كتب : أحمد السماحي
هناك أعمال يحس الصحفي منا عندما يريد الكتابة عنها أنه بحاجة إلى أن يقول للقارئ أنا أعرف أنك لا يمكن أن تصدقني!، لذلك فأنا أنصحك بأن تذهب وترى بنفسك!، ولعل مسلسل (إكس لانس) قصة وسيناريو وحوار ورشة ( بلاك هورس)، إخراج إبرام نشأت، وبطولة (محمد سعد، شيرين، سامي مغاوري، ويزو، حسام داغر، جيهان خليل) وغيرهم، هو من هذه النوعية الخاصة جدا من الأعمال التى يجب أن تراها كي تصدق عينيك، فمن غير المعقول أبدا ونحن في عام 2023 أن يكتب سيناريو – إذا كان موجودا أصلا؟! – يروي أحداثا بالصورة التى هى عليه في المسلسل، ومن غير المعقول أن تتصرف الشخصيات وأن تتكلم وأن تتحرك بالصورة التى هى عليها أيضا.
ومن المستحيل أن يفكر مخرج في أن يصنع عملا من سيناريو كهذا، وأن يلجأ إلى نجم يحصل على الملايين من الجنيهات ليقوم ببطولة عمل كهذا، وأن يقف هذا المخرج وراء الكاميرا بكل هدوء ليصور العبث والسذاجة والتفاهة التى شاهدناها حتى الآن، وأعتقد أنها ستستمر على هذا المنوال خلال الحلقات القادمة!.
لأول مرة في حياتي المهنية أقف عاجزا لأحكي قصة مسلسل، لأنه في الحقيقة لا توجد قصة، ولكن مجموعة من الاسكتشات ثقيلة الظل يقوم بها (حناوي/ محمد سعد) المتزوج من (ليلى/ شيرين) وتعيش معه ابنته (سمر/ ويزو) وزوجها (مؤنس/ إبرام سمير) وأحفاده، وجميعهم يسكنون في عمارة مليئة بالنماذج البشرية المشوهه، والتى لا يمكن أن تصادف مثلها في عمارة واحدة!.
ومهمة (حناوي) الذي لا تعرفه لماذا يتحدث بهذه الطريقة كأنه (كركر أو بوحة أو اللمبي أو كتكوت)، ويمشي بشكل معوج يسبقه (كرشه)!، أن يظل موجودا في كل المشاهد،! دون مبرر ويتصرف تصرفات بلهاء لا يقرها عقل أو منطق، ويضرب ويسب ويسخر كل من يقابله!.
وهذا الـ (حناوي) لديه وكالة حقيرة في مكان أحقر لا تعرف هل هى لتصليح سيارات أم لغسل سيارات أم لبيع إكسسوارات سيارات لا تدري؟!، فحتى الآن لا نعرف ماذا يعمل (حناوي) بالضبط غير أنه رئيس اتحاد الملاك في العمارة التى يسكن فيها، ويجلس على كرسي أمام الوكالة التى يملكها والتى لا تعود عليه بأي دخل!، يبث (أفيهاته) السمجة، ويستقبل بعض الذين يمرون عليه ويوزع عليهم نكاته التى لا تضحك أحد سواه.
وعندما يحضر صديق الطفولة (محروس/ سامي مغاوري) يدعي في البداية أنه لا يعرفه وعندما يذكره (حسن/ حسام داغر) الذي يعمل لديه أنه يوجد صورة تجمعهما معلقة على حائط الوكالة يقوم بمعانقته!، ومهمة (محروس) حتى الآن ونحن في الحلقة 11 أن يسمع مغامرات وإفيهات (حناوي أو الحاج إكس لانس)، ومن خلال الحلقات الـ (11) التى شاهدناها يحاول (محمد سعد) أن يكرر بعض (أفيهاته) التى عفا عليها الزمن، والتى جربها وخبرها في أفلامه السابقة التى فشل كثير منها، واضعا كل طموحه أن ينجح في انتزاع الضحكات!.
والحقيقة أنه فشل في أن يجعلنا نضحك، ولكنه نجح في أن يجعلنا نسخر منه من خلال حواره السمج بعيد كل البعد عن الأداء الكوميدي الذي عودنا عليه نجوم الكوميديا الكبار الذين كانوا يدفعونك إلى الضحك بقدراتهم الشخصية الراقية وباستخلاص عناصر الكوميديا من الموقف نفسه.
لكن مع (محمد سعد) تشعر بالاشمئزاز على تقل الدم، وتشعر أنه لا يوجد مخرج ولا نجوم، الكل مسخر لخدمة هذا النجم الذي نفذ رصيده عند الجمهور، حقيقي لا أملك إلا الرثاء على ممثل موهوب أضاع موهبته في كلام فارغ وتافه بلا مضمون، كنت أراهن عليه هذا العام وكنت أظنه قادرا على الخروج من المأزق الذي أوقع نفسه فيه بأنانيته الشديدة في تكرار النماذج المشوهه التى يقدمها منذ بدأ مشواره والتى أصبح سجينا لها، ولكن يبدو أن (الحفرة) التى وقع فيها هذه المرة كانت أعمق من كل توقعاته وتوقعاتنا.
كلمة أخيرة
لقد تصورت لبعض الوقت وأنا أتعذب فى مقعدي أثناء مشاهدتي لهذا (الإكس لانس) أنني أشاهد أسوأ مسلسل في حياة (محمد سعد)، ولكني عدت فتذكرت إنصافا للمسلسل إنني رأيت مسلسلات مصرية أسوأ منه، وكانت أيضا بطولة محمد سعد!، وإننا سنرى بالتأكيد ما هو أفدح ما دام أحد لا يخجل من التنافس على الإمعان فى الرداءة، بحيث يخطر لي أحيانا أن بعض مخرجينا ومنتجينا ونجومنا يدخلون فى مباراة سرية غير معلنة للحصول على جائزة ذهبية لأسوأ مسلسل أو فيلم أو مسرحية!.