بقلم الإعلامي: علي عبد الرحمن
تعد مدينة الإنتاج الإعلامي إحدي مصادر القوة الناعمة لمصر، ولقد تم تشغيلها في مطلع التسعينات من القرن الماضي لتكون حاضنة الإنتاج الإعلامي والدرامي وكمنطقة تصوير مفتوحه للإنتاج العالمي، وتعددت فلسفة إدارة المدينه بتعدد قيادتها مابين داعم لوظائفها التي أنشئت من أجلها وبين مقتصر على دوره في البث فقط وليس الإنتاج، وتعددت أيضا مدن الإنتاج ومناطق التصوير المفتوحة حولنا مثل مدينة دبي بمنطقة (جبل علي) والتي كانت مدينتنا بيت خبرة لها، وتعددت داخل منطقة مدينة دبي مدن أخرى متخصصة فواحدة للإنتاج الإعلامي وأخري للبث وثالثه للإنترنت، كما ظهرت أماكن التصوير المفتوحه في الأردن والمغرب.
وتجري الآن محاولات إنشاء مدينة الإنتاج بالكويت وأخرى بالسعودية، وستشتد المنافسة بين مدن الإنتاج العربية علي الاستحواذ على ستديوهات القنوات وستديوهات التصوير للأعمال الدرامية والبرامجية والإعلانية، وعلي الوسائل الرقميه ومقاراتها كإعلام جديد فرض نفسه وأصبح واقعا كما اشتد من قبل المنافسات بين الأقمار الصناعية العربية سواء (النايل سات، أو العرب سات، أو جلف سات، أو نورسات، أو سهيل سات) وغيرهم للاستحواذ علي خدمات بث القنوات الفضائيه علي قمرها.
ولأن مشكلتنا هنا في مجال المدن والأقمار أن أسعارنا غالية وإجراءاتنا معقدة وتسهيلاتنا قليلة وحوافزنا نادرة وتسويقنا بعافيه شوية، فإن هذه المدن والأقمار نشطت في سوق الميديا مؤثرة على مؤسساتنا الإعلاميه من مدن انتاج وأقمار، وحسنا فعل الوزير أحمد أنيس عندما أطلق القمر المصري 103 بتقنيات الجيل الرابع المتميز في مجال الانترنت وجودة البث المعروفة بإسم الـ HD والـ UHD إضافة الي إتساع نطاق التغطية، وحسنا فعل عبد الفتاح الجبالي رئيس مدينة الإنتاج بخبرته الصحفيه الإقتصاديه والتخطيطية وكذلك خبرته الإعلامية من خلال دوره في صياغة التشريعات الإعلاميه وعمله كوكيل للمجلس الأعلي لتنظيم الإعلام.
فالرجل نفض تراب الجمود عن المدينه وأسهمها وحققت المدينه أرباحا لأول مرة، وظهرت عليها ملامح العصرنه من خلال النظم التي تم العمل بها في الدخول والاستقبال والتسويق والتعامل مع الكيانات ذات الصلة، وكذلك عقد الاتفاقات والبروتوكولات مع جهات وجامعات وكليات ومعاهد للتواصل والتدريب، كما أطلق مركزا للتدريب بالمدينة وتغيرت الملامح داخلها بعد إعادة بناء وتجديد ديكورات مناطق التصوير المتخصصة بالمدينة، وأصبحت الاستديوهات مشغوله بأعمال رمضان ولقد جاب دولا حولنا تسويقا للمدينة، وأصبح فريق العمل بها نشطا ومتواصلا ومحبا للتطوير والتواجد الجيد في سوق الميديا.
ومازال أمام قيادة المدينة أحلاما كبيره في إطلاق ممشي الفنانين والإعلاميين خارج أسوارها، وكذا تحويل الأكاديميه إلى جامعة متخصصة في علوم الإعلام وتقنياته وإطلاق مركزا لصناعة الهوية وتنظيم سوق للإنتاج ومعرضا للمعدات وحدثا تنافسيا كالمهرجانات والمنتديات تنظمه مدينتنا، وكذا التوجه لدول حوض النيل بمهرجانا أو قناة لزيادة التواصل والترابط وتعظيم الدور المصري جنوبا، وأخيرا إطلاق وحدة للأفلام الوثائقية، وأخرى للإنتاج البرامجي الجيد العصري، وثالثه كوكالة إعلانات، وتقديم التسهيلات والخدمات والاستشارات جذبا لعملاء جدد وعوائد أكثر وتواجدا يليق بقيمة مصر وقامتها الرائدة.
ونحن في معرض إشادتنا وأمنياتنا لمؤسساتنا الإعلامية نعرج على دور بالغ الأهميه للدولة المصريه في مجال الميديا والفن تعيد لمصر ما تم سحبه من بساط القوي الناعمه في مجال الدراما الدينية والتاريخية والوطنية، وكذا برامج التثقيف والمنوعات الكبيرة القادره علي المنافسة والمناسبه لريادة إعلام مصر وخبرة كوادره، وكذا عودة الدعم للفيلم التسجيلي كفن راق تراجع في الفترات الأخيرة، كما يتطلب من دور الدولة دعم صناعة السينما والمسرح لاستعادة بريق الفن والإعلام المصري وسط هذه المنافسات الشديده المتصاعده حولنا.
كما أتمني أن يمتد دور الدوله – كما كان سابقا – في إمداد وسائل إعلام الدول العربيه والإسلاميه ذات الإمكانات الماديه المحدودة إمدادها بمنتجات إعلامية برامجية ودرامية وأرشيفيه بسعر رمزي أو بالمجان لدعم التواجد المصري واللهجة المصريه والقوة المصرية الناعمة.. نعم لابد من عودة دور الدوله لدعم الفن وصناعة الميديا، ولابد من لجنة قومية متخصصة، أو مجلسا أعلى لمراجعة أسباب تراجع القوة الناعمة، ودراسة محتوي المنافسين لنا والمحتوي الذي نبثه، ووضع خطة إنتاج قومية متنوعة تنفذ بحرفية تامة، ومراجعة التشابه والتسطيح والتقوقع في عالم الميديا والفن.
ويمكن أن يكون دور الدوله جزء من سيادي بدون عوائد وجزء آخر استثماري بعوائد ولدينا الرواد والخبراء والمعدات والأفكار.. إنها مصر وتلك قوتها الناعمة والتنافس حولنا يشتد وأعلامنا بعافية، فعلينا التحرك والدعم وتقديم محتوي تنافسي عصري، ونطلب حراكا تسويقيا لمؤسساتنا الاعلامية الرائدة.. وفق الله إعلامنا وسدد خطاه واعاد لنا ريادتنا وقوتنا وتحيا دوما مصر.