بقلم: محمد شمروخ
كالعادة همدت الموجة الموسمية الأخيرة للهجوم على الشيخ الشعراوى، بعد أن بلغت المدى المقرر لها، لحين التعبئة لموجة مقبلة بإيجاد مناسبات جديدة.
لكن فيما يبدو أن البعض من راكبي الموجة الأخيرة، صعب عليهم السكوت بدون (ترند) جديد يلهى الناس عن موجتهم، خاصة أن المقاومة الشعبية كانت مستعرة على مواقع التواصل الاجتماعي، فلزم تنشيط الموجة بعامل محفز جاء في هيئة قصة غريبة وساذجة لم تتردد إلا خلال الأسبوع الماضي عن الشيخ محمد متولي الشعراوي والفنانة سعاد حسني.
وسبق أن ترددت أسماء فنانات كثيرات في مجال الحديث عن الشعراوى وخصوصاً عن مريم فخر الدين وتحية كاريوكا وشادية وغيرهن.
لكن لابد من دور جديد وإسم جديد مثير ولتكن نجمة لا تقل لمعانا عما سبقن، فوقع الاختيار هذه المرة على حبيبتنا كلنا الفنانة المغدور بها سعاد حسني ولست بحاجة إلى بذل مجهود كبير لتفنيد هذه القصة، إذ تبدو من ظاهرها أنها إما أنها كذبة وإما إنها مختلقة.
وهل ثمة فارق بين المعنيين؟!
هذا الفارق يبدو فقط للمدقق فالكذبة وظيفتها هى المداراة أو للتسلية، أما الاختلاق فهو لتزكية نيران حدث ما أو للفت الانتباه عن شيء ما
هل فهمت؟!
إذن فهى مختلقة!
لكنها في الحالين هى قصة سخيفة وتافهة حتى لو تحقق المستحيل وثبت أنها حقيقية! وفيما يبدو أن السيد الخبير (الاكتوارى) الذي اختلق هذه القصة كان متعجلا أو ألقى بها ليلهى فريقه الذي يتولى إذاعتها او إشاعتها ليتفرغ السيد الخبير لمهام أخرى يرى انها أكثر جدية مما سبق، بعد أن فشلت الموجة السالفة وأسفرت عن عدد كبير من الأقفية (جمع قفا يعنى) جاهزة لتقمير العيش ولو حتى كان عيش جديد من أبو كارت!
والقصة تتحدث عن لقاء عاجل بناء على طلب الفنانة سعاد حسني من الشيخ الشعراوى لتستفتيه في أمر مهم عرض لها، فلم يمانع الشيخ وذهب ليلتقيها في مطعم كبابجى أبو شقرة الشهير في شارع قصر العيني – حسب الرواية – وكان أن ذكرت له سعاد أنها فوجئت بمساعدتها (اللبيسة) تنذرها بترك عملها معها لأن راتبها الذي تتقاضاه منها حرام لأنه من فلوس الفن التى هى حرام لأن الفن نفسه حرام.
وأمام ثلاثية التحريم تلك، قررت السيدة اللبيسة، ترك خدمة السندريلا لتتخلص من العيشة الحرام في حرام.
وحسب الرواية، فإن الشيخ الشعراوى قد استمع منصتا لشكوى السندريلا التى جلست أمامه على مائدة في مطعم لا يؤمه إلا مياسير الناس. ولما انتهت من شكواها طلبت من الشيخ الجليل أن يتحدث مع اللبيسة ليقنعها بأن فلوس الفن ليست حراماً، ولكن السندريلا فوجئت بالشيخ يقرر لها في حسم، صواب رأى اللبيسة وأن فلوس الفن بالفعل حرام حرام حرام!.
القصة تبدو ممكنة الوقوع لولا هفوات بسيطة تشكك فيها، وهى أن الراوى لم يسند القصة لأحد ولم يحدد مصدرها ولم يبين وقت وقوعها الذي مضى عليه افتراضياً ما لا يقل عن 32 سنة، إذ ان السندريلا على ما اذكر اعتزلت الفن والحياة بعد آخر أفلامها (الراعى والنساء) في عام 1991، كذلك يؤخذ في الاعتبار أن كلا من الشيخ متولى الشعراوى والفنانة سعاد حسني، قد توفيا، إذ لبى الشعراوى نداء ربه في سنة 1998، بينما لحقت به سعاد سنة 2001، فليس هناك من يكذب أو يصدق وليس ثمة شهود أحياء أو حتى رواية من أحياء عن شهود ماتوا.
يعنى بتعبير علم الرواية (منقطعة بلا سند).. يعنى مكذوبة.. يعنى مختلقة!
ومع هذا.. كان من الممكن ابتلاع عيوب الرواية لو لم ترو مرة ثانية وبطريقة أخرى، لكن ليس فيها لقاء مباشر ولا مطعم ولا كبابجى ولا أبو شقرة، إذ اكتفى رواة القصة الموازية، بمكالمة تليفونية تلقاها إمام الدعاة من السندريلا تحوى المضمون السابق بالحرف ولكن انتهت بأن السندريلا غضبت من رأى الشعراوى وقفلت السكة في وشه!
ولا ندرى أى القصتين وقعت؟!
لقاء أبوشقرة.. أم المكالمة الغاضبة؟!
عموماً هناك تعديل تم إلحاقه بالقصة التالية، إذ أن فعل السندريلا وإن كان روى غليل التنويرجية من أنصار الفن والحرية، إلا أن تصرفها يبدو به جليطة وقلة ذوق لا يليقان بها، كما أنه من جهة أخرى يظهر شجاعة من الشيخ الشعراوى لأنه ظهر في القصة بأنه لا يحابى أحدا فيما يرى أنه حرام، حتى لو كان رأيا متخلفا، لذلك تم عمل ملحق عاجل لتلطيف الأجواء، جاء في صورة زيادة تفيد بأن السندريلا (طلعت ذوق برضه) وسارعت بعمل (ري دايل) لتعتذر للشيخ الشعراوى بأن الخط قطع غصبن عنها، وأعقب اعتذارها التليفونى الرقيق أنها ذهبت في صحبة السيدة تحية كاريوكا للقاء الشيخ في بيته ودار بينهما حوار ما، غير أنها لم تقتنع بان الفن حرام بدليل انها لم تتحجب!
والمقصود طبعاً بكل هذا الختل الذي تردد في غير قناة فضائية، وعلى ألسنة إعلاميين كبار ومحترمين، ولكن في كل الروايات لم يظهر أي إسناد ولا من الذي رأى ولا من الذي سمع ولماذا ظل هذا الحوار الثنائي بين السندريلا والإمام سواء كان تليفونيا أم شقراويا أم منزلياً، سرا لم يعرف به أحد إلا إثر الهوجة الأخيرة!
(مش فاهم إيه موضة الأسرار التى تظهر إذ فجأة بعد أكثر من ربع قرن.. دي باين لها شوطة يا جدعان).
وبالطبع كان اختيار السندريلا لتمثيل هذا السيناريو الهابط بعد حوالى 22 سنة من رحيلها له أسبابه، إذ لابد من استثمار حب الجماهير الجارف للسندريلا وحشرها في قصص هزلية، لاسيما بعد الظروف التى لازمت رحيلها.
لكن الغريب أننا وجدنا الشيخ الشعراوى لا يمانع في لقاء سعاد حسني في مطعم جهاراً نهاراً وهى لم تعتزل بعد، ولا أظن أنها ارتدت خمارا للقاء مولانا ولا قالت الرواية أنه عرض عليها الاعتزال.
طيب ماهو الشيخ بيقابل فنانة من أشهر نجمات السينما كانت قالبة الدنيا رقص وغناء وتقوم بأدوار جريئة، لا كمان ويعزمها على أبو شقرة.
ولاحظ معى أنه الرواية لم تحدد من الذي دفع الحساب، كما ذكر الراوى أنها غادرت محل الكبابجى غاضبة ولم يشر إلى أن سعاد طلبت الشيك بتاع الحساب!
هذا مع أن التصريح المنسوب للشيخ بأن فلوس الفن حرام وهو لن يأكل من فلوس حرام ولو كان كبابا من أبوشقرة!.
عموماً القصة في مجملها بدت كزوبعة في فنجان ووجبة هزيلة لا تتناسب مع أبوشقرة إذ لا تسمن ولا تغني من جوع.
واخيرا الكسفة التى أرادوا أن تلصقها السندريلا بإمام الدعاة ضلت طريقها فإذا هى تلتصق بمروجيها.
يا عالم اتكسفوا على دمكم.. لو عايزين تألفوا كدبة احترموا عقولنا.
ولكن متى احترم هؤلاء عقولنا، أليست هذه العقول تحت وصاية هؤلاء السادة من حملة مشاعل التنوير؟!
الله يخرب بيت التنوير وبيت اليوم المنيل اللى جابوا سلك تشعيرة وصلحوا به الفيش.
يا جدعان عيب عليكم.. (علشان خاطر النبي) جددوا في الخطاب التنويري بدال التفاهات دى.
يعنى بلعناها لما سبق وطلع علينا واحد ماسك سلك التشعيرة وهلل لفوز المنتخب السعودي على الأرجنتين في بدايات مونديال قطر من كام يوم وراح يصرخ، بأن ذلك الفوز المبين لم يكن ليتحقق لولا تخلى المملكة العربية السعودية عن ظلام الوهابية!
نحستها يا فالح.. يعنى الوهابيين كانوا رجعوا تانى في بقية الماتشات؟!
لكنها عقدة الدين والتماس الخصم الديني في كل مجال وإن لم نجده نوجده!
لذلك كانت تلك القصة التافهة المختلقة التى فقدت توهجها فور إذاعتها وسرعان ما خبت بالضبط مثل نار السبرتاية تحت الغطاء النحاسي وطلعت القهوة فاترة ودلعة ولابد من دلقها مع ضرورة فتح الحنفية ع الآخر علشان البلاعة ما تنسدش!
ويكفينا شر السباكين لما يمسكوا السلك!