كتب: أحمد السماحي
منذ يومين ظهر النجم السوري الكبير (ياسر العظمة) عبر قناته الرسمية على موقع الفيديوهات الشهير الـ (يوتيوب) من خلال برنامجه الذي يتحدث ويناقش فيه في كل مرة قضية معينة، وتحدث عن واقع الدراما السورية الحالي، وطرح عدة أسئلة في البداية حيث قال: هل الدراما بخير؟، هل تقدم المسلي والممتع والمفيد؟، هل نرفع لها القبعة؟، هل تقدم صورة حقيقية عن مجتمعنا؟، هل هى في تقدم؟، هل هى في تراجع؟، هل هي تراوح مكانها؟، هل هي مرآة للواقع المعاش؟!
وأجاب على الأسئلة التى طرحها قائلا: للأسف الشديد وببالغ الحزن والأسى أقول إنها مريضة وتحتضر، ومقطوع عنها الأمل، وفقدت التميز، المسكينة تعاني موت سريري، الدراما الخاصة بينا تعاني حالة غيبوبة، وما عاد لها قدرة على اليقظة، وما عادت قادرة على التجاوب مع الواقع، معظم مسلسلاتنا السورية تنبأ أن من يقف خلفها إم أن يكون جاهلا أو أميا أو تاجرا أو غبيا أو مغرضا أو كلهم، لا أجد مسلسل أفتخر به، ولا أستطيع متابعة مسلسل أكثر من حلقة أو اثنين.
وانتقد (العظمة) بعنف بعض المسلسلات مثل: (باب الحارة، والهيبة، وجوقة عزيزة) وإن كان (باب الحارة) تحديدا نال النصيب الأكبر من النقد، حيث قال: (هذا اللي اسمه باب الحارة، عم يحاولوا يعملوا منه (إمام المسلسلات السورية) بما فيه من تاريخ مزورا، ورغم نقد الصحافة للعمل، إلا أن القائمين عليه كأنهم لم يسمعوا ولم يقرأوا، وقدموا منه أجزاء، وسيقدمون أجزاء إلى ماشاء الله!.
و(باب الحارة) في الحقيقة قصة متخيلة، وفانتازيا وهمية، تشوه الحقائق وتسيئ للتاريخ السوري، وكُتاب المسلسل غير متخصصين اخترعوا حارة ووضعوا فيها (زعران وبلطجية وزعيم) وجمح بهم الخيال، وانتقصوا من مكانة المرأة وقدموها ضعيفة وخانعة، ماتستطع فتح فمها، وكأننا في زمن العبيد، كما اخترعوا جملة (إبن عمي) رغم إني عمري ما سمعت أمي تقول لأبي هذه الجملة، ولا غيرها من نساء الشام.
وأضاف متسائلاً (هل الزعران، والخناجر، والنسوان، والعنتريات، وابن عمي، وقصص بتقطع النفس، هى الشام القديمة؟)، وأوضح أنه عاش في الحقبة القديمة في دمشق وكان يستمع إلى قصص دمشق والحياة فيها من أبيه وجده، وكل ما يحكى في هذا العمل لا يشبه دمشق والحياة فيها، وتابع قائلاً: (باب الحارة عمل من نكرات أبطال، وقام بالتعتيم على أسماء كبيرة وصلوا إلى العالمية بسبب ذكائهم وقدرتهم وحبهم لبلدهم).
وما إن انتهت الحلقة التى عرضت منذ يومين حتى اشتعلت مواقع التواصل الإجتماعي وانهال النقد على (العظمه) بعضه كان مثل الوردة الجميلة التى تعبر عن الحب والإعجاب، والبعض الآخر كان مثل الشوك الذي يدمي القلب، ويجرح المشاعر، انهالت الكلمات القاسية على فنان كبير كل ذنبه أنها تجرأ وقال كلمة حق، وشاركت شركة (جولدن لاين) المنتجة لمسلسل (جوقة عزيزة) في النقد بقسوة.
كما انتقدت الشركة مسلسله الأخير (السنونو)، رغم أن الرجل لم يذكر اسم (جوقة عزيزة) صراحة، لكنه قال: (مسلسل بطلته راقصة ومغنية مع طبال)، وقال في كلمات قليلة: (إنه مسلسل ضعيف، يميل إلى التفاهة في الطرح، وتقليد لبعض الدراما المصرية القديمة، ولا يمثل البيئة والمجتمع السوري).
وتوقف عند مسلسل (الهيبة) قائلا : (أنه يحرض على العنف والإجرام ويفسد الشباب)، ورغم هذا عملوا منه أجزاء.
كان (العظمة) في نقده لواقع الدراما السورية واضحا وجريئا وقويا، وما ذكره من سلبيات كلنا نشعر به وذكرناه من قبل في نقدنا لبعض الأعمال السورية، ولا أدري ما سر الهجوم عليه، فهو كنجم كبير وصاحب مشوار ثري ومتنوع، له الحق أن يتحدث ويقيم واقع الدراما السورية الحالي، كما أنه تحدث بكل حب عن نجوم الدراما السورية والفنيين وأكد إعجابه بهم، وقال بالنص: (أن الأزمة ليست أزمة نجوم فلدينا نجوم وفنيين أفتخر بهم، ولكن لدينا أزمة نصوص وكتاب، فالنصوص مفتعلة، والمخرجين يقلدون بعضهم وليس لهم رأي، ولكن الرأي لشركات الأنتاج الربحية سواء أشخاص أو محطات).
كما انتقد أيضا الأسماء الأجنبية لبعض المسلسلات مثل (داون تاون، ستيلتو، تشيللو، الديفا) وغيرها، وقال بالنص: (إنها ليست عناوين مسلسلات بل عناوين مطاعم، ومشكلتنا إننا نحلق بأجنحة متكسرة في سماء ما سماءنا)!
يا جماعة الخير (ياسر العظمة) نجم كبير وحكيم من حكماء الفن العربي عامة، والسوري خاصة، فأرفعوا أيديكم وألسنتكم عنه، ويجب أن نسمع له، ونتقبل نقده بكل حب، حتى لو لم يتقبل بعضنا هذا النقد، لأنه نقدا نزيها ليس وراءه غرضا إلإ المصلحة العامة ورفع شأن الدراما السورية التى تعاني منذ سنوات من تضخم في مسلسلات الحارات، والبيئة الشامية، وهروب من الحاضر والرجوع بكثرة إلى الماضي!
وأتمنى من نجمنا الكبير (ياسر العظمة) مواصلة نقده الرائع لكثير من السلبيات الموجودة في حياتنا خاصة في الفن، فالحركة النقدية في كل بلاد العالم تقف موقف الغرابيل والمناخل من الإنتاج والمنتجين، وهو موقف حيوي وخطير، فلولا المناخل والغرابيل في المطاحن لأكل الناس الخبز مختلطا بالطوب والزلط ولأصيب الناس بالتسمم وعاش آخرون في حالة غيبوبة.