(المداح، وجعفر العمدة، والأجهر، وسخية، ونادرة).. دراما لا تعبر عن المجتمع المصري!
كتب : أحمد السماحي
يأتي شهر رمضان وتأتي معه وجبة تفوق طاقة المتابعة، من الأعمال الدرامية التي يتم الاستعداد لها منذ زمن لما تحظى به من جذب جماهيري كبير، والمتابع للمارثون الرمضاني الحالي الذي أوشك على الانتهاء يجد أنه يعج بنماذج كثيرة منحرفة ومشوهة، في الوقت الذي شهد العالم العربي في السنوات العشر الأخيرة أحداث رهيبة، وحروب، ومآسي، وزلزال، وثورات، وأحداث دموية، ومآسي لا أظن أن الإنسانية عرفت أبشع منها في تاريخها الحديث، كما شهد أيضا أعمال بطولية قرأنا وسمعنا عنها سواء على الصعيد الفردي أو الصعيد الجماعي، والسؤال ما الذي فعله الفن المصري أو حتى العربي لتسجيل كل ما شهدناه أو للتعبير عنه كي يكون حقا فنا معاصرا وليستحق أن يكون فنا إنسانيا ينبض بالدم، لا شيئ ! باستثناء بعض الأعمال الوطنية التى قدمتها مصر مؤخرا، والسؤال الثاني: هل استطاعت الدراما المصرية أن تعبر بحق عن الواقع، أم أنها صنعت واقعا خاصا بها وسعت إلى تكريسه وفرضه على المشاهد؟
المداح وجعفر والأجهر
السؤال الثالث هل الشخصيات المقدمة في الدراما المصرية في المارثون الرمضاني الحالي تعبر عن ما يراه المشاهد حوله في الشارع والعمل والمنزل، أم أنها مجرد حواديت عن (جعفر العمدة) المرابي الأشبه بالبلطجي الذي يبحث عن ابنه الذي تم اختطافه منذ 19 عاما من حضن والدته وهو رضيع، ودجل وشعوذة (صابر المداح) وعلاقاته بالجنيات المهوسات بحبه، وتهريب (مصطفى الأجهر) للذهب، وتصديه للعصابات المصرية والدولية، والبحث عن أشقائه الذين تاهوا منه وهو طفل، وانتقام (سخية) من الذين ظلموها وغدروا بها واعتدوا على شرفها وهى فقيرة، وتصدي (نادرة) لجبروت عبدالجبار وأولاده الفاسدين! وغيرها من النماذج التى نشاهدها فقط على الشاشات؟!
هل القضايا التي يتم تناولها في الدراما المصرية الحالية تعكس اهتمامات الناس وما يشغل بالهم، سواء في بعدها التاريخي أو أحداثها الآنية، أم أن التجاذبات الحالية والهوى السياسي أقوى من المعايير المهنية والأمانة التاريخية؟ هل الدراما العربية ما زالت لها القدرة على الاحتفاظ بالمشاهد العربي وحمايته من الاختطاف إلى غيرها أو يصبح كالأيتام على موائد اللئام – المنصات العالمية؟ – أم أن القضية لا تتعدى ملء ساعات البث؟!
في تقديري أن الدراما المصرية، رغم تجربتها العريضة ما زالت خاصة في العشرين عاما الأخيرة تعاني وتدور في دائرة لم تستطع الفكاك منها، وهى فكرة (الأشرار والطيبين) وبجوارهما بعض المشهيات الدرامية الأخرى، وإن اختلفت الصورة فإن الموضوع واحد والحالة كما هي.
وأتحدث هنا عن حالة عامة ومشهد تتغير فيه الشخوص والأدوات، لكن الفكرة ثابته والإبداع ما زال دون الطموح ودون المتاح، باستثناء عمل هنا أو هناك، وأنا لا أقصد أن تكون كل أعمالنا الدرامية من الواقع مليئة بالمآسي والحروب، ولكن أحلم بأعمال فنية فيها متعة عالية، وضحكة من القلب، ونموذج يحتذى به، أعمال فيها تفاصيل إنسانية بسيطة ومهمة، تتحدث مثلا عن رب أسرة موظف يعاني من حالة توحش في غلاء الأسعار من حوله، وتسانده زوجته بكل حب وحنو، وغيرها من الموضوعات الإنسانية الدافئة، التى تحترم عقلية المشاهد الذي أصبح لديه اطلاع على أحدث الإنتاجات العربية والعالمية.
الهرشة وتحت الوصاية
حتى لا يتهمني أحد بارتداء النظارة السوداء ويقول أن هناك أعمال جيدة لاينبغي غض الطرف عنها، نعم في أعمال جيدة هذا الموسم تحترامناها وأحببناها مثل (الهرشة السابعة، والكتيبة 101، وعلاقة مشروعة، وتحت الوصاية، ومذكرات زوج، وستهم، وجت سليمة، وكامل العدد، وجميلة)، لأنها أعمال متعوب عليها، وفيها جهد مبذول من كل فريق العمل، وقريبة منا، وبعضها يناقش قضايا معاصرة بكل حب ود، ودفء، وللحديث بقية عن هذه الأعمال.