سر مقابلة الرئيس التونسي (الحبيب بورقيبة) لنجلاء فتحي وحسين فهمي!
كان بين الفنانيين زمان علاقة أقرب إلى الأخوة الصادقة، يعيشون طوال أيام التصوير علاقات صداقة بريئة، وزمالة محترمة، بعيدة عن المصالح الضيقة، والمنافع المؤقتة، والشوائب المكدرة، علاقة قائمة على الثقة والمودة والبساطة، أساسها الصدق وفروعها الكلمة الطيبة وإحسان الظن والألفة، لهذا كانوا يجتمعون دائما فى بداية أي فيلم أونهايته ليأخذون مع بعضهم صورة تذكارية أو (سيلفي) بلغتنا الآن.
كتب : أحمد السماحي
كان الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة من العاشقين للفن عامة والمسرح خاصة، وقد أوضح هذا الشغف والحب الباحث التونسي عبدالحليم المسعودي في كتابه (بورقيبة والمسرح – قراءة في أطياف بيان تأسيسي) حيث قدم الباحث عرضا مفصلا ودقيقا عن رؤية الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة للمسرح، وهو الذي حرص منذ بدايات تأسيس الجمهورية الأولى في آواسط الخمسينات من القرن الماضي، على جعل المسرح فنا تربويا، ووسيلة مهمة في بناء المجتمع الجديد اعتمادا على المقولة الشهيرة (أعطوني مسرحا أعطيكم شعبا عظيما).
وكان بورقيبة قد عشق المسرح وهو لا يزال تلميذا في المدرسة الصادقية، وكان يُقْبل بحماس على العروض التي تقدمها الفرق المسرحية التي تفاخر بالهوية الوطنية، وتنشر خطابا نضاليا مناهضا للاستعمار، وفي البعض من خطبه تعرض بورقيبة لقصة غرامه بالمسرح وبالممثلة والمطربة اليهودية فائقة الجمال (حبيبة مسيكة) التي أحرقها أحد عشاقها مدفوعا بنار الغيرة في شتاء عام 1930، وكان يفاخر بأنه تمكن من أن يختطف قبلة المسك من وجنتها وهى على الركح في مسرحية (لوكراس بورجيا).
وقد ازداد الحبيب بورقيبة عشقا لتلك الشابة ذات العينين الزرقاوين التي فتنت (بيكاسو وكوكو شانال)، عندما تحدّت السلطات الاستعمارية وقدّمت عرضا مسرحيا بعنوان (شهداء الحرية) يتعرض لكفاح الهولنديين ضدّ الهيمنة الإسبانية.
في باريس التي استقر فيها من عام 1924 إلى عام 1927، لم يكن الحبيب بورقيبة المغرم بالأدب الفرنسي، والذي كان يحب أن يردّد عن ظهر قلب قصائد كبار الشعراء الفرنسيين من أمثال (فيكتور هوغو، ولامرتين، وألفريد دو فينييه) ينقطع عن التردد على المسارح الكبيرة، مُعتبرا المسرح (فنا جميلا يساعد على تهذيب الأذواق، ونشر القيم النبيلة).
وكان يبدي إعجابه برموز المسرح الفرنسي في ذلك الوقت من أمثال (لوي جوفيه، وجاك كوبو، وشارل دولاّن، وجان لوي بارو) كما اكتسب معرفة عميقة بالمسرحيات الكلاسيكية الشهيرة التي ألفها (موليير، وكورناي، وفيكتور هوجو، وادموند روستان) وغيرهم.
وفي الستينات كانت تربط (الحبيب بورقيبة) ورموز الغناء المصري علاقة خاصة جدا خاصة مع (أم كلثوم، وعبدالحليم حافظ) وقد غنى له العندليب أغنية خاصة بعنوان (يا مولعين بالسهر، هنا يغني العندليب)، وبلغ من حب (الحبيب بورقيبة) للفن المصري، أنه زار فريق عمل فيلم (جنون الحب) عندما علم بوجوده في تونس، ففي عام 1977 بلغ عدد الأفلام المصرية التى عرضت في الفترة من أول ينايرحتى آخر ديسمبر من العام نفسه 50 فيلما.
كان من بينها فيلم (جنون الحب) الذي تم تصوير جزء كبير منه في تونس، الفيلم مأخوذ عن قصة (ستيفان زيفايج)، سيناريو وحوار أحمد عبدالوهاب، وسمير عبدالعظيم، إنتاج سعد شنب، إخراج نادر جلال، بطولة (أحمد مظهر، نجلاء فتحي، حسين فهمي، والطفل خالد أبوالنجا).
تم تصوير جزء من هذا الفيلم في تونس كما ذكرنا، وفي أحد الأيام كان أبطال الفيلم يصورون في أحد الفنادق الشهيرة هناك، وفجأة وجدوا أنفسهم وجها لوجه أمام الرئيس التونسي (الحبيب بورقيبة) الذي رحب بهم في بلدهم الثاني تونس، وقام فريق العمل بإطلاعه على ألبوم صور الفيلم التى تم تصويرها في تونس فسعد بهذا، وأعتبر هذا نوعا من التنشيط السياحي لبلده تونس، وقام بالتصوير مع بطلي الفيلم (حسين فهمي، ونجلاء فتحي) وكانت هذه الصورة التى نعرضها هذا الأسبوع من خلال باب (سيلفي النجوم).