بقلم: بهاء الدين يوسف
شاهدت في الأيام الماضية مسلسل أسباني على منصة نتفليكس عنوانه (الجانب الخطأ من الطريق) أو (Wrong Side of the Tracks)، وأعترف أنني فشلت في إيجاد التصنيف المناسب له وإن كان أقرب لمسلسلات الصابون الأمريكية في قالبه الدرامي رغم الاختلاف الكبير عنها في عدد الحلقات ومضمون الأحداث.
المسلسل الذي يعرض في 8 حلقات يحكي قصة رجل أسباني متقدم في السن يعيش في حي شعبي بالعاصمة مدريد يدعي (تيرسو)، وهو حاد الطباع مع كل من حوله حتى ابنه وابنته المتزوجة التي تبنت شابة من فيتنام، يقف الجد المتجهم دائما موقفا متشددا من علاقة حفيدته المتبناة مع نجل جارته القادمة من كولومبيا، والذي يتورط مع عصابة لترويج المخدرات بحثا عن الهيبة التي لا يجدها بسبب جنسيته غير الإسبانية.
ضمن الأحداث يظهر رجل أعمال يريد شراء كل العقارات في الحي وترحيل سكانه مستغلا انتشار عصابات تجارة المخدرات فيه، ويحاول خداع السكان عبر الإدعاء بأن لديه خطة لتطوير الحي وهو الشعار الذي يرفعه من يريد تحقيق الاستفادة المادية على حساب الناس والقيمة التاريخية للمكان، لكن (تيرسو) يتصدى له ويقنع صديقه مالك الحانة الوحيدة بعدم البيع كما يبدأ في اقناع أعداد من السكان بالبقاء.
يظهر في الأحداث أن رجل الأعمال هو الرجل الأول أو الرأس المدبر لكل عصابات المخدرات في الحي، كما إنه يوظف مجرمين لاختطاف الفتيات اليافعات، وتقديمهن لأصدقائه من كبار المسؤولين ورجال الأعمال في حفلات ماجنة لاغتصابهن ثم رميهن في الشارع مثل النفايات، وهكذا تتصاعد الاحداث حتى تنتهي بمقتل رجل الاعمال المجرم على يد مفتشة الشرطة التي أخفقت في الإيقاع به بالقانون.
يمكن القول إن المسلسل قدم قيما إيجابية مثل التصدي لثقافة معاداة المهاجرين المنتشرة في أغلب دول أوروبا حاليا، حيث يقول المسلسل عبر أبطاله أنهم مجموعة من المجتهدين الباحثين عن حقهم وحق أولادهم في حياة أفضل، كما حاول تفنيد فكرة العنصرية السائدة في المجتمع الأسباني ضد القادمين من دول أمريكا الجنوبية واعتبارهم خدما أو عبيدا للأسبان.
لكن في المقابل واصلت شبكة نتفليكس من خلال المسلسل تمرير ثقافة قبول المثلية الجنسية والتي تجسدت في علاقة بين أبنة تيرسو ومفتشة الشرطة قابلها الرجل قديم الطراز برفض وإنكار في البداية قبل أن يتسامح معها لاحقا بدعوى أنها حرية شخصية.
أسوا ما في المسلسل هو إيقاعه البطيء الذي يحتاج من المشاهد طاقة هائلة من الصبر لتحمل متابعة 45 دقيقة هى مدة كل حلقة بينما كان يمكن اختصارها إلى 30 دقيقة على الأكثر دون الإخلال بالسياق الدرامي للعمل، كذلك فشل السيناريو في تبرير وقوع زعيمة عصابة المخدرات في غرام الشاب الكولومبي لدرجة إنها تسمح له بالاستمرار في العصابة رغم اكتشافها إنه مخبر للشرطة وأنه يخونها، مثلما فشل في إقناع المشاهدين بسبب التحول المفاجئ وغير المبرر لمفتش الشرطة المفصول، من شخص منحرف قضى فترة سجن بسبب سلوكه المشين الى شخص نبيل يضحي بحياته من أجل إنقاذ الشاب الكولومبي بسبب أمه التي يحبها المفتش المفصول.