بقلم: بهاء الدين يوسف
مشهد واحد في إحدى الحلقات الأولى من مسلسل (1000 حمدلله على السلامة) للنجمة يسرا رأيته بالصدفة شدني لمتابعة باقي حلقات المسلسل، ووجدت في الحلقات الأولى منه فكرة جديدة نسبيا مختلفة عما اعتادت الدراما المصرية تقديمه خلال شهر رمضان في السنوات الأخيرة.
تدور فكرة المسلسل حول (الدكتورة سميحة) التي قضت 25 عاما مهاجرة في كندا وأنجبت ولديها هناك، لكنها تعود الى مصر بعد وفاة زوجها للبحث عن الميراث الضخم الذي تركه في وصيته وطلب منها أن تتواصل مع أمه المقيمة في القاهرة للحصول عليه، وهو ما تقوم به بالفعل حيث تبدأ مع أولادها رحلة البحث عن الجدة التي لا يعرفون لها عنوانا أو رقم تليفون.
تصور الحلقات الأولى الصدمة الحضارية التي لحقت بالأم وولديها اللذين لم يريا مصر منذ ولادتهما من أحوال المجتمع المختلفة تماما عن تلك التي عاشوا فيها في كندا، مع تصوير أمين لتناقضات المجتمع والمصريين الذين يوجد بينهم شرفاء و (أولاد بلد) بالمعنى القديم للكلمة، مثلما يوجد فيهم النصابون والفهلوية وغيرهم مما ابتلي بهم مجتمعنا في العقود الماضية وربما منذ انفتاح السداح مداح وما نشره بيننا من قيم مختلة.
الفكرة كما قلت ثرية وتصنع قماشة درامية غنية بالأحداث والمفارقات، لكن المؤلف انجرف فيما يبدو إلى الثقافة التي أصبحت تسود الدراما الرمضانية في مصر مؤخرا وهى (الاستسهال)، وبدلا من التعمق في رصد التناقضات التي يعيشها المجتمع ومحاولة تحليلها من خلال مشاهد وحوارات عميقة المعنى والدلالات، اتجه إلى كوميديا (المسخرة) مع ظهور الممثلين محمد ثروت وشيماء سيف ليحول المسلسل الى ستاند آب كوميدي، ويتبارى الاثنان مع بضعة ممثلين ثانويين في استعراض مهاراتهم في الاستظراف بعيدا عن المسلسل وأحداثه التي تعرضت لحالة من (المط) المزعج وغير المبرر بهدف تكملة الحلقات الثلاثين، ولا أعرف في الحقيقة من أفتى بضرورة أن تكون حلقات المسلسلات الرمضانية 30 حلقة لا تنقص، حتى أصبح ذلك من السنن!
كذلك من سلبيات المسلسل إفساح المجال للحوارات المتدنية التي تسود بين بعض الشباب في السنوات الأخيرة بما تحتويه من مفردات غريبة وكذلك طريقة أغرب في النطق، وهو ارتداد حضاري مؤسف باعتبار أن أحد الأدوار المهمة للفن أن يرتقي بالذوق العام، وليس أن ينقل الذوق الفاسد إلى المشاهدين في المنازل.
من الحسنات القليلة للمسلسل ظهور وجوه جديدة مبشرة مثل ضابط الشرطة (حسام) الذي قدم أداء ذكرنا بالراحل ممدوح عبد العليم في بداياته، وهو وجه يعد بميلاد نجم جديد في سماء الدراما المصرية، أما أداء يسرا التلقائي وجودة تقمصها لشخصية (الدكتورة سميحة) فليس جديدا عليها ولا يمكن تصنيفه ضمن إيجابيات العمل.