كتب: أحمد السماحي
يعتبر شهر رمضان من شهور (الفرجة) المكثفة سواء للبرامج أو المسلسلات، حيث ينتظر جمهورنا البسيط المتعطش للفن هذا الشهر للتفرغ أولا للعبادة، ثانيا لمشاهدة برامج وأعمال فنية تخرجه من ضغوط الحياة اليومية وهمومها التى أفسدت حياته، وأصبحت تحول بينه وبين المتعة اليومية.
وفي السنوات الأخيرة ونظرا للتكلفة الإنتاجية العالية للبرامج الفنية ابتعد أصحاب القنوات عن تقديم هذه البرامج واكتفوا ببيع ساعات لمحبي الشهرة والنجومية!، وتقلصت برامج المنوعات والترفيه، واقتصرت في السنوات الأخيرة في الفضائيات على برنامجين للنميمة هما (حبر سري، والعرافة)، والحقيقة أن كلاهما يعمل على توصيل رسائل هامشية تافة وذات مضمون يكرس للإسفاف، حيث يعملان على التسطيح والاستخفاف بوعي المشاهد خاصة من الأطفال والشباب وشغلهم بأمور ثانوية تافهة تعمل على التلاعب بعقول هؤلاء الساذجين مستغلين أمية معظمهم التعليمية والثقافية، حيث ينقاد هؤلاء البسطاء إلى المعلومات والأنماط الثقافية المقدمة عبر الفضائيات دون مناقشة.
وإذا كانت مقدمة برنامج (حبر سري) من هاويات الشهرة، وهبطت علينا ببارشوت مالي ضخم لا أحد يعرف مصدره!، ظهر بوضوح من خلال استضافتها لكبار نجوم مصر والعالم العربي الذين يتقاضون مبالغ مالية ضخمة، والتى نجحت في جذبهم للظهور في برنامجها الذي تنتجه بنفسها وبمالها، فالإعلامية (بسمة وهبة) مقدمة برامج صاحبة تاريخ إعلامي مشرف، قدمت العديد من البرامج المتميزة التى حاورت فيها أكبر النجوم، وناقشت العديد من القضايا المهمة التى تشهد بكفاءاتها المهنية وموهبتها الإعلامية التى لا تبارى.
لكني ومن خلال متابعتي لسنوات لبرنامجها (العرافة) ومن قبله (شيخ الحارة) أريد أن أهمس في أذنها بهمسة عتاب تتلخص في سؤال وهو: لماذا الإصرار على هذه النوعية من برامج النميمة التى قتلت بحثا ونفذ رصيدها في موسم مشاهدة ضخم؟!، أليس الأجدر بك يا سيدتي إلقاء الضوء على فنان غائب عن الأضواء أو نجم صاحب تاريخ يعاني من الإهمال، منزو في منزله بعيدا عن القيل والقال، أو مناقشة قضية فنية مهمة من القضايا الفنية التى تشغل بال كثيرين وتهدد صناعة الفن في مصرنا الحبيبة.
ماذا سيستفيد الجمهور سيدتي من حواديت رانيا يوسف مع أزواجها، أو الاعترافات النارية لسعد الصغير، أو مفاجآت لوسي، أوالاحتفال بمؤدي المهرجانات شاكوش وزوجته، أومعايرة حمو بيكا لزميله عمر كمال وفضحه لحسن شاكوش، وغيرها من النماذج المشوهة التى قمت باستضافتها خلال النصف الأول من رمضان، مع العلم أن كل شخص من هؤلاء الذين أساءوا للفن تم استضافته على حلقتين.
ولم يقدم أي منهم في حلقته قيمة أوهدف نبيل أومضمون، أو يمتعنا بشدوه العذب! سيدتي الإعلامية المخضرمة لا يغرنك كثرة المشاهدات بالملايين التى فرحتي بها، لأنها مشاهدات على حساب القيمة والأخلاق، وبدعايتنا لهؤلاء الغربان نحبب دون أن ندري الشاب الغض الأغر فيهم، ونؤكد لهم نجوميتهم التى حصلوا عليها في غفلة من الزمن، والتى لن تستمر طويلا، لأنه لا يصح إلا الصحيح!.
سيدتي الفاضلة ذكرتي في البرنامج في حلقة الإعلامي تامر أمين، إنك تنوين الاعتزال خلال عام، لأنك (تعبت والشغلانة بقيت صعبة) فرجاء ألا تعتزلي وآخر برنامج لك كان مع (حمو بيكا وشاكوش، وسعد الصغير) وغيرهم، نتمنى إلا تنهي مشوارك بهذا التردي الإعلامي لأنك قيمة حقيقية في حياتنا الإعلامية، وننتظر منك الكثير خلال السنوات القادمة مع نجوم يحملون التاريخ المشرف والأصالة الفنية، ومناقشتك لأهم القضايا الفنية والإجتماعية المهمة.
ما يحدث في شهر رمضان هذه الأيام والمتعلق ببرامج النميمة هذه جعلتنا نترحم على برامج رمضان في التليفزيون المصري مثل (من الألف إلى الياء أو دوري النجوم) للإعلامي الكبير طارق حبيب، أو (يا تليفزيون يا) لرمسيس، أو (حكاوي القهاوي) لسامية الأتربي، أو (حوار صريح جدا جدا) لمنى الحسيني، أو (كلام من دهب) لطارق علام، وغيرها من البرامج الترفيهية التى كانت تؤكد على مبدأ الفن في سبيل الحياة، بدلا من الفن من أجل الإسفاف والربح السريع.