في ذكرى مرسي جميل عزيز نكشف عن أغنيته المجهولة لنجاة التى لحنها فريد الأطرش
كتب : أحمد السماحي
يعتبر شهر فبراير هو شهر ميلاد ورحيل الشاعر المبدع مرسي جميل عزيز (15 فبراير 1921- 9 فبراير 1980) الذي أثرى حياتنا بروائع غنائية لا تنسى، فكلماته كانت تتميز بالرشاقة المليئة بالشعر والموسيقى، مفعمة بالبهجة الراقصة، مليئة بالصور وخفة الدم.
وقد قال عنه كاتبنا المبدع الكبير يحيي حقي في كتابه (خطوات في النقد): (من الظلم ألا يدرس مرسي جميل عزيز كشاعر مرهف الحس، بارع الإشارات، حلو العبارة، يعني أشد العناية بوحدة الأغنية وضرورة احتوائها على معنى جديد، إنه يعبر عن الحب أدق تعبير، انظر إلى الفتاة في أغنياته تجد إنها تبث همها إلى أمها، فأحس من هذه المناجاة بطبيعة الشعب وأشجانه، إن مرسي جميل عزيز شديد الالتصاق بالشعب، وفي شعره ملامح فولكلورية كثيرة).
ومن الأغنيات المجهولة التى نزيح عنها الستار لأول مرة هذا الأسبوع في باب (حواديت الأغاني) أغنيته التى كتبها للسيدة (نجاة الصغيرة) ولحنها الموسيقار المبدع (فريد الأطرش)، والتى جاءت تحت عنوان (عايزاك يا حبيبي)، لهذه الأغنية قصة طريفة جدا، تعالوا نعود إلى الوراء حوالي 52 عاما لنعرف سر عدم خروجها للنور، رغم تلحينها وغناء نجاة لها؟!.
تعاونت صوت الحب (نجاة) مع معظم أساطين التلحين في جيلها ومن الأجيال السابقة لها، واللاحقة لها، بداية من الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب ومحمد القصبجي مرورا بـ (رياض السنباطي، زكريا أحمد، أحمد صدقي، محمود الشريف، محمد الموجي، كمال الطويل، بليغ حمدي، حلمي بكر، هاني شنوده) وصولا للأجيال التالية من الملحنيين مثل (سامي الحفناوي، وصلاح الشرنوبي).
ومن الملحنيين الذين لم تتعاون معهم عبر مشوارها رغم شهرته العريضة الموسيقار المبدع فريد الأطرش، الذي كان معجبا بلون نجاة الغنائي، ويصف صوتها بالصوت الحريري، وأنه يجد في صوتها أشياء لا تتوفر لغيره من الأصوات، كما كانت نجاة تعتبر ألحان (فريد) الشرقية لها ستكون إضافة لمشوارها، وجسرا جديدا إلى المزيد من التألق.
وفي عام 1966 كان من المقرر أن يتم التعاون بينهما في أغنية، ورغم استعداد الأثنين للعمل معا وسعادتهما بهذا اللقاء لكن بعض المقربين من (نجاة) بثوا الخوف في قلبها وزرعوا الشوك في طريقها إلى ألحان (فريد الأطرش)، ومرت الأيام والسنين، وفي عام 1971 اشتركت (نجاة، وفريد الأطرش) في مجموعة حفلات على مسرح (بيسين عالية) في لبنان، وعندما التقيا وراء الكواليس ذابت حواجز الجليد من حرارة التعاون، وقالت نجاة لفريد – كما جاء في مجلة الشبكة – : أنا نفسي!.
وقاطعها فريد قائلا: وأنا كمان نفسي!
وكان ما في نفس الاثنين أمر واحد أن تغني هى وأن يلحن هو، والحلم الذي ولد في بيروت تحقق في القاهرة، فبعد عودة (فريد الأطرش) اتصل بصديقه الشاعر الكبير (مرسي جميل عزيز)، وطلب منه كتابة أغنية تليق أن تكون باكورة التعاون بينهما، وبين (نجاة الصغيرة)، ورحب شاعرنا الكبير بهذا اللقاء وسعد به، وخلال أيام قليلة كان انتهى من كتابة أغنية بعنوان (عايزاك يا حبيبي).
وأعجب (فريد) بالكلمات وبدأ يلحنها، وفي شرفة شقته المطلة على النيل كانت للفنان سرحاته مع عرائس الوحي، وبعد أسبوعين انتهى من تلحين الأغنية، وكان طوال التلحين يتصل بالسيدة (نجاة) ويسمعها ما تم تلحينه.
ودخلت (نجاة) ستديو الإذاعة وسجلت الأغنية، وبعد انتهائها من التسجيل، إعترضت لجنة النصوص في الإذاعة على بعض كلمات الأغنية، حيث رأت فيها عاطفة ملتهبة، توحي بمعاني جنسية! ويومها ذكر فريد الأطرش لمحرر (الشبكة) إنه سوف يناقش اللجنة فيما اعترضت عليه، وسوف يعدل ما يستوجب التعديل!.
وبالفعل جلس الموسيقار الكبير مع أعضاء لجنة النصوص، لكنه وجد تعنت كبير من جانبهم، وفضل ترك الأمر بعض الوقت حتى تهدأ الأمور، لكن مرضه، وسفره واستقراره في لبنان، حال دون خروج الأغنية للنور.
والآن وبعد 52 عاما من كتابة وتلحين وغناء الأغنية، ننشر كلماتها التى اعترضت عليها لجنة النصوص في الإذاعة المصرية:
عايزاك يا حبيبي قوام عايزاك
عايزاك على طول أنا بترجاك
ناري بتناديك، تبقى جنة بيك
يا حبيب الروح
يا حياتي كل حياتي، يا دنيتي ديه
في غيابك آه لو تعرف إيه لياليه
ليالي ظنون في ظنون
ليالي ضياع وجنون
وعذاب بيعذب فيه شوية شوية
ناري بتناديك تبقى جنة بيك
يا حبيب الروح
يا حبيبي العمر شموع بتقيد وتدفي قلوب
لكن يا خسارة لها مواعيد تخلص وتدوب
تعالى قبل ما يخلص نور الشمعة
تعالى قبل الحب ما يصبح دمعة
ناري بتناديك تبقى جنة بيك
يا حبيب الروح
حبيبي لا ما توعدنيش
عايزاك قوام ما تموتنيش
شبعت م الأحلام يا حبيبي
مش عايزة أحلام عايزة أعيش
عايزاك يا حبيبي ما تنسانيش
عايزاك دلوقتي قوم يا بلاش
ناري بتناديك تبقى جنة بيك
يا حبيب الروح.