بقلم الشاعر الكبير: إبراهيم رضوان
عندما انصرف الحاج فاروق شقيق محمد منير الكبير وأستاذه و معه ابن خالته محمود.. استمعت أكثر من مره لأغنيتي:
الناس نامت إلاك
علي شريط كاسيت
من عادتي التي أعتبرها سيئه.. هى عدم إعجابي بكل ما يتم تنفيذه من أعمال خاصة بي، بعدها جلست مع منير لمدة ليالي طويلة واتفقنا على أن يكون لي بالألبوم 3 أغنيات فقط.. أسمع اللحن النوبي وأقوم بتركيب الأشعار عليه.. و أنا لا أحب هذه الطريقه التي كان يفعلها حسين السيد الذي لا أميل لكتاباته، لأنه كان يفعل ذلك مع عبد الوهاب.
لماذا كنت لا أميل لأغنيات حسين السيد، لأن حبي لمرسي جميل عزيز أخذني من معظم الشعراء باستثناء البعض مثل عبد الوهاب محمد، وعلي مهدي الذي كتب (فوق الشوك) و إسماعيل الحبروك الذي كتب (تخونوه)، و (إمام الصفطاوي) الذي كتب (عش الهوي المهجور).
المهم.. انتهيت من كتابة الأغاني التي اتفقنا عليها.. و يعلم الله مدي تعبي وإرهاقي في كتابتها.. أذكر جيدا أن إحدي الأغاني تسببت في خلاف بيني و بين (منير) بسبب تغييره لجملة:
مش دموع الباينة دي
دا عرق علي خدي
وصمم هو أن يغنيها بعد تغيير بسيط بها حيث يقول:
مش دموع الباينة دي
دا عرق خدي
نشرت الصحف نبأ ظهور الشريط الخاص بمنير، مع نشر اسمي مع الذين كتبوا الأغاني.. باركت لمنير و سألته:
فين أجري يا محمد؟، فأخبرني أن أجري سيدفعه لي (كمال علما).. صاحب شركة سونار للإنتاج الفني.. وزوج المطربة (حنان الشمس الجريئة).. وأنه أوصاه أن يعطيني أكبر أجر.. أي أكبر من بقية المؤلفين الذين شاركوني في كتابة الشريط.
ذهبت إلى (كمال علما)، وكانت المفاجأة: أبلغني أن لي بالشريط أغنية واحدة.. طلبت منه أن أستمع للعمل كله.. استمعت لكل الأغاني.. لأكتشف أن الأغاني الأخري التي كنت قد كتبتها له موجودة ..و لكن باسم شاعر ٱخر أصبح مشهورا بعد ذلك.. مكتوبة باسمه بعد أن تم تشويهها تماما.. رفضت أن آخذ مليما واحدا من (كمال علما)، وتفوهت من ضيقي و صدمتي بألفاظ لا أحب أن أعيدها ضد محمد منير.. و انصرفت لاعنا اللحظه التي وافقت فيها أن أكتب له.. لأننا كنا أصدقاء بمعني الكلمه قبل ذلك.
المفاجأه البشعه أن منير اتصل بي بعد عدة أيام ليعاتبني على كل الذي قلته عنه.. اتضح لي أن كمال علما أبلغه بكل شتائمي وأضاف عليها.. كل ما يتمني أن يقوله لمنير لأنهما علي خلاف مستمر ودائم.
انقطعت عن منير فترة طويله إلي أن اتصل بي ليسألني: عندك استعداد تتعامل معايا تاني؟، فقلت له: تاني و تالت يا منير.. احنا بيننا وبين بعض عيش وملح، واتفقنا علي أن نلتقي في شقته والتقينا واتفقنا على أغنيه بعنوان:
قلب الوطن مجروح
لا يحتمل أكتر
نهرب و فين هانروح
لما الهموم تكتر
نحمي غصون الورد
من دمع سال ع الخد
ٱه يا حبيبة الروح
قلب الوطن مجروح
…………………..
لو حتي قلبي تاه..
بين الشجن و الآه
يا اللي لقاكي حياة
انا حبي ليكي صلاة
يا مطيرة العصافير
رجع الهوي بالخير
لو قلبي عاد ضميه
اسقيه حنان و داديه
دا الصمت مش لينا
فين الولد ما يروح
لازم يعود أسمر
قلب الوطن مجروح
لت يحتمل أكتر
…………………..
لو تنطقي الموال
لازم يروق الحال
محتاجه ليا دراع
و شراع و راحة بال
محتاج إليكي نجوم
هايمة في حضن هلال
لو بحري نام أسقيه
صحيه و بوسي عنيه
ياما بكره يسقينا
خلي طريق البوح
يصبح طريق مرمر
قلب الوطن مجروح
لا يحتمل أكتر
قام الملحن الكبير مدحت الخولي بوضع لحن رائع لها، و افر منير إلي ألمانيا واتصل بي قبل عودته حتى أنتظره في شقته لنضع اللمسات الأخيره لقلب الوطن مجروح.
انتظرته في شقته وأنا أظن أو متأكد تماما أنه سيعود مختلفا في كل شي حتي في لون بشرته الأسمر، ودخل منير الشقه ليحتضنني و نجلس معا.. تأملت في وجهه كثيرا فوجدته بنفس سماره القديم.. وجوده فترة طويله في ألمانيا لم يغيره، فكتبت جمله قلت بعدها لمنير: مش عارف ليه يا منير فيه جملة خطرت في بالي دلوقتي.. بالنسبه للأغنية:
ايه هى
فين الولد ما يروح
لازم يعود أسمر
قلب الوطن مجروح
لا يحتمل أكتر
صرخ منير من الفرح و أبلغني أنه سيضيفها للأغنية، وفعلا قد كان.
قلت لمحمد منير أن المنتجين في غاية البخل، و أن معظمهم يحترفون النصب و أريده أن يعوضني من جيبه الخاص خصوصا أنه يغني أغنياتي في كل حفلاته و يقبض الٱلاف.
قال لي: أنت فنان عظيم يا أبو رضوي، المفروض تكون المادة دي آخر حاجه تفكر فيها.. عمري ما سمعت عن فنان بيدور علي الفلوس،..
ازاي يا محمد: هو أنا مش ورايا التزامات و زوجة و أولاد وغربه قذره في مدينه أقذر، و مع وسط أقذر و أقذر؟!
قال لي: يا راجل دا انا بسافر اسكندرية و في جيبي 100 جنيه.. بسافر بيهم و أشرب كل حاجه و اتعشي و ارجع ببقية المبلغ.
أفهمته أنه منير الذي يعرفه الجميع وأنا ابراهيم رضوان الشاعر الذي لا يعرفه أحد.
قال لي: المنتج هايعطيك 150 جنيه وهايخصم منهم الضرايب.
لا أدري لماذا قلت له:
150 جنيه.. هو أنا كاتب الأغنيه لكارم محمود.. ضحك منير و صممت علي رأيي، قلت له:
كده هاتخليني أحرم أكتبلك، قال لي بعصبيته: مش هاغني ليك.. إلا إذا كنت متفق معك علي المبلغ، فقلت له: عمري ما هاكتب ليك.. غير لما أكون قابض فلوسي مقدما.
تأزم الوضع بيننا، وظهرت الأغنيه و ما زال الجميع يعتبرها من أشهر أغنياته.
بعدها بفتره اتصل بي الملحن الصحفي محمد قابيل، الذي لحن لي عشرات الأغنيات، والذي أعتبره من أوفى أصدقائي، ليبلغني أنه سيصدر ألبوما خاصا بعيد الأم، وأن منير يريد أن تكتب له الأغنيه التي سيغنيها في وسط كل مطربي مصر.
اتصل بي منير وقال لي: شوف يابو رضوي.. مش عايز الأغنيه دي تزيد عن 3 دقايق.. كفايه عليا المدة دي و أنا هاطفيهم كلهم.. مدحت وعلي والحلو.. مش هاياخدوا مني أكتر من كده.
انتهي محمد قابيل من تلحين الأغنيه التي كانت بعنوان (لو راحل) والتي أقول فيها:
أنا راسمك.. جوه الوجدان..
و بقاسمك.. نبض الشريان
بإيديكي بنيتي و بنيانك..
يا أمي هو الإنسان
لو راحل يا سواحل خضره..
تنقشي علي قلبك مواويلي
يا أمي و تجيني الفكره..
من قبل مااقولها تقوليلي
…………………..
يا حبيبتي.. فاتح بوابتي..
ادخلي لحبيبك يا حبيبتي
سامحيني.. ياضي عيوني..
يا أمي وادعيلي في غيبتي
لو راحل يا سواحل خضرة
تنقشي علي قلبك موالي
يا أمي و تجيني الفكرة
من قبل ما اقولها تقوليلي
…………………..
في خليجك ..يا أمي وضوئي..
وف موجك قارب أشواقي
أنا شارب منك سنواتك..
و ما زلتي بتسقيني الباقي
لو راحل يا سواحل خضرة..
تنقشي على قلبك موالي
يا أمي و تجيني الفكرة..
من قبل ما اقولها تقوليلي
…………………..
أتكور.. عيل في كفوفك..
لو اغمض.. بالقلب أشوفك
أجري يا أمي وأرسملك..
قلبي العصفور على صفصافك
لو راحل يا سواحل خضرة..
تنقشي علي دمك موالي
يا أمي وتجيني الفكرة..
من قبل ما اقولها تقوليلي
…………………..
تجرحني الريح أهرب يمك..
اتداري في توبك وأضمك
بتشيلي همي.. يا أمي..
ولا يوم سيبتيني أشيل همك
لو راحل يا سواحل خضرة..
ترسمي عي دمك موالي
يا أمي وتجيني الفكرة..
من قبل ما اقولها تقوليلي
…………………..
بسفينتي..أرسي على شطوطك..
وأنام في حنان شجرة توتك
يا أمي وابني البيت وأعود..
علشان ارتاح في هدوء بيتك
لو راحل يا سواحل خضرة..
ترسمي على دمك موالي
يا أمي وتجيني الفكرة..
من قبل ما اقولها تقوليلي
…………………..
بتدور الدنيا القلابة..
وحنانك يصبح لبلابه
يحبي يا أمي في تكويني..
يحميني شر التغريبة
لو راحل يا سواحل خضرة..
ترسمي على دمك موالي
يا أمي وتجيني الفكرة..
من قبل ما اقولها تقوليلي.
طلب مني منير أن أتصل بكمال علما حتي أستأذنه في وضع الأغنيه في ألبوم عن الأم.
لماذا: لأن بيني و بينه عقد احتكار يمنعني من التعامل مع جهة أخري.. اتصلت بكمال علما واستأذنته أن يغني منير الأغنيه في شريط مشترك.. أخبرني بطريقة غير لائقة بالرفض، و قال لي عن منير ما لا يقال: هو الولد ده كل ما يعمل دماغ يطلعلي بحاجه جديدة.. وأخذ يسب و يلعن في منير.. وكانت فرصتي حتي أنتقم من كمال علما الذي أوقع بيني وبين منير قبل ذلك و أبلغه بكل ما قلته عن منير عندما اكتشفت أنه أعطي أغنيتتي لشاعر آخر ليشوهها بحجة أن أجري كبير.
اتصل بي منير ليسألني: عملت ايه مع كمال علما.. طبعا وافق.. صح
أخبرته بكل الشتائم التي قالها لي عنه، وأضفت إليها من عندي كل ما أريد أن أقوله عن منير.
تعصب منير جدا وطلب مني أن أغلق التليفون ليتصل بكمال علما ابن الكذا و الكذا.. ليقوم بتأديبه وفسخ العقد الذي بينهما، ونشرت الصحف بعد عدة أيام، أن محمد منير فسخ العقد الذي بينه و بين المنتج كمال علما، وتم وضع أغنيه أخري عن الأم لمني.
المفاجأة أن أغنية (دعوتي في الفجر يا امه) اكتسحت كل أغاني الشريط بما فيها أغنية منير.