رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(الكبير أوي).. فشل زريع في معادلة الكوميديا الرمضانية

كتب: محمد حبوشة

امتاز الإنسان على مدار تاريخه على هذه الأرض بحسه الفكاهي، وبعد أن كان يلقي النكات والطرائف بين الأقران شفهيا، بدأ يسجلها في كتب بعد أن ظهرت الكتابة والتدوين، وشرع الإنسان في كتابة الأعمال الأدبية البسيطة التي تحتوي على الكثير من الطرائف والأحداث، وكذلك ابتكر العديد من الشخصيات التي عرفت بحسها الفكاهي أمثال (جحا وعلي بابا) وغيرها من الشخصيات الأدبية الخيالية الطريفة إلى أن تطور الأمر شيئا فشيئا إلى أن ظهرت الأعمال المسرحية والتلفزيونية وغيرها والتي تتناول خلالها فن الكوميديا.

ولا شك أن للكوميديا دورها الاجتماعي والفكري، فكل ما ذكر سابقا ما هو إلا محاولات في إطار تطور هذا الفن، ذي الأصل اليوناني، والذي يمكن رصد تأثيره في شكل حديث بدأه شكسبير، حيث قدم صنفا من الكوميديا الرومانسية إلى جانب تراجيدياته الشهيرة، وبرع شكسبير في إضفاء لمسة مرحة في معظم أعماله الكوميدية، التي برعت في تصوير الواقع، وما فيه من صراعات داخلية وخارجية، حيث كان يميل إلى التركيز على المواقف لا على الشخصيات، وهو ملمح شكسبيري فصل بين الموقف والشخصية التي تؤديها، فعندما تقع الشخصية في محنة، كان الهدف في النهاية هو إضحاك الجمهور، كما ركز على حبكة مركبة، ومال إلى استخدام كافة الأساليب الكوميدية، كالتلاعب اللفظي والدعابات، من أجل تمرير الفكرة التي يدور حولها العرض.

رحمة أحمد.. تشنج في الأداء لايفضي إلى الضحك

ولعل شيئا من هذا القبيل لم نجده في مسلسل (الكبير أوي) في جزئه السابع في موسم رمضان الحالي، فبعد غياب سنوات، عاد النجم أحمد مكي لمسلسل (الكبير أوي) العام الماضي، وهو العمل الذي حقق نجاحا ضخما أكبر حتى من توقعات صانعيه، وضخ إلى الجمهور وصناعة الدراما نجوما جددا، على رأسهم (رحمة أحمد وحاتم صلاح ومصطفى غريب)، لهذا كان أكثر الأعمال الكوميدية انتظارا هذا الموسم الرمضاني، ومع بداية عرض حلقات الموسم الحالي نال المسلسل العديد من التعليقات السلبية، بسبب عدم وجود حبكة درامية متماسكة، وتحول العمل إلى مجموعة من المقاطع (الاسكتشات) المكررة والمستنسخة من الموسم السابق، إضافة إلى المبالغة في الكوميديا التي تقدمها (رحمة أحمد) في دور (مربوحة)، عبر أداء مفتعل وصوت مرتفع وحركات غير مناسبة لطبيعة العمل ولا تخدمه، وأداء فاتر ومكرر من جانب أحمد مكي بطل العمل.

ومع زيادة الهجوم على البطلة ومن ثم العمل، زعم بعض الفنانين أن ما يحدث هو جراء اللجان الإلكترونية مدفوعة الأجر، في إشارة إلى استهداف العمل من جهات لا تريد له النجاح وتكرار ما تحقق له العام الماضي، وهو أمر مخالف للواقع، فلم نلحظ أية مواقف كوميدية تبعث على الضحك، طبقا لمفهوم الكوميديا التي تعرف على أنها نوع من أنواع الدراما، أو شكل مختلف من أشكال الفن، وهدفه الأساسي هو التسلية، حسب تعريف المفاهيم الحديثة، وتعد الكوميديا هي النقيض للمأساة، ومن جهة أخرى نقيضا للهزل (المهزلة) التي حدثت طوال 8 حلقات من العبث والإفيهات الفردية السخيفة التي لا تضحك بقدر ما تثير الدهشة والغرابة تجاه صناع هذا العمل الذي غرق في دائرة الفشل المركب.

أحمد مكي .. أداء باهت وإيفهات سخيفة

هناك من يصنف الكوميديا كوسيلة ترفيه وهزل وسخرية، بينما يشير آخرون إلى أنها أبلغ تأثيرا لدى المتلقي، وأكثر قدرة على إحداث تغيير في المجتمع، وبالنظر إلى مسلسل (الكبير أوي) سنجد أنه ليس وسيلة ترفيه مصحوبة بالهزل والسخرية المفيدة التي تحدث نوعا من الإسقاط على الواقع المر الذي يعيشه الإنسان المصري الذي يعاني ظروفا معيشة تبعث على السخرية التي يتمتع بها المواطن المصري المعروف عنه أنه (ابن نكتة)، وهو الذي يقوم بتحويل كل همومه ومآسية إلى لوحات كوميدية تعتمد على فلسفة الضحك، وتوظيف السخرية في كل أموره الحياتية.

ومن هنا لابد أن يعترف صناع مسلسل (الكبير أوي) بالفشل في تحقيق أهدافهم وأن يكفوا عن اتهامات ساذجة لرواد التواصل الاجتماعي، فليس ثمة لجان إلكترونية يمكنها أن تزيف الواقع الذي يثبت فشل التجربة، وأن المسلسل لم يبعث على الضحك النابع من القلب عبر هذا الصراخ والأداء (الأوفر) من جانب الممثلة (رحمة أحمد) التي عمدت إلى أداء مفتعل وحركات هيستريا لا تمت للكوميديا من قريب أو بعيد، بل تجنح نحو التقزز والاستفزاز، فرحمة بنا يا (رحمة)، فعلا أداؤك مبالغ فيه، ولم ينتزع لحظة ضحك واحدة يمكن أن يعول عليها الجمهور!

الكوميديا يا (رحمة) الكوميديا فن راق له أسس وقواعد خاصة، وأسلوب مرن لإيصال فكرة أو رسالة ما للمتلقي من خلال الفكاهة الهادفة، وفي الكوميديا مجال آخر يمنح إمكانية أوسع للنقد والحديث عن سلبيات المجتمع والناس، لذا فإن الكوميديا تعتبر فن النقد بالدرجة الأولى وليس تهريجا كما جاء في مسلسلك (الكبير أوي)، الكوميديا ضحك وجد، فكاهة ونقد، استمتاع وتفكير، والكثير من التناقضات معا لتكوين أسلوب آخر أكثر سلاسة وجاذبية لمخاطبة الناس، يبدأ بالضحك والفكاهة وينتهي بالتراجيديا أحيانا، والتفكير العميق في المشاكل والسلبيات.

ليس بالردح يتحقق الفعل الكوميدي يا رحمة

كما أن الكوميديا ليست ضحكا من البداية إلى النهاية، ليست ضحكا لمجرد الاستمتاع والتسلية فقط، ففي الكوميديا نضحك على حماقة بعض البشر وسلبياتهم، ولكن يمكن أن نكون نحن ضمن هؤلاء السلبيين، لذا ضحكنا في البداية يجب أن يجرنا إلى بكاء في النهاية عندما ندرك حجم حماقاتنا، لنعيد التفكير من جديد في سلبياتنا بهدف التغيير وتبديلها بما يجب أن يكون من إيجابيات، ومن ثم يصبح فن الكوميديا وسيلة وليس غاية.

وفوق هذا وذاك في الكوميديا الضحك وسيلة لإيصال فكرة أو رسالة، وليس غاية كما هو الحال في التهريج على طريقة (الكبير أوي) ، فالمهرجون الذين يسمون أنفسهم فنانين وسيلتهم الضحك وغايتهم الضحك، وأعمالهم تجارة بحيث يبيعون الضحك بالمال، والفن الراقي أبدا لا يمكن التعامل معه كتجارة، لأنه موجود أصلا ليكون جزءا من حياة الناس في المساحات الفكرية والثقافية، فالفن أصلا نشاط فكري وثقافي.. انتبهوا يرحمكم الله ويرحمنا من هذا العبث!!!

شخصيات باهتة وأداء مكرر
2 تعليقات
  1. د. حاتم ايمن يقول

    زريع ؟؟؟؟؟؟

    1. محمد حبوشة يقول

      كبير

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.