بقلم الفنان التشكيلي الكبير: حسين نوح
أين الكبار والعقلاء من المشهد الإعلامي لا أجد إلا القليل وعلى استحياء، لقد ترك كثير من الكبار والعقلاء المشهد وفقط يشاهدون كثير من برامج ساذجه وحوارات لا تساعد على غرس قيم إعمال العقل فيأتي بمعارف نحن في أشد الحاجه إليها الآن.. العالم يعاني من بقايا نتائج وباء الكورونا وما يحدث نتاج حرب روسيا وأوكرانيا والاقتصاد العالمي في أزمات متلاحقة ندعوا الله ان تنتهي.
المدهش أننا وسط هذا نعيش أغلب الأوقات في تلاسن يؤكد حالة عدم الفهم وخطورة ما يحدث إلاعلى فترات متباعدة، يحذر البعض من العقلاء من خطورة قلة الوعي فما يحدث بشكل عام على سطح المشهد الإعلامي من كثير من برامج وافتكاسات تزيد من حالة الشبورة التي جعلت العقل الجمعي المصري وللدقه الكثير منه في حالة من الاستفسار الدائم ويصل للتعجب وهنا أسأل اين الكبار؟.
تابعت وشاهدت في الإعلام المصري كثير من الكبار خلال السبعينيات والثمانييات في برامج حوارية تلفزيونية وإذاعية يفسرون المشهد ويساعدون في إيضاح معالم الصورة، فكانت الصحافة الورقية فنقرأ (بصراحة) لحسنين هيكل ونقرأ للطفي الخولي وزكي نجيب محمود وأحمد أبو الفتح وثروت أباظه وكبار الكتاب ونجد في البرامج الحوارية يوسف السباعي وحوارات للعقاد وعبد الرحمن الشرقاوي، وفيضآً من معارف تقدم للمواطن فيدرك وينتمي ويقف مع بلده واعيآً مدركآً للحظه فحين تمنع اللحوم وتطالب الدولة أن تصبح ثلاثة أيام فقط فالكل علي قلب رجل واحد ووقف البعض منا في طوابير الجمعيات التعاونية، وعاني البعض من أعطال التليفونات وغياب كثير من كماليات الحياة، لكن كنا نعرف أننا في ظرف يحتم علينا التكاتف من أجل مصر الغالية.
الآن لا أحد يفسر الأحدث للشباب والأبناء تركناهم لشبكات التباعد كما ترك الأب الأسرة وانطلق فقط للبحث عن المال، والنتيجه تفككت بعض الأسر واتجه الشباب للشبكات والترند وتعالى على الخاص، وسقط البعض في بئر الكيف ويصل أحياناً للأدمان، والنتيجه نشاهد أحدات ترتجف منها الأبدان ويطالعنا الإعلام بالأب يقتل أطفاله الثلاث، والشاب يذبح صديقه في الطريق العام، ولا نجد إلا الدهشه وتتوه الظاهرة وسط زحام تجليات إعلام يبحث عن (ترند) بأي ثمن ويأتي به من شبكات التباعد وتسيطر السخافات والإرهاصات لبعض الفنانين من معدومي الثقافة والوعي ونجوم الصدف نتاج حاله الاستخفاف الإعلامي وظهور الطفيليات العقليه تتحدث عن الاقتصاد والسياسه والطب وأحيانآً الطبيخ، وأخيراً كائن الجمال المستحدث (فتاة العز) صاحبة الصوت الشتوي والنصائح الساذجة والتي لا تقدم إلا استظراف ومحن يكشف عن تردي وتخلف عقلي فلا هدف لها إلا أن تكون متواجده على سطح (الترند) الملعونه ويتواري العقلاء.
وحين تتحدث مع بعض الشباب فليس لديه إلا الشكوى ويحزنني قلة الوعي الذي أراه من تجاهل الكبار للشباب وتركهم فريسة لشبكات التباعد وبعض قنوات الإعلام المشغولة بالكم وليس الكيف فيمتلئ الهواء بكثير من هرتلة وفضفضة كثير منها نسائية ودعائية ومدفوعة الأجر!، والنتيجة فقاقيع لا تترك أثرا ولغو طيبا لمزيد من الأموال لتستمر القناة ولا حياة لشباب يبحث عن الحقيقة والمعرفة فلا يجد وخصوصآ من الكبار عقلاً واستنارة، أين برامج التوعية غير المباشرة وقيم الانتماء والولاء وإعمال العقل والاحتفاء بالحقائق من المتفوقين في كل المجالات ولدينا الكثيرون، ولكن العجيب أن يتصدر المشهد الإعلامي في كثير من الأوقات مشاكل خاصه لفنانه ساذجة او مذيعه تم فرضها عنوة لتحقيق ترند أجوف!
ما هذا العبث والاستخفاف بالعقل الجمعي الذي علينا جميعاً وخاصة الإعلام تحفيزة بكل قيم التصالح مع الجمال وقيم الخير، والأهم الانتماء.. أهم ما نحتاجه في تلك المرحلة، وأتذكر كيف كانت الدراما في السينما تقدم أسمي معاني الانتماء، ولدينا أمثله مثل فيلم (في بيتنا رجل) وقيم قيمة أن تدافع عن وطنك وبيتك وأسرتك والفاعل هو الشباب كما قدمه النجم (عمر الشريف)، وكذلك (القاهرة 30) وقيمة النضال الوطني وفيلم (قنديل أم هاشم) للقدير (يحيى حقي)، وقيم الأخذ بالعلم والمعرفة بديلاً عن الخرافات، قدم النجم (شكري سرحان) دور الطبيب المتعلم الواعي الرافض للتخلف والعلاج بزيت القنديل.
أما كثير مما يقدم الآن إنما الأهمية الكبرى هى الاستعداد لوجبة رمضان الدسمة بكثيرمن دراما البعض منها فقط لبطولات عنترية معظمها لتكريس قيم البلطجة والعنف والمطاردات ومواضيع بلا أي قيمة إلا من قليل، ثم برامج وأعمال معظمها لا يترك أثرا إنما فقط ترفيه معظمه ساذج والسبب انسحاب الكبار من المشهد وتركنا الساحة للورش ومسلسلات (السوتيه) المسلوقه السريعه وبرامج المسابقات التي تكرس لتسطيح العقل، وتظهر بعض الأعمال الجيدة ولكن تمر مرور الكرام وسط كثير من تسطيح.. اتقوا الله في مصر فهي تستحق وتنطلق.