بقلم الإعلامية الكبيرة: هدى العجيمي
لاشك أن دخول الصوت الي السينما في مهدها كان سببا أساسيا في ازدهار الأفلام الغنائية ففي 6 أكتوبر عام 1927 عرض فيلم (مغني الجاز – Jazz singer) وهو أول فيلم ناطق في العالم، أما أول فيلم مصري ناطق فكان فيلم (أولاد الذوات) الذي عرض في 14 مارس عام 1932، وكانت الفترة التي عايشتها السينما والفيلم الصامت لم تتجاوز خمس سنوات، وظهور الصوت في السينما أكسبها جمهورا كبيرا جديدا هو الجمهور غير المتعلم الذي لم يكن في مقدوره قراءة اللوحات التي تظهر في الفيلم الصامت بدلا من الحوار.
كان أول فيلم مصري ناطق كما ذكرنا سابقا هو (أولاد الذوات)، وهو ثاني فيلم يخرجه (محمد كريم)، وقد اشتركت فرقة رمسيس فى تمثيل هذا الفيلم وقام ببطوله صاحب الفرقة ( يوسف وهبي)، فظهرت فيه (أمينة رزق وسراج منير ودولت أبيض وحسن البارودي)، واشتركت في التمثيل ممثلة فرنسية هى (كولييت دارفاي – Colette Darvay)، وكان (أحمد بدرخان) مساعدا للمخرج ولم يكن هذا الفيلم ناطقا من أوله الي آخره إذ كانت تكاليف الفيلم الناطق باهظة ولذلك أخرج محمد كريم نصف الفيلم ناطقا والآخر صامتا، وقد تم تصوير نصف الفيلم الناطق في باريس، أما النصف الصامت فقد صور في (ستوديو رمسيس) الذي أنشاه يوسف وهبي عام 1931 بجوار كوبري الزمالك، أما اول فيلم غنائي مصري عرض عام 1932 فكان فيلم (أنشودة الفؤاد).
وتشبه قصته قصة (أولاد الذوات)، حيث أن البطل يحب فتاة أجنبية تكون سببا في مصائب تحل بالأسرة، وعلاوة على ضعف القصة فقد كانت الأغاني طويلة جدا ومملة وثقيلة والمخرج (ماريو فولبي – Mario Volpe) لم يستطع أن يتصرف فترك الكاميرا تواجه المطربة نادرة دون حركة طوال الفيلم، لكنه حقق نجاحا طيبا لأنه كان أول فيلم غنائي، ومن الطريف أن منتج فيلم (تحت ضوء القمر) الصامت قرر أن يعيده ويضيف إليه الصوت فقام مخرج الفيلم (شكري ماضي) بتسجيل صوت الفيلم علي اسطوانات تدار مع الفيلم أثناء عرضه، إلا أن التجربة لم تنجح لعدم تطابق الصوت مع الصورة مما أدى إلى أن تتحول مشاهد كثيرة من الفيلم إلى مفارقات تثير الضحك وفشل الفيلم فشلا ذريعا لا لعدم تطابق الصوت مع الصورة فقط وإنما لأسباب أخرى، منها هبوط مستوي التمثيل كما كان المكياج مضحكا فاللحي كانت تتدلي من وجوه الممثلين بشكل يثير السخرية.
ومن الأفلام الغنائية كان فيلم (الوردة البيضاء)، وهو ثالث فيلم يخرجه (محمد كريم) وأول فيلم يقوم ببطوله (محمد عبد الوهاب)، وقد حقق هذا الفيلم نجاحا مبهرا، فقد زادت أرباحه عن ربع مليون جنيها واستمر عرض الفيلم عدة سنوات، ولا شك أن هذا النجاح يرجع إلى شهرة عبد الوهاب كمطرب، وقد غني فيه ثمان أغنيات ألف (أحمد رامي) خمسا منها، وهى: (وردة الحب، واداني قلبي إليك، وياللي شجاك انينى، ويا لوعتي يا شقايا، وضحيت غرامي)، والاغنية السادسة هى (النيل نجاشي) لأمير الشعراء (أحمد شوقى)، والسابعة هى موال قديم هى (سبع سواقي بتنعي/ لم طفولي نار)، والثامنة للشاعر اللبناني بشارة الخوري (جفنه علم الغزل)، وهذه الأغنية لحنها عبدالوهاب على شكل الرومبا.
وروي (محمد كريم) قصة هذا الفيلم التي بدأت باختيار اسم الفيلم، ولم تكن هناك قصة وإنما اقتراح باختيار أحد الاسمين: (الوردة البيضاء) أم (الوردة الحمراء)، وقد تم اختيار الاسم الأول ثم بعد ذلك بدأ التفكير في القصة، وقام عبد الوهاب بالبطولة واختار للشخصية النسائية الممثلة (سميرة خلوصي) التي أهدته في الفيلم (وردة بيضاء) كدليل علي حبها.