بقلم: إسلام كمال
أتذكر الحوارات الاحترافية التى كان يجريها الإعلامى الاستثنائي (طارق حبيب) مع النجوم، وأحيانا كان يلجأ إلى مذيعات حسب فورمات البرامج الرمضانية التى كان يضعها بنفسه، وأغلبهن أصبحن نجمات بسبب شهرة برامجه، ومنهن حسبما أتذكر (ميرفت أمين وناهد ومنى جبر)، كانت أسئلة طارق حبيب مثيرة، والنجوم يحبونه ولذلك كان يقبلوا منه الكثير، بدون أى مقابل مادى طبعا، سوى المصلحة المشتركة في وجبة إعلامية تضيف للفنان الضيف، وتزيد من زخم حلقات طارق حبيب، التى كان يتابعها الرأى العام المصري والعربي باهتمام، فهو لتقريب الصورة للأجيال الجديدة، كان يضاهى شهرة (عمرو أديب ومنى الشاذلى وإسعاد يونس)، لكن ليس أحد فيهم أو في غيرهم مثله بالمرة!
تذكرت هذا العلامة الإعلامية المثقفة جدا والمبدعة للغاية، (أ.طارق حبيب)، وأنا أرى مدى الاضمحلال والانهيار المهنى والأخلاقي الذي يحاصرنا في كل القنوات تقريبا، وكأن برامج فضائح النجوم مدفوعة الثمن، أصبحت وجبة إجبارية في شهر العبادة، لدرجة الخوض في الأعراض وفضح الأسرار الشخصية والعملية، وكلما اقتنص المذيع أو المذيعة سرا أو أجبر الممثل على البوح بأمر ما مثير، خاصة إن هناك مقابل مادى متفق
عليه، كلما كان المذيع أو المذيعة مشهورة، وياسلام لو وصلنا للحظة إنهيار هيستري للنجم الضيف أو لحظات الانسحاب التى أصبحت اعتيادية جدا!
صاحبة السبق الأشهر في هذا الاتجاه المستورد من الخارج، كانت الإعلامية الشهيرة (منى الحسينى) في سلسلة برنامجها (حوار صريح جدا جدا)، لكن كانت الأجواء مهنية دونما ابتذال، فقط بعض الإثارة، حتى ارتبطت وجبة الإفطار لرمضانات عدة ببرنامج (الحسينى) قبلما تغرقنا برامج المقالب، وتحتل هذا الوقت الجماهيرى جدا، وكان من أوائل من يدفع للنجوم، (بابا المجال) طارق نور، الممصر الأشهر لكل الأفكار والفورماتات الإعلامية الشهيرة، فكان من أوائل من أبدع (الكاميرا الخفية) في مصر، وبعدها برامج النجوم المثيرة بكل أنواعها و(الست كومز)، وكان نور سببا رئيسيا في إشعال سوق أسرار وفضائح النجوم بالمقابل المالى والرعاة وخلافه، وهذا أمر جيد إعلاميا وإعلانيا، لأنه يجيد إدارة الشغلانة.
لكن غيره أساء لها بشكل كبير، فالقصة أصبحت مبتذلة بالفعل مع تناقل الفكرة من قناة لأخرى، واشتعل الصراع على أسرار النجوم، ولن أقول فضائح، رغم أنها في الغالب فضائخ!، أنقذنا الإعلامى اللبنانى الشهير (طونى خليفة) بإبداع من المخرج والمنتج اللبنانى (ميلاد أبى رعد)، من الغوص في مستنقع الابتذال، بوجبة إعلامية مثيرة باحترافية، من خلال عدة أشكال لبرامجه الرمضانية القوية، وكانت آخر تجارب القاهرة والناس مع التجارب الناجحة من خلال (شيخ الحارة والجريئة) التى قدمته المخرجة (إيناس الدغيدى) – وفق رأيي مع بعض التحفظات – وفوجئنا بانتشار برامج فضائح النجوم بين القنوات خلال السنوات الأخيرة، مثل برامج التوك شوز العامة والرياضية، فأصبحت لها مساحة ثابتة في رمضان في التوقيتات المميزة، وعمد لها أصحاب ورؤساء القنوات في زيادة شعبية القنوات.
وتزحزحت الخطوط الحمراء، حتى وصلت لمستويات غير مقبولة، ومنها ما هو واضح جدا في برنامج (شيخ الحارة)، الذي لا أعرف كيف اشترته (بسمة وهبة) ومنتجها من (القاهرة والناس) لتأخذه في قناة (المحور) تقريبا أو (النهار) لا أتذكر لعدم اهتمامي به وبها، خاصة إنها أحيانا تغير اسمه من (شيخ الحارة) لـ (شيخ شيوخ الحارة)، الذي اقتنص شهرته من قدرته على الوصول لأكبر قدر من فضائح النجوم، والذين تؤثر كثيرا خلفياتهم الاجتماعية والتعليمية على مسار الحوار وقيمة الأسرار، وتحولنا من الأسئلة الفلسفية البسيطة الممتعة من زمن طارق حبيب، إلى أسرار الخناقات وفضائح النسب وبلاغات البوليس في زمن بسمة وهبي!
هناك أخريات حاولن تحقيق الشهرة السريعة على طريقة (بسمة) وغيرها لكنهن فشلن، رغم إنهن يعتبرن أنفسهن جميلات، ومنها الحالية في القاهرة والناس صاحبة برنامج (حبر سري)، اسمها (أسما إبراهيم) على ما أتذكر.. وقبلها أخرى لا أتذكرها بالمرة، ولم تعد التجربة، وهناك أسماء أخرى، أكثر شهرة واحتراف وإتزان، ولهن طابع مقبول أحيانا، ومنهن (وفاء الكيلاني وسمر يسرى ومنى عبد الوهاب وأميرة بدر)، وواضح جدا إن كلهن مذيعات، رغم إن الرجال كان أصل النسخ الناجحة والاحترافية من هذه البرامج، ولن ننسي (رغدة شلهوب) أيضا و(ياسمين عز) على ضعف برنامجيهما، رغم أنهما مميزين بالتركيز على النجوم البعيدة عن الشاشة وأرباب الصف الثانى، ولديهم بالطبع أسرار من نوع مختلف، يحبه الفضوليون!
الخطورة في أغلب هذه البرامج، أنها لا تضع عبارة (بلس 12) أو حتى (بلس 18)، لأنها تحوى الكثير من الأمور المبتذلة والمسفة، وللأسف من السهل أن تحصل على رعاة كثيرين بسبب نسب مشاهدات الفضوليين، في الوقت الذي لا تجد برامج مفيدة وتبصيرية رعاة لإنتاجه!.. أتصور لو استمر الأمر على هذا المنوال سنصل لحضيض إعلامى واجتماعى جديد، ولذا لزم التنويه، خاصة أن هناك أغلبية ترفض هذا الإسفاف، رغم لغة التريندات التى تجن الجميع.. أتمنى أن نعود للحوارات المحترمة المفيدة والمثيرة أيضا مع النجوم، لكن إثارة مقبولة بلا تجاوز أو إسفاف، فهل هذا صعب؟!