بقلم الإعلامية: هدى العجيمي
في مسيرة السينما في تلك الأثناء وبعد عام 1962 لم تكن قد ظهرت كثيرا القصة المكتوبة للسينما خصيصا، وكانت نسبة كبيرة من الأفلام منقولة أو مقتبسة من الأفلام الأجنبية أو من مسرحيات نجحت على المسرح أو من روايات مكتوبة فشعر الجميع بأن السينما تحتاج الي مؤلفين للسينما علي وجه الخصوص، وكان لابد من حل هذه المشكلة وجاء الحل عندما أنشأت وزارة الثقافة معهدا للسينما عام 1959 ومعهدا للسيناريو عام 1963، ولما وجدت وزارة الثقافة أن هذا فقط غير كاف لعلاج مشكلة الفيلم فاضطرت لاتخاذ إجراءات أخرى لإنقاذ صناعة السينما الهابطة فأنشات مؤسسة دعم السينما عام 1957، ثم دخلت الدولة في الإنتاج بعد ذلك فأنشات (مؤسسة السينما) عام 1962 (بدلا من مؤسسة دعم السينما)، ثم أنشأت مسابقات وجوائز للأفلام الجيدة.
وكانت المسابقة الأولي عام 1955 وبلغت جوائزها 25 ألف جنيها، والمسابقة الثانية عام 1959 وبلغ مجموع جوائزها 50 ألف جنيها، والمسابقة الثالثة عام 1962 وبلغ مجموع جوائزها 55 ألف جنيها، ثم كانت هناك مرحلة أخرى من مراحل تطوير السينما وهى مرحلة القطاع العام، وهى من سنة 63 إلى سنة 69 ظهرت فيها الأفلام التي أنتجتها الدولة، وكانت تجربة جديدة إلا أنها تعثرت عندما ظهرت موجة من الخوف والقلق عند المنتجين في الإنتاج الخاص والشركات الخاصة.
وبهذا وجد عدد كبير من الفنانين والفنيين أنهم في حالة تعطل وكان علي المؤسسة أن تحل هذه المشكلة الجديدة مشكلة تعطل الفنانين فاضطرت أن تتجه للإنتاج السريع وأفلام الدرجة الثانية، وكانت أفلام بسيطة ورديئة ولا ترقي للمستوي الذي أنشئت من أجله مؤسسة السينما الخاصة بالدولة، وانهالت المقالات الصحفية تنتقد هذه الأفلام وتتهمها بالتفاهة وأصبحت حملة ضخمة في حينها خصوصا بعد ما اتجهت المؤسسة إلى إنتاج أفلام سريعة لكي تحقق ربحا يضمن لها الاستمرار، وكانت أفلاما رديئة وسطحية وسريعة الإنتاج لكنها حققت أرباحا كبيرة.
أما الفيلم الأهم في تلك المرحلة والذي ساعد علي إنقاذ السينما والمؤسسة الجديدة فكان فيلم (الناصر صلاح الدين) الذي أنتجته آسيا وساهمت المؤسسة فى تمويله وأخرجه يوسف شاهين واشترك في تمثيله (أحمد مظهر وصلاح ذو الفقار ونادية لطفي وليلي فوزي وحمدي غيث وليلي طاهر وعمر الحريري) وقد صور الفيلم بالألوان وبلغ طوله 175 دقيقة أي تقريبا ثلاث ساعات، وكان هذا الفيلم علامة فارقة في صناعة السينما وطوق نجاة لمؤسسة السينما المصرية، وقد استغرق تنفيذ الفيلم وإخراجه حوالي عامين أثبت فيهما (يوسف شاهين) بطو لة نادرة في إخراجه رغم بساطة الإمكانات المتاحة في الساحة المصرية.
ونواحي التميز في هذا الفيلم هى أنه يقدم موضوعات وطنية ودينية بلا خطب وأيضا معارك برية وحرية منظمة ومدروسة ومنطقية، وبمساهمة مؤسسة السينما في هذا الفيلم الناجح فتحت المجال أمام ستة مخرجين جدد مثقفين لكي يخرجوا أفلامهم الأولي لحساب المؤسسة هم (حسين كمال) الذي أخرج فيلم (المستحيل) المأخوذ عن قصة الدكتور مصطفي محمود واشترك في تمثيله (كمال الشناوي ونادية لطفي وسناء جميل) خليل شوقي الذي أخر ج فيلم (الجبل) عن قصة (فتحي غانم)، وفاروق عجرمة الذي أخرج فيلم (العنب المر)، نور الدمرداش الذي أخرج فيلم (ثمن الحرية)، جلال الشرقاوي الذي أخرج فيلم (أرملة وثلاث بنات) المأخوذ عن مسرحية (الغربان) لهنر ي بيك، وعبد الرحمن الخميسي الذي أخرج فيلم (الجزاء) عن قصة من تأليفه وأعد بنفسه السيناريو أيضا.
كانت هذه الأفلام التي أنتجتها مؤسسة السينما هى التى دفعت بدماء جديدة وأفكار جديدة ضخت دما جديدا في شرايين السينما المصرية، وأعطت أملا كبيرا لخريجى معهد السينما فيما بعد.