة المحاور لتعظيم روافد قوتنا الناعمة، ولم نر صحوة لأهل الإعلام من خلال خطة قوميه ومحتوى هادف وتدريب وتسويق وأحداث ترد لمصر قوتها الناعمه المتراجعة.
أليس هذا الأمر بالخطير في تداعياته لكي يكون نسيا منسيا، أين أهل هذه الروافد من مؤسسات ومسئولين وخبراء، وإلى متى نظل في تراجع وفقدان لتأثير هذه القوي الناعمة وما يعوقنا في استردادها؟، وماذا ننتظر حتي نلتفت إليها؟، وكيف كان يتعامل سابقونا في هذا الملف الذي جعل لمصر أثرا وتأثيرا ووقارا وولاءا وشيوع لهجة وفنون وثقافات وعادات وأمثال وبقاع مصريه لدى كل الأشقاء والأصدقاء.
فلنلحق بركب قوانا الناعمة، وليعود لمصر أثرها وتأثيرها وحبها وولائها وللهجتها شيوعها وانتشارها ولثقافتها وسبقها وريادتها علي ماكانت عليه وأفضل، فالأدوات الآن أفضل وأسرع، والحاجة الأن أكبر، والمنافسة الآن أشد، وطموح مصر وأهلها وتسارع أحلامها أوقع أن تصعد قواها الناعمة صعود تحولها وتغيرها وتنميتها وبنائها.
كل عام ومصر وأهلها وقواها الناعمه بخير، حمي الله مصرنا وأعلى صوتها وأوغل تأثيرها وأكثر محبيها وتحيا دوما مصر أما للدنيا وأبا لكل إبداع وريادة آمين.