بقلم الإعلامي: علي عبد الرحمن
تزخر مصر بمقومات سياحية ومعالم أثرية وصروح ومنشآت حديثة تؤهلها لتكون قبلة السائحين من دول العالم كما يحدث في أسبانيا وفرنسا وغيرها من دول العالم ذات الـ 60 مليون سائح سنويا، ومصر صنعت مؤخرا أحداثا سياحية عالمية مثل موكب المومياوات الملكية الذي توجه بهم إلي متحف الحضارة بالفسطاط، وكذا احتفاليه طريق الكباش بالأقصر، وقريبا ننتظر والعالم معنا افتتاح المتحف المصري الكبير أيقونة تراث الإنسانيه الخالد في أم الدنيا مصر.
ومصر مرت بفترة ركود سياحي بعد أحداثها السياسيه أعوام 2011، و2012، و2013 وبدأت السياحة تتعافي تدريجيا، ولكن في الوقت الذي تتسابق فيه دول العالم لصناعة الأحداث التنشيطية والتسويقية، وتجتهد وسائل إعلامها في البحث والتنقيب عن كل جاذب في معالمها وصروحها الحديثة، إلا أن إعلامنا لم يقدم أفلاما تسويقيه جاذبة لمعالم مصر الحديثه وتراثها، ولم يقدم بين فقرات برامجه فواصلا وتنويهات عن أماكن مصر ورموزها ولم يبادر الإعلام بتصوير برامجه بين آثار مصر ووسط معالمها المعاصرة، ولم يقدم أهل الفن في مصر أعمالهم من بين معالمها وصروحها، وحتى المسلسل الوثائقي الرائع (أم الدنيا) الذي أنتجته (المتحدة) وعرض على منصة (وواتش إت) لم يتم الترويج له حتى في قنواتها المتعددة بالشكل الذي يليق بجودته.
وللحقيقة أقول إن إحجام أهل الفن عن ذلك ناتج عن مغالاة كبيرة في رسوم التصوير داخل معالمنا الأثريه حيث تصل رسوم تصوير البرامج 1500 جنيه للساعة، و15 ألف جنيه للساعة في الدراما والأغاني والمنوعات، وللعلم تصوير الحلقه من البرامج قد يستغرق عدة ساعات فما بالك بالدراما والأغاني والمنوعات، فعلي أهل السياحة والآثار إعادة النظر في هذه الرسوم، وليتذكروا أن بلدين مثل المغرب وسوريا كانتا تقدم تسهيلات عديدة لمنتجي الفن والإعلام حتي جنت كلاهما عوائدا ضخمه من جراء إقبال العالم على أماكن التصوير المفتوحة بهما، فتنشطت سياحتهما وأدرت هذه العمليات مايفوق 2 مليار دولار على المغرب التي يتم فيها تصوير الأعمال الفرعونية هروبا من المغالاة في رسوم التصوير في مصر، إضافة إلي التعقيد الذي يعانيه هؤلاء في تنفيذ عدة تصاريح من عدة أجهزة أمنية ومعلوماتية، إضافة إلي تصاريح المصنفات والفنادق والجهات التي تزعم أنها احتكرت أحداث مصر وإعلامها وحبها وأصبحت تعرقل نجاح أي حدث سواء مهرجانات أو ملتقيات أو ندوات أو معارض أو أسواق أو حتى فاعليات اكتشاف المواهب، ولك أن تعرف أن الراغب في تنظيم أي مماسبق ذكره أن يمر بمايلي: (موافقة الفندق،وموافقة أجهزة الأمن، وموافقة أجهزة المعلومات، وموافقة المصنفات، وموافقة الاتحادات، وموافقة النقابات، وموافقة المحتكرين، وموافقة الحضور،وموافقة المكرمين، وغالبا ما ينتاب المنظم المحب لمصر أن يصرف نظره عن فكرة دعم مكانة مصر وتنشيط سياحتها ودعم قوتها الناعمة أمام كل هذه العراقيل التي تحول دون دعم مكانة مصر وقوتها الناعمه وتنشيط سياحتها، في الوقت الذي تتسارع فيه دول المنطقة في استضافة وتنظيم الأحداث الكبري لجذب السياح وتدعيم نفوذها وقواها الناعمة وحضورها الدولي مثل (دبي، وقطر، والسعوديه والمغرب والأردن، وغيرهم.
ولكن في مصرنا إعلام منبطح وموافقات معوقه وتصاريح ورسوم باهظة أدت لهروب الراغبين في دعم مصر إلي دول حولنا أخف وطأة في تعقيداتها من مصر، وحسنا فعل رئيس الوزراء مؤخرا حين شكل لجنة موحدة للمهرجانات ولكنها لم تلغ سيل الموافقات والتصاريح والرسوم، وحسنا حين كلف خبراء بتصميم منصة للتصوير الفني والإعلامي الإقليمي والدولي لتخفيف هذه الإجراءات وجذب الشركات والأحداث العالميه إلي مصر لتتبوأ (أم الدنيا) مكانتها على أجندة الأحداث العالمية وتسترد سياحتها وتواجدها وقواها الناعمة.. هيا ندعم مصر.