كتب: محمد حبوشة
يطرح مسلسل (وبينا ميعاد) دراما عائلية بشكل مختلف، حيث تدور الأحداث حول عائلتين هما عائلة (حسن/ صبري فواز)، الذى توفيت زوجته وتركت له أربعة شباب هم (يوسف الكدوانى، أسامة الهادى، يوسف إبراهيم، محمد العزازى)، وعائلة (نادية، شيرين رضا) التي توفى زوجها وترك لها أربع بنات هن (آية سليم، داليا شوقى، تنسيم هانى، كنزى رماح)، وتكشف أحداث المسلسل عن تربية حسن لأبنائه على الديمقراطية فيما نشأت بنات نادية على الكبت والديكتاتورية، ومن توالى الحلقات تنشأ علاقة بين العائلين ويحدث بينهما مواقف عدائية مختلفة بين (حسن ونادية)، حتى يفاجأ بها رئيسة مجلس إدارة الشركة التى كان يتوقع رئاستها إضافة إلى المواقف التي تحدث بين أبنائهما في اطار اجتماعى لايت.
المسلسل يأتي بشكل درامي اجتماعي كوميدي، يستعرض تفاصيل الحياة ومشكلاتها وأزمات تربية الأبناء في الطبقة المتوسطة، من خلال البيوت وأماكن العمل والدراسة والمشاكل اليومية التي من الممكن مواجهتها بحلول عملية بسيطة، بداية تصاعد الأحداث جاءت عقب قرار رئيسة مجلس الإدارة بنقل حسن (صبري فواز) لإدارة التنفيذ، وهو ما يتطلب سفره الدائم لتفقد مواقع المشاريع، لكنه اعترض على القرار، خاصة أنه يتعارض مع حياته الأسرية كونه يعتني بأولاده الأربعة بمفرده بعد وفاة زوجته، لكن لم يخبر المديرة الجديدة بأي تفاصيل عن حياته الشخصية، تصر نادية رئيسة مجلس الإدارة على قرارها، فيتقدم حسن باستقالته من الشركة، لكن قبل أن يغادر المكان ينفعل عليها، واصفا ما تفعله بالشركة بأنه (انعدام رؤية)، ويرفض إخبار أولاده بتركه للعمل حتى تستقر الأمور.
ورغم الدكتاتورية التي تمارسها (نادية) على بناته لكنها ابتعدت نماما عن فكرة ضرب الأطفال، ومن ثم تقول نصيحتها لربات البيوت قائلة (نصيحتي للأهالي اتكلموا مع بناتكم عشان في الآخر متقعوش في مصيبة لأن مشاكلهم صعبة للغاية)، ولذا حاولت أنه ميبقاش فيه عنف وأني مضربش حد عشان الناس ما تعملش زيي أو تقلدني)، وتقدم شيرين رضا دور الأم المسيطرة والحازمة، التي تربي بناتها على الالتزام والاحترام، بطريقة فيها بعض من الشدة والصرامة، فهي تشعر بالمسؤولية تجاههن وضرورة حمايتهن، لذا تقسو عليهن في بعض الأوقات، وفي الوقت نفسه، هناك أيضا مساحة من الحب والقرب بينها وبين بناتها الأربعة.
وخلال حلقات المسلسل، تظهر البنات وهن يحاولن طوال الوقت الخروج من تحت سيطرة والدتهن لممارسة حياتهن العادية، لكن الأم تراقب الجميع طوال الوقت ولا تسمح لهن بالتصرف في حياتهن بعيدا عنها، فأبنتها الصغرى (نيللي) لا تحب تمرين السباحة، لكنها تضطر للاستمرار فيه استجابة لرغبة أمها، وابنتها الوسطى (هند) تخفي عن أمها اشتراكها في نشاط المسرح الجامعي خوفا من ردة فعل الأم التي ترفض اهتمامها بالتمثيل المسرحي، وكذلك أبنتها الكبرى (أروى) التي ترغب في العمل كمذيعة ولكن أمها تفضل لها أن تعمل مذيعة أخبار وألا تقبل بأي عمل قد يكون أقل من قدراتها، وهو ما يشعر (أروى) بأنها غير متحكمة في حياتها ومستقبلها المهني، وبعد صراع بينهما توافق الأم (شيرين رضا) على مضض أن تعمل أروى مذيعة ببرنامج ترفيهي.
ومن جهة أخرى، تشهد العلاقة الإنسانية بين (نادية وحسن) بداية جديدة أيضا، إذ نرى كليهما في عدة مشاهد في النادي، حيث تذهب نادية لمتابعة تمرين السباحة الخاص بابنتها الصغرى نيللي، ويذهب حسن لمتابعة تمرين كرة القدم الخاص بابنه الأصغر مصطفى، وخلال فترة التمارين، يلتقيان ويتحدثان في أمور الحياة وتربية الأبناء والعمل، وهو ما يوحي بأن ثمة علاقة إنسانية تنشأ بينهما، ولكن كيف سيكون شكل هذه العلاقة، هل سيتزوجان في النهاية، أم ستكون مجرد علاقة صداقة وزمالة أصيلة، هذا ما قد تكشف عنه الحلقات القادمة من المسلسل، الذي كتبه وأخرجه (هاني كمال) بعذوبة في الحبكة الدرامية والحوار الدافيء، فضلا عن أداء ناعم لمدحت صالح الذي غني التتر بشكل إنساني مؤثر.
لكني أتوقف عند مشهد الفضفضة التي دارت بين (حسن ونادية) في نعهاية الحلقة العاشرة باعتباره (ماستر سين الحلقاتالعشر الأولى)، خاصة أنه يدشن لحالة من الدفء في العلاقة بينهما، حيث جاء على النحو التالي:
يصحب حسن نادية إلى فضاء النادي في وصلة عتاب مصحوبة بمشاعر دافئة تنذر بمولد حالة من الرومانسية بينهما بعد تعدد الخلافات بينهما في الشركة التي يعملان بها، وفي حالة من الشجن المغلفة بتوتر ما بينهما في البداية تقول: هو انته ليه جبتنا هنا؟
حسن: عشان انتي قولتي عاوزين نتكلم لوحدنا.. قولتلك نتكلم في المكتب قولتيلي لأ فجبتينا هنا.. هاه بتسألي عن ايه بقى.
نادية: خلاص.
حسن: لوتحبي نقعد في كافتيريا مفيش مشكلة.
نادية بنوع من الحدة التي يغلب عليها نوع من التورط في الاعتذار: خلاص .. قولتلك خلاص.
حسن: انتي عصبية قوي.. ما تهدي على نفسك شوية.. حصل ايه لكل ده.. كنتي عاوزاني في ايه بقى؟
نادية: حاقولك.
حسن: أنا عارف حتقولي ايه؟
نادية: حاقول ايه؟
حسن: لوسمحت يا باشمهندس اللي عرفتوا عني ده محدش في الشركة يعرفه.. أنا ست مطلقة.. والمطلقة مطمع.. أنا مرتبة حياتي على كده.. ماحبش حد يدخل فيها.. صح؟
نادية: كويس انك عارف.
حسن: عشان كده ماكنش له داعي نيجي هنا ونتعب نفسنا.. خلاص.. خوفك الزيادة ده حطك في سجن يا باشمهندسة.. طول الوقت عاملة حساب للناس وبيقولوا ايه وبيعملوا ايه؟.. أنا مش كده.. آه أحافظ على كرامتي وشكلي قدام الناس، لكن في نفس الوقت ما بخفش أواجه المجتمع بظروفي.
نادية: ظروفك انته كراجل ولوحدك غير أنا ظروفي كست شيلتها تقيلة (أربع بنات).. هما نفسهم مطمع.. قبل ما تحكم على حد حط نفسك مكانه يا باشمهندس.
حسن: وليه محطتيش نفسك مكاني وانتي بتحكمي عليا.
نادية: وأنا حكمت عليك في ايه؟
حسن: لما تخيلتي لو أنا عرفت حاجة زي كده يا إما حاورح أقول للناس في الشركة يا أما حتكوني مطمع بالنسبة لي.. أنا مش كده.. متفكريش فيا بالشكل ده، ولعلمك ده اللي غاظني على فكرة وخلاني أرخم عليك الصبح.
نادية: وده يغيظك في ايه؟
حسن: فكرة ان يبقى فيه حد في حياتك بيسمعك وبيحس بيك ويشرحلك اللي حايصل دي حاجة نادرة في الزمن ده.. أنا كنت حابقى معاك كده، لكن سجنك منعني يا باشمهندسة.. سرك في بير ما تقلقيش.. كده خلاص يلا بينا.
نادية: لما جيتلي الصبح في المكتب وقولتي أنا زعلان عشان كان فيه مساحة إنسانية بينا.. الكلمة دي غاظتني.. لأني معرفهاش وما جربتهاش.. وفعلا مش فاهماها.. فاهم حاجة؟.. شربني قهوة.
ذهب حسن وجلب 2 قهوة وجلس بجوارها: اتفضلي .. ثم أردف قائلا: أنا تخيلت انك كنت عاوزة تتكلمي .. ايه بقى؟
نادية: عارف أنا بقالي أد ايه مشربتش قهوة بره البيت أو المكتب أو النادي لوحدي؟
حسن: أد ايه؟
نادية: تخيل مش فاكرة!!!
حسن: انت ايه اللي يمنع تاخدي فنجان قهوة بهدوء كده لوحدك أو مع حد من صحباتك؟
نادية: هدوووووء؟!
حسن: ايوه انتي حتنقطيني بالكلام ولا ايه؟
ترد نادية بهدوء: كنت عاوزها اتكلم ودلوقتي مش عاوزها.
حسن بانفعال مصحوب بسخرية: بمزاجك هوووه؟
نادية في محاولة للتماسك بعدم الفضفضة: أنا مش فاهمة ايه دخلك في الموضوع.. أتكلم أو ما اتكلمش دي حاجة بمزاجي أنا!
حسن في حيرة وتهكم: ايه الست المجنونة دي ياربي.
نادية: لآخر مرة حاقولك: احفظ لسانك.
حسن: احفظ لسانك.. كلمة قديمة قوي.
نادية ترد بنوع من الحنين للماضي: كلمة ماما.
حسن: الله يرحمها.. أكيد شافت منك عذاب.
نادية: ايش عرفك؟.. بموسيقى ناعمة تفضفض: اليوم اللي كانت عاوزه تتطلق فيه هو اليوم اللي عرفت فيه انها حامل.
حسن: كانت عاوزه تتطلق ليه؟
نادية: محبهاش.
حسن: قصدك باباكي؟
نادية بتهكم: لا جوز أمي.. أكيد بابايا طبعا .. ثم بتنهيدة: تصدق صح هو كان جوز أمي.. هى كانت حاسة بده.. وأنا ورمزي كمان.. علاقة باردة.. تحس انه بيعاقبنا على وجودنا.. لأن لو مكناش موجودين كان أكيد حسيبها.. ده كان واصل لها.. كان بيألمها قوي.
حسن بشعور من الندم: نادية أنا آسف قوي .. متعودتش أسمع من طرف واحد.. ومفيش أب بيعمل كده من الباب للطاق.. أكيد فيه حاجة غلط بينه وبين مامتك.
نادية: أكيد طبعا.
حسن: شوفتي؟!
ثم بدأت نادية بالفضقة في أسى: واحدة تانية حبها قبل ماما.. بس أبوها مرديش يجوزهاله.. فاتجوز أمي كان متخيل انه حينساها بس معرفش.. أما كبرت أمي كانت تقولي: أبوكي نده النداهة.. أقولها وانتي ذنبك ايه؟.. تقولي انتي وأخوكي يا نادية.. حبيته أعمل ايه؟.. أقولها: حبيته ازاي .. ايه اللي فيه يتحب؟.. تقولي احفظي لسانك، أقولها: طيب أنا لوحفظت لساني ازاي أحفظ قلبي أو إحساسي انها غلطة أو ذنب، ثم تضيف: عارف قبل ما تكمل 3 شهور في القبر هو كان عامل ايه؟
حسن يهز رأسه: اتجوز اللي كان بيحبها؟
نادية تهز رأسها في أسى: أيوه.
حسن: متوقع!
نادية: عاش معاها سنة وبعدين مات.. يوم ماقرر انه يتجوز أنا واجهته بمنتهى القسوة.. قولت له كل اللي نفسي فيه.. كل حاجة كنت حساها.. قالي ليه بتظلموني أنا عمري ما ظلمتكم.. سيبوني أعيش آخر أيامي مع الست اللي بحبها.. أنا مش عاوز منكم أي حاجة.. كانت آخر مرة أشوفه.. بعد كده جالي خبر وفاته.
نادية بتنهيدة: بعدها قابلت يحيى.. حبيته حب لايمكن تتخيله.. كان معيد عندي في الجامعة.. وأنا كنت تلميذته الشاطرة اللي بيشجعها.. في الوقت ده كانت الجامعة كلها بتجري ورايا.. كل يوم والتاني عريس وأنا أرفضه.. اخترته هوه.. حبيت حبي ليه وهوه حبني بطريقته.. هههههه شقلبلي كياني.. الناس كانت بتحسده عليا وأنا باحسد نفسي عليه.. حببني في البيت.. غيرني من واحدة عاوزه تشتغل لوحدة عاوزه تكون أسرة وبيت.. حطيت كل تركيزى ان أعمله بيت يكون سعيد فيه.. هوه بيبني مستقبله وأنا باكون الأسرة.. بيبي ورا التاني وفجأة لقيت عندي 4 بنات.. واللي كان بيحبه بقى زايد فيه.. يدخل البيت مش طايق دوشة البنات.. بطل يشاركني أي حاجة.. وأنا بين الشغل والبيت والبنات مفرمة محدش يستحملها.. لحد ما جالي في يوم وقالي: جالي بعثة في جامعة كبيرة.. قلت له أنا مش حاسافر.. قالي أنا حسافر وأرتب كل حاجة وابعتلك عقبال ما تفكري.. بعتلي فعلا.
حسن: وما روحتيش ليه بعد ما بعتلك؟
نادية: بعتلي ورقة طلاقي.. سافر علشان يهرب.. اترعب من المسئولية.. عرف انه مش يقدر يكمل لحد ما دمرلي حياتي.. الباشا دبسني وخلع.. ههههه.. فجأة لقيت نفسي لوحدي، وهرب على أبعد مكان عشان ما يضطرش يواجهني ويبص في عنيا ويقولي انتي طالق.. قالهالي في التليفون.. باردة عمري ما هنساها.. احنا ما ينفعش نكمل.. كتبتلك الشقة والفلوس اللي في البنك.. وقبل ما ألحق أرد عليه جرس الباب رن فتحت لقيت ورقة طلاقي!
حسن: معقولة فيه رجالة قلبها غبي للدرجة دي؟
نادية: كل الرجالة قلبهم وعقلهم أغبى من بعض!
حسن: احفظي لسانك لو سمحتي؟!
نادية: ارتحت أما اتكلمت.. ارتحت قوي.
يرن جرس الموبايل: أيوه يا أروي.. ياماما أنا طلعت أطلع الزبالة وباب الشقة اتفقل.. ترد نادية: هند راجعة كمان شوية تفتحلك .. هند ناسية مفتاحها ونيللي في السنتر.. معلش تعالي .. ممكن.. ماشي أوكي بااااي.. محدش مرتاح.. يلا؟
عنئذ ينتهي مشهد الفضفة الذي على ما يبدو أنه يؤسس لحالة رومانسية بين (حسن ونادية) تبدأ من الحلقة الحادية عشرة.