بقلم الإعلامية: هدى العجيمي
في الحلقة الماضية تحدثنا عن الأفلام التي أنتجتها مؤسسة السينما ونجحت في تقديم أعمال سينمائية جيدة إلى جانب الإنتاج السريع لأفلام أقل في المستوي الفني أطلق عليها اسم (أفلام حرف ب)، ويتابع الناقد الفني الأستاذ (سعد الدين توفيق) كتاباته النقدية حول تلك الفترة ليحاول أن يقدم لنا من وجهة نظره من ذائقة تلك الفترة قائمة بعناوين أحسن مائة فيلم مصري منذ إنشاء السينما المصرية، لكن على أي أساس اختيرت تلك الأفلام كأحسن إنتاج وأغفل الناقد بعض الأفلام التي حققت إيرادات ضحمة في شباك التذاكر لكنهم هنا اختاروا الأفلام التي تتميز بمستواها الفني قبل كل شيء، كما أنهم أغفلوا ذكر الأفلام المصرية التي أخرجها مخرجون أجانب مثل (لاشين) للمخرج الألماني فريتز كرامب، (وإسلاماه) للمخرج الأمريكي أندرو مارتون.
أما الأفلام التي اختيرت في قائمة أحسن مائة فيلم مصري منها (زينب).. قصة الدكتور محمد حسين هيكل وإخراج محمد كريم، (أولاد الذوات) قصة يوسف وهبي، إخراج محمد كريم، (الوردة البيضاء) قصة وإخراج محمد كريم، (عيون ساحرة) إخراج أحمد جلال، (نشيد الأمل) قصة أحمد رامي، إخراج آحمد بدرخان، (الحل الأخير) قصة سليمان نجيب، إخراج عبد الفتاح حسن، (سلامة في خير) قصة نجيب الريحاني، إخراج نيازي مصطفي، (يحيا الحب) قصة عباس علام وإخراج محمد كريم، (ليلة ممطرة) قصة يوسف وهبي وإخرتج توجو مزراحي، (الدكتور) قصة كمال سليم وإخراج نيازي مصطفي، (العزيمة) قصة وإخراج كمال سليم.
وهنا نتوقف أمام هذا الفيلم الذي يعتبر أول علامة على الفن الواقعي في مصر، ويعتبر الفيلم نقلة مهمة في تاريخ السينما المصرية، وكان اسمه في البداية هو (في الحارة) إلا أن المسئولين في (ستوديو مصر) لم يقدموا علي فيلم يصور الحارة الشعبية فأطلقوا عليه اسم (العزيمة)، ومن المعروف أن الفنان التقدمي كمال سليم توفي عام 1944 وكان في الثلاثين من عمره، وقد بدأ العمل في فيلم (العزيمة) عام 1938 وعرض عام 1939 وتدور أحداث الفيلم في حارة شعبية وبطل القصة هو (محمد أفندي حنفي)، ويقوم بالدور(حسين صدقي)، و كان هو الشاب الوحيد المتعلم في الحارة وكان والده هو الأسطي حنفي حلاق الحارة، وكانت أمنية الوالد أن يتعلم ابنه ويصبح موظفا حكوميا، وكانت الوظيفة الحكومية هى الأمل الذي يتطع إليه الشباب في ذلك الوقت لانها تضمن له مرتبا شهريا ومعاشا عندما يحال إلى التقاعد.
ولكن (محمد) لم يكن هذا هو طموحه بل كان يفضل أن يمارس العمل الحر وكان محمد يحب جارته فاطمة (فاطمة رشدي) ابنة صاحب الفرن، وفاطمة تبادله الحب وتنتظر لحظة تخرجه لينال وظيفة ثم يأتي ليطلب يدها ويتزوجا، لكنه عندما تخرج أنشأ مكتبا للاستيراد والتصدير بمشاركة زميله الذي لم ينجح في التعليم (أنور وجدي) الذي لم يكن جادا وأضاع الثروة التي تركها والده ليساعده في عمله الحر، فحدثت لمحمد صدمة كبيرة وعجز عن تسديد القروض التي كان والده قد أخذها لكي يتم (محمد) تعليمه إلا أن سكان الحارة كانوا متعاطفين معه وقاموا بتسديد الديون وإنقاذ المحل من البيع بالمزاد.
وعاد والد صديقه أنور وجدي من الخارج وعلم بما حدث وتوسط لمحمد في التعيين في أحد البنوك إلا أن ملفا مهما ضاع من مكتب (محمد) فاصدر مدير البنك قرارا بفصله من وظيفته، ولكن محمد أخفي على زوجته ذلك والتحق بالعمل في متجر كعامل يلف البضاعة، وعندما علمت (فاطمة) بذلك تركته وطلبت الطلاق وكادت تتزوج من غريمه (المعلم العتر) الذي كان يتودد إليها منذ زمن بعيد لولا أن محمد عاد إليها قبل عقد القران، وانتهت المعركة بفوز محمد وعودة فاطمة إليه.
أما سر تميز هذا الفيلم فهو الجو الشعبي الذي ظهر جليا بصورة واقعية ملفتة للنظر، فجاءت مشاهد الحارة نابضة بالحياة لأن الحارة عند كمال سليم لم تكن مجرد ديكور إنما هو يملأ خلفية الصورة ليقدم روح الحارة وجوها وملامح الشخصيات التي تعيش فيها بواقعية شديدة.