محمد وردي.. أسطورة السودان، وصوت الثوار الذي تحدى المستحيل
كتب : أحمد السماحي
نحيي خلال الأيام القادمة الذكرى الحادية عشر لأسطورة الغناء السوداني محمد وردي الذي رحل عن حياتنا يوم 18 فبراير عام 2012، والذي عبر بأغنياته عن وجدان الشعب السوداني وأشواقه للتحرر الوطني وللتنمية الاجتماعية والاستقلال والحرية والديمقراطية بصدق وأمانة، كما عبرعن الأفكار الإنسانية الخلاقة بتحويلها إلى إبداعات غنائية وموسيقية، لهذا أصبح رمزاً شامخاً عطر سماوات الإبداع العربي، من خلال أغنياته الوطنية والعاطفية، حيث غني للوطن وللإنسان وللطبيعة أروع الكلمات عبر ألحان خالدة جميلة تهفو إليها القلوب.
عمل (وردي) في بداية حياته معلماً، وكان ناشطاً نقابياً في رابطة المعلمين السودانيين، وبدأت مسيرته عام 1956، بعد نجاحه في اختبار الأصوات من قبل الإذاعة السودانية في (أم درمان) التى أجازت صوته ليقوم بتسجيل أغانيه في الإذاعة، وارتبط اسمه في بداية مشوارة بالأناشيد الوطنية، ففي مناسبة استقلال السودان عام 1956 سجل أشهر أغنية أصبحت شعار الاحتفال بعيد الاستقلال في الأول من يناير كل عام وهي (اليوم نرفع راية استقلالنا.. ويُسطر التاريخ مولد شعبنا يا إخوتي غنوا لنا.. غنوا لنا).
وبعد الاستقلال بعامين وقع انقلاب 17 نوفمبر 1958، ودخل وردي إلى ستوديوهات الإذاعة السودانية ليصدح بأغنية مطلعها (17 نوفمبر هبّ الشعب طرد جلاده)، التي صاغ كلماتها ولحنها وأداها بنفسه، تمجيدا لرجال حركة نوفمبر، ثم غنى نشيد (يا ثوار أفريقيا يا صناع المجد)، من كلمات الشاعر صلاح أحمد إبراهيم، والذي تحور بعد ثورة أكتوبر إلى (يا ثوار أكتوبر)، كما أنشد نشيد (يقظة شعب) للشاعر النوبي مرسي صالح سراج.
وعندما انتفض الشعب السوداني عام 1964 للإطاحة بالنظام العسكري سارع بغناء أغنيته الشهيرة (باسمك الأخضر يا أكتوبر الأرض تغني/ والحقول اشتعلت قمحاً ووعداً وتمني)، كما غني من كلمات محمد الفيتوري قصيدة (أﺻﺒﺢ ﺍﻟﺼﺒﺢ فلا ﺍﻟﺴجن ﻭﻻ ﺍﻟﺴﺠﺎﻥ ﺑﺎقٍ/ وإذا الفجر جناحان يرفان عليك/ وإذا الحزن الذي كحل تلك المآقي/ والذي شد وثاقا لوثاق/ والذي بعثرنا في كل وادٍ/ فرحة نابعة من كل قلب يا بلادي)، وهي القصيدة التي انتشرت على نطاق واسع ولا تزال تمثل صرخة في وجه الظلم والقمع والاستبداد.
وتوالت الأغنيات العاطفية والوطنية التى واكب من خلالها مسيرة الشعب السوداني الشقيق الوطنية والعاطفية، والحديث عن هذا العملاق، صوت الثوار، ومشواره الفني والإنساني يحتاج مجلدات ومجدات تعزف فى جوفها أنغام من الحروف التى تروي عن حياته.
هذا الأسبوع قررنا في باب (غلاف ألبوم) أن نسبق الجميع ونحيي ذكرى هذا المناضل الفني من خلال قراءة في واحد من أشهر ألبوماته وهو (مافي داعي) الذي يتضمن 7 أغنيات كلها من تلحين (محمد وردي) وكلمات نخبة من شعراء السودان المتميزين.
وهذه الأغنيات هى (مافي داعي) كلمات محمد عثمان كجرابي، (الهوى الأول) كلمات الجيلي عبدالمنعم، (وسط الدايرة) كلمات اسحق الحلنقي، (شن بتقولو) كلمات محمد علي أبوقطاطي، (إرحل) كلمات التجاني سعيد، (القمر بويا) كلمات إسماعيل حسن، (أكتوبر الأخضر) كلمات محمد المكي إبراهيم.
الألبوم إنتاج وتوزيع (نيو وردي فون) للإنتاج الفني، والآن نتوقف عند كلمات بعض أغنيات الألبوم ونستمتع بقراءة أشعار الأغنيات التى اختفت من حياتنا مثل هذه المفردات القوية سواء في الأغنيات العاطفية أو الوطنية.
……………………………
كلمات أغنية (ما في داعي) :
مافي داعي تقولي مافي
يالربيع في عطرودافي
لهفة الشوق في سلامك
في كلامك وسر غرامك
ماهو خافِ
ارتعاشاتك بتحكي
قصة أحلامك معايا
وكل خفقة في قلبي نغمة
تحكي ليكي شوقي وهوايا
إنت في بهجة شبابك
وحبي ليك من غير نهاية
مافي داعي ..
قلبي أخضر ولسة في ريعان شبابو
في حرارة شوقو بيسطر كتابو
شوفي كيف نشوانا بتتراقص حروفو
كل لحظة شوق بتتجدد ظروفو
مافي داعي ..
عشنا في دنيا الصبابة
والسعادة فتحنا بابها
بهجت الدنيا وشبابها
ابتساماتك حبابها
مافي داعي… تقولي مافي.
……………………………
كلمات أغنية (الهوى الأول)
أخادع نفسي بحبك وأمنيها
وأهرب حتى من ذكراك والاقيها
دموع الحسرة في عينيا أخفيها
نار الشوق أقول الصبر يطفيها
أقول انساك وانسى شقايا لو قادر
وطول الغربة والحرمان بلا آخر
أسيبك كيف؟ وأنت الناهي والآمر
وكيف أصبر عارف نفسي ما صابر
شبابي معاك ما اضيع أمانيه
وعمر هواك ما أقصر لياليه
رضيت بظلمه أحي اقاسيه
ولو خلاني ما بقدر اخليه
تخاصمه تفتكر إحساسي اتبدل
وقايل قلبي مال لسواك واتحول
وحاة ريدتنا وحياة الهوي الاول
بنرجع تاني لو زاد الجفا وطول.
……………………………
كلمات أغنية (القمر بويا) :
الصغيرة شجيرة الأراك
ياقمر عشرة الفي سماك
شاغلة روحي وقلبي المعاك
وين لقيتك لامن آباك
القمر بوبا عليك تقيل
العيون الما بدمعن
نامن أو صاحيات يبرقن
لا بصيدن لا بعشقن
سرهن في الجوف يحرقن
كشفن رموشن أو غمضن
كلو موت ماتقول برحمن
القمر بوبا عليك تقيل.
……………………………
كلمات أغنية وسط الدايرة:
وسط الدايرة يا أجمل نايرة خلى قلوبنا تطير
وإرحلى بينا فراشة حنينة بين زينات وعبير
لما الخصلة تدور طربانا نبقى حريرفى حرير
فرحى خلق الله وادنى ياشبه القمرة
وارقصى رشى عبيرك فينا وفتحى يا زهرة
عمرك كلة فرح يازينة
شيلى من الافراح وادينا
ياترتاحى ياتريحينا لسة الوقت طويل.
……………………………
كلمات أغنية (أكتوبر الأخضر) :
إسمك الظافر ينمو
في ضمير الشعب
إيماناً و بشرى
وعلى الغابة والصحراء
يمتد وشاحا..
وبأيدينا توهّجت
ضياءً وسلاحا
وتسلّحنا بأكتوبر لن نرجع شبرا..
سندق الصخر
حتى يخرج الصخر لنا زرعاً وخضرا
ونرود والمجد
حتى يحفظ الدهر لنا إسماً وذكرى
باسمك الأخضر يا أكتوبر الأرض تغني
الحقول أشتعلت قمحاً ووعداً وتمنّي
ف باطن الأرض تنادي
باسمك الشعب انتصر
حاجز السجن انكسر
والقيود انسدلت
جزلة عرسٍ في الأيادي
كان أكتوبر في أمّتنا منذ الأزل
كان خلف الصبر والأحزان يحيا
صامداً منتظراً
حتى إذا الصبح أطل
أشعل التاريخ ناراً واشتعل
كان أكتوبر في قبضتنا الأولى
مع المك النمر
كان أسياف العشر
ومع الماظ البطل
وبجنب القرشي
حين دعاه القرشي
حتى انتصر.
……………………………
كلمات أغنية (إرحل) :
قلت أرحل ..
أسوق خطواتي من زولاً نسى الإلفة
أهون ليل، أساهر ليل
أتوه من مرفى لي مرفى
أبدل ريد بعد ريدك
عشان يمكن يكون أوفي
رحلت وجيت في بعدك لقيت
كل الأرض منفى
عيونك زي سحاب الصيف، تجافي بلاد، وتسقي بلاد
وزي فرحاً يشيل مني الشقا ويزداد
وزي كلمات بتتأوّه، تتوه لمن يجي الميعاد
وزي عيدا غشاني وفات عاد عمّ البلد أعياد
وزي فرح البعيد العاد
بدون عينيك بصبح زول بدون ذكرى وبدون ميلاد
رحلت وجيت في بعدك لقيت
كل الأرض منفى
زمان الفرقة والتجريح بسيبو عشان تشيلو الريح
بسيبو عشان صحيح الذكرى بتّوِّه عمرنا صحيح
وانتِ معاية لا بندم ولا بقضي العمر تبريح
أصلو العمر شوقا حزنا كان وصبرا كان فسيح وفسيح
أصلو العمر كان دربا مشيتو كسيح
وكان غرسا سقيتو بكى وقبضت الريح
رحلت وجيت في بعدك لقيت
كل الأرض منفى، منفى.