في ذكرى أم كلثوم نكشف سر غنائها كـ (كورس) وراء محمد الكحلاوي
كتب : أحمد السماحي
نحيي هذه الأيام الذكرى الـ 48 لرحيل كوكب الشرق (أم كلثوم) التى رحلت عنا يوم 3 فبراير عام 1975، والتى أثبت الزمن والتاريخ أنها ستبقى خالدة خلود النيل والأهرام، والتى احتلت مع بداية عام 2023، المركز الـ 61 فى قائمة أعظم 200 مغنٍ ومغنية عبر التاريخ وفق مجلة (رولنجستون) الأمريكية، وتمت الاختيارات من قبل نقاد الموسيقى العالميين، واعتمدت على معايير الأصالة والتأثير وعمق الأعمال المقدمة ومدى التنوع الموسيقى.
ونشرت المجلة قائمتها فى تقرير عبر موقعها الرسمى وحمل اسم (أعظم 200 مطرب فى كل العصور)، وكانت المفاجأة تواجد كوكب الشرق المصرية والعربية الوحيدة فى القائمة، متغلبة على نجوم العالم أمثال (مايكل جاكسون، وبيلى أيليش، وريانا، وإيمى واينهاوس، وبوب مارلى، وإلتون جون، وجورج مايكل.
تضمن التقرير عن (أم كلثوم) أنها ليس لها نظير حقيقى بين المطربين فى الغرب، ولعقود من الزمان مثلت النجمة المصرية روح العالم العربى، وتنقل نطاقًا عاطفيًا مذهلاً فى أغانيها.
وأكد التقرير أن وفاتها عام 1975 جلبت الملايين إلى شوارع القاهرة حزنًا، وبينما كان تأثيرها بين المطربين العرب لا يُحصى، فقد امتد إلى ما هو أبعد من ذلك، فقد اعتبرها المطرب (بوب ديلان): (رائعة)، كما استخدمت (بيونسيه) بشكل بارز أغنية (أنت عمرى) فى تصميمها لجولتها لعام 2016.
وكتب الناقد (ويل هيرميس) أن (أم كلثوم) لا مثيل لها فى الغرب، وقد مثلت روح العالم العربى لمدة عقود، ولا تزال تمثلها حتى الآن إلى حد ما، وأضاف: (لديها صوت رنان فعال ينقل نطاقًا عاطفيًا خاطفا للأنفاس فى أغانيها التى تستمر بسهولة لمدة ساعة بينما جمعت حشودا من الجماهير)، بينما قال المغنى البريطانى روبرت بلانت: (عندما سمعت أم كلثوم لأول مرة وهى تنزل على السلم الموسيقى وتنتهى بنغمة جميلة لم أستطع حتى أن أتصور الغناء، كان أمرا صعبا جدًا، وكأن شخصا ما قد وضع ثقبا فى جدار فهمى للغناء).
بمناسبة ذكرى رحيلها الـ 48 نتوقف عند شهادة مؤثرة كتبها المطرب الكبير (محمد الكحلاوي) في الذكرى الأولى لرحيل كوكب الشرق، وتم نشرها في مجلة (الكواكب) عام 1976، وكشف فيها عن سر لا يعرفه أحد، كما أشار دون أن يذكر أسماء إلى المنافسة المشتعلة بين المطربات لاحتلال عرش الغناء والجلوس على كرسي زعامة الغناء.
حيث قال: لقد كانت (أم كلثوم) كثيرة العمل، قليلة الكلام، يعيش العالم كله معها عندما تغني أحلى وأجمل اللحظات، وكانت عظمتها تتجلى عندما تقف على مسارح أوروبا تغني بالعربية فتلتهب الأيدي بالتصفيق، وتتعالى الحناجر بالآهات إعجابا ذلك إنها كانت وستظل زعيمة الغناء العربي بلا منازع، لقد كانت (أم كلثوم) زعيمة بأخلاقها وبتربيتها ومبادئها التى عرفناها عنها أين هي الآن؟! رحلت عنا ولكنها باقية بفنها، وبصوتها.
ولو كانت هناك فدية لفديناها بأرواحنا، إن لفظ الزعامة لا يمكن أبدا أن يطلق على سواها، الأصوات كثيرة ولكن لا يمكن أبدا أن يوجد أجمل وأحلى من صوت (أم كلثوم) هى (كوم، وكل الباقيات كوم)، إنني لا أريد أن أتكلم كثيرا، فالكلام في مثل هذا المجال يطول ويطول، هناك بيت من الشعر يطابق في معناه ما يحدث الآن بعد غياب سيدة الغناء العربي وهو ( إذا غابت الخيل الأصيلة، شدوا على الكلاب سروجا!)، هذا بيت من الشعر القديم قيل في مناسبة تشبه إلى حد كبير مناسبة غياب (أم كلثوم).
ومنذ رحيل الست وأنا في كل يوم جمعة أتوجه إلى قبرها في الليل والناس نيام اترحم على روحها وأقرأ بعضا من القرآن، ولشدة دهشتي عندما وجدت ذات ليلة عازف الناي الشهير في فرقتها (سيد سالم) وهو يحضر لزيارة قبرها ليلا، وكانت مفاجأة ظل يكررها بعد أن وجد له أنيسا ورفيقا.
إنني أشكر المسئولين الذين استجابوا لرجائي وأصبحوا يذيعون أغنيات أم كلثوم مرتين كل أسبوع حتى نتعلم منها، وأتوجه إليهم برجاء آخر وهو أن تتحول (فيلا أم كلثوم) إلى معهد للموسيقى، وأن يبنى بجوارها مسجد يحمل اسمها.
لقد تعلمنا من أم كلثوم نكران الذات، أذكر يوما أن جمعني بها حفل خاص عند بعض الأصدقاء الأعزاء، ووقفت تغني معي ككورس عندما بدأت أغني أغنيتي (سلم علي) ولقد اندهش كثيرون عندما رأوها تفعل ذلك، ولكن ردها عليهم كان حكيما وبليغا حيث قالت: (إن نجاح الكحلاوي نجاح لي، فهو واحد من أبناء بلدي وفني، وصاحب حنجرة حلوة، وشخصية فنية متميزة).