بقلم: محمد حبوشة
من لم يغذي روحه بالموسيقى فقد كفر بنعمة وجوده، فالموسيقى تعطي الروح لقلوبنا والأجنحة لفكرنا، والموسيقى فوق هذا وذاك هى غذاء الروح العطشى للرقي و الجمال، وأيضا هى غذاء للمشاعر، كما أنها تهذب النفس وتسمو بها وتعمق الإحساس بكل ما هو مؤثر، والموسيقى هى اللغة الوحيدة التي يفهمها البشر بدون تعليم أو شرح، فهي تهذب النفس والروح، وهى لغة النفوس التي تطرق أبواب المشاعر.
يقول الأديب جبران خليل جبران: (الموسيقى كالمصباح.. تطرد ظلمة النَّفس.. وتنير القلب.. فتظهر أعماقه، والألحان في قضائي.. أشباح الذات الحقيقية أو أخيلة المشاعر الحية، والنفس كالمرآة المنتصبة تجاه حوادث الوجود وفواعله تنعكس عليها رسوم تلك الأشباح وصور تلك الأخيلة، وربما لحن يجعلك تسافر بعيدا عن واقعك المحزن.. لتحلق في عالم وهمي جميل.. هو ما ستتذكره دوما مهما طال الزمن.. وسيبقى هذا اللحن كالتوقيع المحفور في ذهنك أبدا.. فما أقوى الموسيقى حين تلامس القلب وترتبط بحدث مصيري، فتلك هى القوة الكامنة في الموسيقى لن يدركها أي كان).
صدق (جبران) فالموسيقى هى لون من ألوان التعبير الإنساني، فقد يتم التعبير فيها وبها عن خلجات القلب المتألم الحزين، وكذلك عن النفس المرحة المرتاحة؛ وفي الموسيقى قد يأتي المرء بشحنة من الانفعالات التي فيها ما فيها من الرموز التعبيرية المتناسقة.. في (مقاطع) معزوفة يحس بها مرهف الحس أو من كان (ذواقة).. ينفعل ويتفاعل سماعيا ووجدانيا وفكريا، يحس بها إحساسا عميقاً وينفعل به انفعالا متجاوبا، مثله مثل أي من الكائنات الحية، فالموسيقى وبخاصة الموسيقى الراقية والروحانية تساهم في علو الروح.
خلجات القلب المتألم الحزين
وضيفنا في باب (بروفايل لهذا الأسبوع) الموسيقار الكبير (منير الوسيمي) هو واحد ممن يعنون بالموسيقى باعتبارها لونا من ألوان التعبير الإنساني، فقد يتم التعبير فيها وبها عن خلجات القلب المتألم الحزين، كذلك عن النفس المرحة المرتاحة، وتبقى الموسيقى عند (الوسيمي) ليست مجرد أنغام؛ بل هى وسيلة (تواصل) لالتقاء الذهن والروح عند الشخص الواحد؛ وهى أيضا وسيلة فاعلة اجتماعية وتربوية تساهم في عمليات التفاهم وفي تنمية الحس الشخصي؛ وتعمل على إدخال البهجة على النفوس وفي تجميل العالم من حولنا، أو كما جاء في إحدى مقطوعات الفنانة اللبنانية الشهيرة فيروز: (أعطني الناي وغـني، فالغنا سر الوجود!)، وكذلك كما صدحت السيدة أم كلثوم: (المغنى، حياة الروح، يسمعه العليل يشفيه).
على مدار رحلته الطويلة برع (الوسيمي) في صياغة ألحان مستوحاة من التربة المصرية الخالصة، فأدرك منذ بداياته الفنية الأولى أن للموسيقى إسهاما فعالا في تبادل التآخي الثقافي الحضاري وتوثيق الصلات و تقوية عرى الصداقة و المودة وتسهيل التعاون و التقارب بين الناس على المستوى المحلي في البلد الواحد، وبين مختلف الشعوب على مستوى الكون، ولعله من الممكن لنا تكوين صورة أو فكرة عن أي بلد بوقوفنا على نوع و مستوى موسيقاه!، ومن خلال متابعتي لألحان وموسيقى (منير الوسيمي) التصويرية، أستطيع القول للموسيقى عنده – بوجه عام – لحظات ثلاث: لحظة التأليف، وذلك بالمعنى الواسع لهذه الكلمة، وهو يشمل تأليف الألحان وتأليف الكلمات معا؛ ولحظة الأداء، وهو يشمل الأداء الصوتي في الغناء، والعزف على الآلات؛ ولحظة الاستماع، فالعلاقة الموسيقية إذن ثلاثية: بين المؤلف والقائم بالأداء والمستمع؛ فإذا تحدثنا عن كل عنصر من عناصر هذه العلاقة على حدة، نلحظ أن التأليف الموسيقي عندنا بلا شك في انحدار مستواه، وأستطيع أن أقول مطمئنا إن الأكثرية من مؤلفينا الموسيقيين غير مثقفة فنيا، وقد يبدو هذا القول غريبا، ولكن يكفي أن يدرك القارئ أن (العالم) من مشاهير الملحنين هو من يعرف التدوين الموسيقي، وقراءة المدونات (النوتة)، مع أن هذه من الأوليات التي يجيدها تلاميذ المدارس الابتدائية في البلاد المتقدمة! مثل بداية (منير الوسيمي) أما الباقون، وهم كثيرون، فحتى هذه الأوليات لا يعرفونها، ومن المؤسف حقا أن جهود هؤلاء المؤلفين الموسيقيين جميعا لا تنصرف إلى التزود بالعلم الصحيح، وحسبهم تلك الثروات الضخمة التي تنهال عليهم، ففيم الحاجة إلى العلم إذن، ما دامت الغاية قد تحققت؟
موسيقاه التصويرية غلفت المشهد الدرامي
جانب مهمم ربما لايلاحظه كثير من النقاد أو المشتغلين بالموسيقى أن (منير الوسيمي برع في الموسيقى التصويرية إلى جانب اللحن الشرقي المطعم بموسيقى حديثة، فتلعب موسيقاه التصويرية دورا حساسا في رسم معالم إضافية للقصة لا يمكن كتابتها، وإيصال مشاعر لا يمكن للممثل تقمصها أو النطق بها، فهي اللمسة الأخيرة التي تغلف المشهد السينمائي أو التلفزيوني بسحر خاص ينقل المشاهد إلى عالم آخر، يسكنه أبطال العرض الذي يشاهده، كما تعمل الموسيقى التصويرية لمنير الوسيمي أحيانا على كشف الأحداث المستقبلية للعمل الدرامي، إذا استطاع المشاهد فهمها وتحليلها، فهنالك مشاهد لا يمكن أن نراها بعظمتها الحالية لولا وجود موسيقاها التصويرية، إذا، العمل على موسيقى لعرض سينمائي أو تليفزيوني هو أمر حساس وليس بالسهل، تماما كما يرسخ في عقل ووجدان هذا الموسيقي المصري الفذ (منير الوسيمي) الذي استمد من معين الموسيقى الفرعونية زاد كبيرا خلطة بالموروث الشعبي المصري كما أعرفه عنه.
محمد منير عبد العزيز الوسيمى هو اسمه الحقيقي، نشأ فى رعاية أسرة محبة للفن وتؤمن به كرسالة، لكنها لا تقتنع به كمهنة يعمل بها أحد أفراد العائلة، والسبب هو انتماؤها لكبار الملاك والعائلات العريقة، لكن الذى حدث مع (الوسيمى) لم يتوقعه أحد أو يخطر على بال بشر، والسبب فى ذلك هو (الشيخ أحمد) الذى كان يأتى إلى الأسرة فى المنزل لتعليم شقيقات الموسيقار الأكبر منه سنا، وبمرور الوقت بدأ الطفل الصغير فى الاستجابة لبعض ما يقوله (الشيخ أحمد)، ووصل لنسبة فهم كبيرة لما يشرحه، حتى الوصول إلى مرحلة أطلق عليها (المعرفة الكاملة)، وعندها همس الشيخ فى أذن والد (منير) قائلًا له: (ابنك كويس اعمله معادلة ودخله المدرسة).
ترك الهندسة وذهب للموسيقى
بسرعة البرق، نفذ الوالد وصية الشيخ، ليجد الابن نفسه تلميذا بالصف الثالث الابتدائى، وبمرور الأيام وانقضاء عدة الدراسة، وجد نفسه حاصلا على الشهادة الثانوية بتفوق، وسنه لم تتجاوز بالكاد 15 عاما، وأهله مجموعه للالتحاق بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية، وبالفعل التحق (منير) بتلك الكلية، ولم يكن خطا نحو مرحلة الشباب، فهو لا يزال فى العرف قريبا جدا من عمر الطفولة، وبمجرد أن بدأت الدراسة، شعر بأنه غريب فى بيته الذى اختاره، ولهذا ترك الهندسة وذهب لدراسة (الاقتصاد والعلوم السياسية)، وبعدها الموسيقى فى معهدها، لأنها (قصة حبه) وهو بدأ قصة عشقه للموسيقى منذ لحظات الطفولة، وقت إقامته فى دمنهور بالبحيرة، ويتذكر أنه وقع عليه الاختيار للعزف وقيادة الفرقة الموسيقية فى إحدى المناسبات، بعدما فرضت موهبته نفسها على الجميع وجعلتهم يتغاضون عن صغر سنه، وبحكم لقاءاته المتعددة مع وجيه أباظة الذي كان محافظا للبحيرة آنذاك، نشأت بينهما علاقة أبوية، واعتبره ابنا من أبنائه، وأصبح صديقا مقربا لأولاده.
وما شجعني على الاستمرار في العمل الموسيقي يقول (منير الوسيمي) أن الإذاعة وصفتنى بـ (خامة مبشرة) بعد تسجيل موسيقى مسرحية (السلام)، وأصبحت مستشارها وأنا فى العشرينات، وخلال فترة البدايات المتشابكة هذه، كانت السمة السائدة فى حياة (منير الوسيمى) هى منحه الجزء الأكبر من وقته واهتماماته للموسيقى، الأمر الذى كانت نتيجته بلوغ شهرته الآفاق داخل شوارع وحوارى الإسكندرية، ففى بداية العشرينيات من عمره، أصبح مايسترو مسرح سيد درويش بالإسكندرية، وأتاح له ذلك لقاء فئات مختلفة من الموسيقيين الأجانب الذين كانوا يتوافدون لزيارة المسرح، فقطف من بستان كل واحد منهم زهرة زيّن بها لوحته الفنية.
مسرحية (السلام) فتحت لي باب الموسيقى
ووصف (الوسيمى) هذه الفترة بأنها من (أخصب أيام حياتى) بعد أن انفتحت فيها على كل أنواع الفنون، وتعلقت بشدة بالفن التشكيلى، وواظبت على حضور كل المعارض، وجمعتنى صداقات قوية بعظماء هذا الفن، أمثال (سيف وانلى) والدكتور (حسين جمعة)، الذى اشتركت معه فى حفل افتتاح المسرح الرومانى فى الإسكندرية، حيث قدمت الموسيقى والألحان لمسرحية (السلام) التى ألفها (صالح مرسي)، وخلال الحفل استمع لألحانى التى قدمها كل من المؤلف والملحن (مدحت عاصم)، و(حافظ عبدالوهاب)، رئيس الإذاعة المصرية ومكتشف (عبدالحليم حافظ)، وكلاهما كان عضوا فى لجنة الاستماع بالإذاعة، وبعد أن انتهينا طلبنى الأخير وعرفنى بنفسه، ثم طلب منى الذهاب إليه لمقابلته فى مكتبه بالقاهرة، لكن تحت زحام العمل نسيت أو بالأدق تناسيت ما طلبه منى.
الموقف ذاته تكرر بعد عام من هذا الحدث، فقد حضر رئيس الإذاعة مجددا إلى الإسكندرية، لحضور إحدى المناسبات الفنية، واستمع إلى (الوسيمى) مرة أخرى، واستدعاه مرة أخرى، وبالفعل ذهب إليه بصحبة خطيبته، زوجته الراحلة (أحلام ميكاوي)، فقال لها رئيس الإذاعة طلبته السنة اللى فاتت ومجاش.. يوم السبت الجاى تجيبيه وتجيلى الإذاعة، وفى هذه المرة صادقناه الوعد وذهبنا للقائه، وتحدثنا سويا، وعندما علم أننى سجلت موسيقى مسرحية (السلام) لصالح الإذاعة أعاد الاستماع إليها صحبة (مدحت عاصم)، وقرأت فى عينهما الانبهار، وبعدها تم اعتمادى كمؤلف وملحن وموزع موسيقى، ولأول مرة فى تاريخ الإذاعة يكتب فى محضر لجنة الاستماع (خامة مبشرة ويحتفظ).
وعن بداياته يقول منير الوسيمي: فى مرحلة الشباب والطفولة لم يكن لدى موهبة أو هواية محددة، فكانت لدى عديد من المواهب، فأحببت الكيمياء، وأسست فى منزلى معملا صغيرا أخترع فيه بعض المواتير الصغيرة، وفى ذلك الوقت كنت طالبا بارعا فى تلك المادة، وكان صديقى الذى ينافسنى على إجادتها الدكتور (عمر سليمان الخليل) الذى يعمل حاليا دكتور الذرة فى أمريكا، وكنت ألعب فى تلك الفترة أيضا (الهوكى) وانضممت للمنتخب الوطنى للناشئين، ولكن رغم كافة تلك المواهب، فإن حب الموسيقى خطفنى من الكيمياء والرياضة.
منحت الجائزة الأولى من ألمانيا الغربية
ويضيف الوسيمي: كنت طالبا متفوقا وكان لابد من أن ألتحق بكلية من كليات القمة، فالتحقت بالهندسة، ولكن لم أجد نفسى فيها فحولت لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وهذا الأمر لم يبعدنى كثيرا عن حب الموسيقى، فطوال سنوات الدراسة سواء فى الهندسة أو (الاقتصاد) كنت أهرب وأذهب إلى معهد الكونسرفتوار بالأسكندرية، وخلال تلك الفترة وصلت لأعلى مستويات الموسيقى فى العزف وهى (كونشيترو)، وبدأت أقدم عروض عزف كاملة فى مسرحى (سان مارك، وسيد درويش)، وكنت أعزف فيها آلة (الماريمبا) وبعد أن أنهيت مستويات العزف، ثم قررت أن أتعلم علم موسيقى جديدا، فالتحقت بدراسة التأليف والتوزيع الموسيقى، والتى عليها منحت الجائزة الأولى من ألمانيا الغربية عام 1977 بعد أن قدمت موسيقى فرعونية فى إحدى المدن الألمانية مستخدما فى التوزيع السلم الموسيقى الخماسى وعزفت فيه عددا من الآلات الفرعونية الموسيقية القديمة، مثل (الهارب، والفلوت، الدفوف).
بداية شهرة (منير الوسيمي) الحقيقية كانت نهاية السبعينات من القرن الماضى وبالتحديد عام 1978، حينما قام بالتوزيع الموسيقى لخلاصة (رباعيات صلاح جاهين)، وقدم 26 رباعية منها بصوت الفنان (على الحجار) والتى حققت ضجة كبرى فى الوسط، ولكن النجاح الكبير كملحن كان من خلال العمل مع الفنان الراحل (عمر فتحى)، وأيضا الفنانة الشعبية الكبيرة (فاطمة عيد) فى أغنية (حسانين ومحمدين) التى حققت نجاحا غير مسبوق، والتى بسببها تم اعتماده كمؤلف وملحن موسيقى كبير، وأصبح من بعدها يتعاون مع كافة كبار الوسط الغنائى المصرى والعربى.
بعد نجاح أغنية فاطمة عيد (حسانين ومحمدين)، استمع عبدالوهاب لها وأعجب بها كثيرا، فسأل الموسيقار كمال الطويل عن صاحب الأغنية، فقال له أكيد مدرس فى الأرياف عمل اللحن وضرب معاه، فاتصل (عبدالوهاب) بمحرر الكواكب فى ذلك الوقت (حلمى سالم)، وطلب منه الوصول لصاحب اللحن، واتصل به وقتها (سالم) لتحديد مقابلة مع (عبدالوهاب)، ولكن لم تحدث، ومع مرور الأيام وصل الأمر للشاعر محمد حمزة، الذى قرر على غفلة اصطحابه لعبدالوهاب بدون سابق معرفة منه، حيث طلب منه فى يوم ما أن يوصله إلى مبنى ماسبيرو.
رفضت احتكار عبد الوهاب لموهبتي
وعندها طلب منه الصعود معه قال له من هناك؟، قال (محمد عبدالوهاب) يسجل أغنية مع وردة الجزائرية، فرفض (الوسيمي) خوفا من (عبدالوهاب)، فأصر (حمزة) على صعوده معه، وذهبا سويا لـ (ستوديو 45) ووجد عبد الوهاب هناك مع وردة لتسجيل أغنية (أنده عليك بالحب)، وعقب الانتهاء من التسجيل شاهده (عبدالوهاب)، وقال له انت بقى بتاع (عوضين ومحمدين؟)، فضحك كل الموجودين فى الاستوديو، وبعدها تكررت المقابلات بينهما، إلى أن طلب منه فى مقابلة أخرى أن يعمل مستشارا موسيقياً للشركة بدلا من الموسيقار بليغ حمدى، وطلبوا منه أن يحتكروا أعماله بشكل كامل لشركة (صوت الفن)، مقابل مرتب شهرى بالإضافة إلى مبلغ عن كل لحن، ولكنه رفض فكرة احتكار نفسه لشركة واحدة.
قدم منير الوسيمي تجربة من أحلى وأمتع التجارب التى عشاها فى حياته هى تجربة الفوازير، وعاشتها مصر والوطن العربى، ويقول عن هذه التجربة: أتذكر وقتها أننا كنا نسجل ونصور حلقات الفوازير على الهوا، أى الحلقة التى تذاع اليوم كنا نصورها ونسجلها قبلها بيومين، فالراحل (فهمى عبدالحميد) كان يرسل لى الحلقة وأجلس يوما ألحنها وفى اليوم الثانى تذهب (شريهان) لكى تضع صوتها على الكلمات ثم تذهب للاستوديو لكى تصورها، وكنا نقيم جميعا فى الاستوديو فى آواخر شهر رمضان ونفطر وننام فى الاستوديو من أجل التصوير والتسجيل، وكان يشاركنا مبدعون آخرون، مثل (شويكار خليفة) فى الرسوم المتحركة، و(حسن عفيفى) فى استعراضات الرقص، والراحل الشاعر عبدالسلام أمين.
حياة مليئة بالإنجازات الإبداعية
جدير بالذكر أن حياة (منير الوسيمي مليئة بالإنجازات ومنها أنه عام 1973، فقد درس بالمعهد العالى للفنون الشعبية، بأكاديمية الفنون عام 1983، ثم دراسات بالأكاديمية الملكية للموسيقى بلندن عام 1979، ثم قائد أوركسترا فرقة رضا للفنون الشعبية ومؤلف لموسيقاها، وهو خبير فى مجالات التسجيلات الصوتية، وخبير فى الموسيقى الشعبية ومدير عام للفرقة القومية المصرية للموسيقى الشعبية،و نقيب الموسيقيين ، فضلا عن أن له العديد من الألحان حيث تغنى بألحانه العديد من أهل الطرب والغناء ومن بينهم المطربه (عائشه حسن) والتى غنت (محتار) كلمات مرسى السيد، محمد رشدى (ياعين صلى ع النبى) لمحمد زكى الملاح، و(من أسماء الله الحسنى) لعباس الخويسكى، وغنت له (مها صبرى) أغنية (ولا ليه غير هى) لعبد الرحمن الأبنودى، و(مها البدرى) غنت له (يرضيك كده) كلمات أشرف السيد، والمطربة الشهيرة (بدريه السيد) غنت من ألحانه (أما عجايب) من تأليف أحمد دهب، وغنت من ألحانه المطربه (ساميه عبد المعطى) والمطربات (سماح وسعاد منصور ورشا حمدى ورسميه إبراهيم).
وساهم منير الوسيمي فى إظهار العديد من أهل الغناء فى الأسكندريه ومن بينهم النجم الغنائى (محمد محب) فى الحفلات العامه لأضواء المدينه وغيرهم، وقدم الموسيقى التصويريه والمصاحبه لبعض فرق الفنون الشعبيه فى الأسكندريه والتى شهدت نبوغه الموسيقى وقدم الأوبريت للإذاعه السكندريه، والتى بدأ العمل فى التلحين فيها من خلال الأصوات السكندريه وانتقل بعد ذلك إلى القاهرة ليقدم أوبريت (خطوه خطوه يا بلدنا) من تأليف (أحمد عبد الكريم) وأداء (أسامه روؤف وبدريه السيد) وقدم الموسيقى التصويرية لعدد كبير من المسلسلات التليفزيونية والإذاعية وأيضا الأفلام السينمائية، ومنها في المسرح (الوزير العاشق مع سميحة أيوب وعبدالله غيث، وأهلاً يا دكتور، ولن تسقط القدس، وراقصة قطاع عام مع يحيى الفخرانى)، بالإضافة إلى القشاش، وجوز ولوز، والصعايدة وصلوا، وفى السينما قدم (اشتباه) مع الفنان الكبير محمد منير، و(الجراج، البدرون، جحيم تحت الماء، اليتيم والذئاب)، وفى عالم التليفزيون قدم عدة أعمال أبرزها (هند والدكتور نعمان) مع الفنان كمال الشناوى، و(نسر الشرق، باب الفتوح، دنيا، صنايع صنايع، الأبطال).
لحن لأشهر مطربى الوطن العربى
فضلا عن ألحانه أغاني لأشهر مطربى الوطن العربى وموسيقى مستلهمة من التراث الشعبى المصرى، وتعامل مع الهيئات العامه والثقافيه كفنان مميز ونال العضويه فى العديد من اللجان، ومنها عضو لجان الاستماع بالإذاعة والتليفزيون، عضو لجان التحكيم فى وزارة الثقافة فى الموسيقى والغناء والفنون الشعبية، عضو جمعية المؤلفين والملحنين ورئيس لجنة القيد بها، عضو بالجمعية المصرية للمأثور الشعبى، عضو لجنة الفنون الشعبية بالمجلس الأعلى للثقافة، وشارك فى العديد من المؤتمرات والمهرجانات الموسيقية والشعبية فى أوروبا وآسيا وأفريقيا،
وقد حصل على العديد من الجوائز والأوسمة، ومنها (جائزة التأليف الموسيقى من ألمانيا عن استلهام موسيقى قائمة على السلم الخماسى، عام 1977)، وشارك فى ألحان العديد من مسرحيات الدولة والقطاع الخاص والمنوعات التليفزيونية منها مسرحيات شعرية بالفصحى وغيرها، وشارك بألحان فى العديد من الأفلام التسجيلية، وله العديد من البحوث منها (بحث عن الموسيقى الفرعونية، بحث عن الفرح الإسكندرانى، بحث عن آلات الموسيقى الشعبية ووفق الموسيقار منير الوسيمى فى الصعود بالموسيقيين الى مجالات أربح وأوسع في ظل رئاسته لنقابة الموسيقيين، مشوار موسيقى طويل امتد لأكثر من 50 عاما، قدم خلاله الموسيقار منير الوسيمى، مئات المقطوعات الموسيقية، فى التليفزيون والمسرح والألبومات الغنائية، بالإضافة لبصمته الهامة فى (السينما) مسيرة طويلة من الإبداع نال عنها تكريما من إدارة جمعية الفيلم فى دورتها السادسة والأربعين.
أشهر أقوال منير الوسيمي:
** قدمت أعمالاً فى كل من التليفزيون، السينما، المسرح والفوازير، ربما لم تأخذ تلك الأعمال حقها مثل الأغنيات التى قدمتها مع المطربين الكبار، لكن كان لها كبير الأثر.
** لم يسعفنى التلحين لكبار وعظماء الغناء المصرى أمثال (عبدالحليم حافظ وأم كلثوم)، حيث إننى حتى وقت رحيلهما لم أكن قد عرفت بشكل كبير فى الأوساط الغنائية.
** الفن هو المواجه الحقيقى لكل الأفكار المتطرفة والشيطانية التى تظهر فى مجتمعنا، وهو الركيزة الرئيسية للقوى الناعمة، ولابد أن يستمر فى تأدية رسالته، وأوجه رسالة للإعلام لدعم الفن بشتى الطرق.
** الآن البساط أصبح ينسحب من تحت أقدامنا، ولذلك أطلب من الدولة الاهتمام بالفن والفنان المصرى، لأن الفنان يعد مصدرا للدخل القومى، فالأفلام والأغنيات التى تعرض وتذاع فى الخارج تعود بريع مالى لمصر، والدخل القومى يزداد.
** بدأت ومعى المطرب الراحل عمر فتحى فى تقديم شكل مغاير للأغنية السائدة، فقدمنا أغانى مدتها لا تتجاوز الـ 3 دقائق، بجانب تطوير الفواصل الموسيقية، والاهتمام بالتراث الشعبى المصرى، والذى قدمناه بشكل غنائى جديد.
** فرقة الجذور حققت نجاحا باهرا، لولا أن تمت محاربتها من قبل بعض شركات الإنتاج، ولو كتب علينا الاستمرار لكنا غيرنا شكل الموسيقى بصورة تامة وكاملة.
** الرباعيات من أروع ما كتب صلاح جاهين، خلاصة فلسفته في الحياة وفي الشعر، لا تقل عن أعمال كبار شعراء العالم لقيمتها الفلسفية والفكرية الكبيرة، أما الألحان فوضعها سيد مكاوي وكانت رائعة وصادقة وجميلة، عمل متكامل راق ما شجعني علي توزيعها.
وأخيرا لابد لي من تحية تقدير واحترام للموسيقار الكبير (منير الوسيمي) الذي ينتمى فنيا إلى ما يعرف بـ (جيل المنتصف)، الذى حضر زمن الرواد أمثال الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب، وعاصر جيل الكبار أمثال محمد القصبجى وكمال الطويل، وبالتالى تقول تجربته الفنية إنه شاهد على عصر الغناء الجميل، وهو القائل: (إن الفن الجيد يكون نابعًا من معايشة الفنان لبلاده وما تواجهه، مشددا على أن مصر تمتلك فنانين ومبدعين عظماء، ونحن نحتاج لتوجيه هذه الطاقات، وفتح آفاق أكثر، وكل هذا يحتاج لإدارة جيدة، وعلى الدولة رعاية هذا، ومن أجل إصلاح عجلة الفن الجيد قدم (الوسيمي) قبل سنتين أول عرض أوبرا باللهجة المصرية بعنوان (طرح البحر) عرضه على مسرح دار الأوبرا السطانية بعمان، وهو علبى حد قوله: فن راق ينتمى لثقافة الغرب، وبين مزاج شرقى لجمهور يتطلع للهروب من مستنقع موجة المهرجانات، والرقص بالسنج والمطاوى ضمن حالة تدن أصبحت سائدة فى الشارع المصرى بشكل مرضى، ومن هنا عملت لسنوات على فكرة إيجاد عمل أوبرالى برؤية مصرية شرقية يستطيع أن يستمتع بها الجمهور بمختلف طبقاته المثقف والموسيقى المتخصص ورجل الشارع.. تحية تقدير واحترام له وأمد الله في عمره ليمتعنا أكثر وأكثر.