بقلم الإعلامي: علي عبد الرحمن
صناعة الميديا أصبحت مجالا واسعا للاستثمار ومضمارا للتنافس وفرصة لتسويق القوي الناعمه للدول ولهذا أصبحت صناعة يتم فيها ضخ الاستمارات من الحكومات والأفراد، وأصبحت التعددية والتنافس سبيلا للوصول لأهداف الدول والأفراد، بل إن الدول تدعم صناعة الميديا بكثير من الحوافز والتسهيلات ولدينا في ذلك أمثلة مثل دعم تركيا لصناعة الميديا والدراما بشكل خاص وكذا فعلت سوريا من قبل وفعلت ومازالت دبي والسعوديه وقطر وغيرها.
ولكل مماسبق نوافذ إعلاميه وإنتاج جيد ونفوذ ناعم متنامي، ولكن في مصر بعد عشرات السنين من تنافس شركات الإنتاج وجهات إنتاج الدوله والأفراد لتقديم منتج إعلامي تنافسي، وعند ذلك فقط قدمت صناعة الميديا في مصر أفضل مايمكن إنتاجه من برامج (دينية وأطفال وأسره وثقافية وفنية ومتخصصة وفوازير ومنوعات ووثائقيات ومسرح ودراما تاريخية ووطنية ودينية)، وبذلك استحوذت مصر على روافد وتأثير القوي المصرية الناعمة التي جعلت أجيال الوطن العربي تتحدث لهجة مصرية ويستقدمون معلمين مصريين ويحفظون الغناء المصري وينتظرون الفن المصري ويأتون شوقا لمصر ويحبونها إعجابا وولاءا.
ولكن وبعد سنوات التيه في مشهد الإعلام المصري الذي تعددت نوافذه وكثرت نفياته، وضعف محتواه، وقل تأثيره، وبعد يقظة كثير من الدول حولنا لدور الإعلام الجيد في سحب البساط من تحت أقدامنا في مجال القوة الناعمة، وبعد تفوقت دولا في مجال برامج المواهب وأخرى في المنوعات وثالثة في الوثائقيات ورابعة في الدراما وخامسة في مجال البرامج الثقافيه ولم يعد لنا إنتاج تنافسي، ولا برامج دينية عصرية ولا أية برامج أطفال أو ثقافية، واختفت دراما الدين والتاريخ وذهبت ريادتها لآخرين
وظهرت لدينا الشركة التي احتكرت كل الشاشات واحتكرت كل الإعلانات واحتكرت صناعة الأخبار واحتكرت فنون التوزيع، وعليه خرجت شركات مصرية كبيرة وكثيرة من سوق الإنتاج، وأغلقت شركات واستديوهات أبوابها، وأنهت شركات التصوير والمونتاج والتسويق والتوزيع علاقتها بالمشهد الإعلامي، وجلس أبناء الميديا وأعضاء النقابات الفنية على المقاهي انتظارا لدور أو نظرة عطف، واختفي المبدعون في كل مجالات صناعة الميديا احتراما لموهبتهم وانتظارا لما لايجئ!، وتسيدت الشركة المحتكرة تسند أعمالا لمن تشاء وتستبعد من تشاء في صناعات البرامج والجرافيك والدراما وفي مجالات التصوير والمونتاج وتأجير المعدات
وامتلأت المقاهي بالعاطلين من صناع الميديا واختفت لافتات شركات التصوير والمعدات والمونتاج والجرافيك وشركات الإنتاج، واختفي معها التنافس والتجويد وهاجر من هاجر وغير مجال عمله من غير ومات كمدا من لم يتحمل واختفي إنتاج برامج الأطفال والدين والشباب والثقافة والأسرة والبرامج المخصصه للفئات وأطراف الوطن، ثم جاء القرار بتغيير قيادات ومجلس إدارة الشركة المهيمنة على الإعلام والدراما ليبشر بفك الاحتكار وفتح الباب أمام ابناء المهنه للمشاركة في صناعة محتوى إعلامي تنافسي يلائم قيمة مصر وقامتها ويعيد إليها المسحوب من قوتها الناعمة، واستبشر أهل المهنه وانتظروا ما يتمنون.
وطال انتظارهم حتي اقترب رمضان وبدأ الاعلان عن دراماه وبرامجه، وامتلأت الشوارع والكباري والميادين بإعلانات (الآوت دور) لدراما وبرامج رمضان وتنوعت أسمائها وتنوعت نجومها، وتنوعت القنوات ولكن الكل في واحد، احتل اسم الشركه أعلي كل اللوحات من جهة اليمين علي كل شاشاتها On والحياة، وdmc، وcbc وغيره )ولم تظهر لافته لشركة إنتاج مصريه أخري،ولم نري لافته لقناة مصريه أخرى، ولم نري ممثلا آخر غير فريق الشركة، وأصبح (الكل حصري لها) ولاعزاء لشركات الدراما والبرامج والمعدات والمونتاج والجرافيك ولاعزاء لعشرات القنوات المصرية ولاعزاء لنحوم وإعلامي مصر ممن لم يسعده الحظ في أن يكون ضمن (فريق الشركة).
وتم قتل الإبداع ووأد المنافسة والقضاء علي التنوع، وحتي الحق الدستوري في العمل ونص الدستور على تشجيع المنافسة ومنع الاحتكار وحتي سعي البعض لدي الشركات والوزارات والهيئات للفوز بإعلان أو حملة إعلانية أو تنفيذ فيلم تسويقي أو إنتاج عمل برامجي أو درامي، أصبح هذا السعي جهدا ضائعا فلن يظفر أحد بشئ أمام الشركة سيدة المشهد (تملكا للقنوات، وللإنتاج، وللإعلانات، وللأخبار، وللبرامج، وحتي لوحات الشوارع).. رحم الله زمن التنافس والتنوع، ورحم الله زمن الإنتاج التنافسي المتنوع، ورحم الله زمن التسويق والتوزيع، ورحم الله زمن النجوم المتعددة، ورحم الله زمن نجوم الإعلام، ورحم الله زمن القوى الناعمة، ورحم الله صناعة الميديا لدينا، وهنيئا للشركة بكل شئ حتى إعلانات الطرق ولوحات الشوارع، ولأهل الميديا دعوات السماء أو مجال عمل آخر، وليصبح (الكل حصريا في المشهد المصري للشركة).
ولهذه الشركة نقول الوطن أمانة والكلمة شرف والإعلام مسئوليه، وإعلام مصر وفنها وقوتها الناعمة وأهل الميديا والفن أمانة في رقابكم، وتحيا دوما مصر، وكل عام وأنتم بخير ورمضان كريم والسلام.