بقلم الإعلامي: علي عبد الرحمن
يعيش المصريون فترة من القلق والترقب والمكابدة وانتظار ما لايجئ وسط جو ملئ بالشائعات والتكهنات والفتاوي، فمابين جنون الدولار وتدني سعر الجنيه وانفلات الأسعار وغياب الرقابة علي الأسواق ومنع الاستيراد ودوامة الغلابة في سبيل لقمة العيش فقط وليس الحياة الأفضل.
فبعد أن كان الصينيون وحدهم هم أكلة أرجل الفراخ نافسهم المصريون اليوم في أكلها وكذا هياكل الطيور التي كانت أكلا للكلاب وغيرها فقد وصل سعر كيلو الفراخ إلي مافوق الثمانين جنيها، وإذا كان متوسط وزن الفرجه 2 كيلو جرام فقد قارب سعرها الـ 200 جنيه،وهى الأكل الجماهيري في المرتبة الثانية بعد الفول الذي وصل سعر الساندوتش فيه إلي 8 و10 جنيهات، وقارب سعر طبق الكشري 50 جنيها، واكتمل سعر الفرخه 200 جنيه، ونحن هنا لا نقوي علي الاقتراب من أسعار اللحوم والمأكولات البحرية لأننا لانفكر فيها أصلا.
وحيث أصبحت تسجيلات أهل مصر على تطبيقات السوشيال ميديا بعد أن كانت فكاهية أو إبداعية أصبحت الآن شكاوي عدم المقدرة علي العيش أو توفير أكل الصغار، وامتلأت هذه التطبيقات بمناشدات أهل مصر لأولي الأمر بأنه لا سبيل للتحصل على أكل الأولاد في هذا الانفلات الجنوني لأسعار السلع والخضروات والمأكولات، وبالطبع لانجرؤ نحن على التطرق لأسعار الملابس والأحذية ولا الموبيليا والمفروشات ولا الأدويه وأسعار الكشف ولا السيارات وقطع الغيار، فكل ذلك بعيد عن اهتمام من لا يجدون سبيلا لقوت اليوم وأمام الله والمسئولية المجتمعية أمام الشعب خرج بعض الإعلاميون والشخصيات العامه ليسجلوا أيضا شهادتهم عبر تطبيقات السوشيال ميديا ناطقين بأن المعيشة أصبحت صعبة والأسعار منفلتة والقلق والتوتر سائد والناس لاتعلم ماذا بعد!، أو إلي أين نحن سائرون أو إلي متي يستمر هذا الوضع؟.
ولكن بعضا من إعلامي الغفله مازالوا مصرين على إستفزاز الجماهير بأقوال مستفزة مثل: (بكره أحلي، وإحنا أحسن من غيرنا، والأزمه عالميه، واحنا اتربينا علي العيش والجبنة والشلولو، واحنا عمرنا ما كنا سويسرا، واحنا كنا شبه دول)، وتعبيرات أخري لا يمكن أن تلائم ظروف المصريين ولا تهدأ من قلقهم ولا تخفف أبدا من كم الضغوط عليهم، ورغم هذه المناشدات الجماهيريه من صعوبة العيش وصعوبة توفير قوت اليوم، ورغم قلق المصريين من هذا الوضع ومابعده إلا أن لم يخرج عليهم مسئول يهدئ من روعهم وتركنا أهل مصر فريسه للشائعات والفتاوي، فما بين ان سعر الدولار الذي سيصل 50 جنيها، وبين شروط صندوق النقد المجحفة وبين توقف المشروعات القومية وبين رسوم الزواج وبين زيادة أسعار المحروقات وبين تخفيض الرواتب وبين إشاعات تعصف بأهل مصر في ظرف هم جاهزون لإستقبال وتصديق أي شئ طالما مركب الحياه مضطرب بين أمواج الغلاء والجشع والإحتكار.
وبينما أهل مصر في وضعهم هذا، إنعزل اعلامهم الذي يكلفهم مايقرب من 20 مليار جنيه سنويا ويمتلك نوافذ ووسائل متشابة ومتكررة ولا تقدم محتوي ولاتنافس وأضاعت بسطحيتها ريادة مصر وقوتها الناعمة وروافد شخصية مصر في ظل الجمهورية الجديدة، هؤلاء المنعزلون عن أهلهم لم يتطرقوا لمعاناة أهل مصر ولم يقدموا تقريرا من أسواق مصر، ولم يصاحبوا حملة للتفتيش علي الأسعار ولم يقدموا صورا لما تم الإفراج عنه من سلع وبضائع بتعليمات رئاسيه، ولم يردوا أصلا على الإعلام المعادي والذي استغل الظرف الاقتصادي ليدغدغ أحلام المصريين في غدا أفضل وأصبح يتنمر علي سعر كل شئ ووضع كل شئ مسببا إحباطا مؤلما لمن يشاهدهم من المصريين.
ورغم كل ذلك وأكثر صال إعلاميو الانعزال في قضايا التفاهة والتسطيح مثل قضية الزبال وفتي محل الكشري وملاسنات رجل أعمال مع مذيعي النظام وردح هؤلاء المذيعين لرجل الأعمال، وكذا كلمات بعض الإعلاميين عن بعضهم الآخر فهذا عميل سعودي وذلك منافق مصري، ومن تطاول علي ثوابتنا الدينية ومن ومن، تفاهات كثيرة لاعلاقة لها بوضع أهل مصر الصعب وكأن هؤلاء الاعلاميين ليسوا من مصر ولا أهلهم شعبهم، ولا ظروفهم تخصم، فهم من ذوي الرواتب المليونية فلا يهمهم كم سعر الفرخه أو الديك!، وأصبح أهل مصر بين سندان الأسعار ومطرقة المستفزين المنعزلين عن مجتمعاتهم، والذين شخصنوا البرامج لصالحهم وكأنه وقت تم شراؤه لهذا المذيع او ذاك.
أليس الإعلام هو واقع الشعب والمعبر عن همومه والباعث للأمل في بكره والمنحاز إلى جماهيره من دافعي الضرائب وأبناء الوطن، ورغم أننا دولة لديها مجلسا أعلي للإعلام والذي لديه تشريعات وصلاحيات ولجانه المتخصصة، ورغم أننا دولة لديها هيئات للإعلام المقروء والمرئي والمسموع، ورغم أننا دوله لديها نقابات ثلاث للصحافة وللإعلام وللإعلام الإلكتروني، ورغم أننا دولة لديها غابة من التشريعات ذات الصله بتنظيم الإعلام، رغم كل ذلك لم تحرك هذه الملاسنات والشخصنة مجلسا، ولا هذا الانعزال المستفز هيئة، ولا هذا العبث المهني نقابة، ولا كل هذا التناقض تشريعا.
فماذا إذن الحل؟، ومن يطمئن أهل مصر، ومن يضبط أداء إعلامها، ومن يسمع صوت المصريين، ومتي تتعدل الأحوال؟.. كلنا أمل في الله وفي غده فأهل مصر يستحقون وإعلامهم ليس إعلامهم.. بعث الله فينا الأمل في الغد، ويسر أمور معيشتنا.. وأنعم الله علي مصرنا وأهلها.. وتحيا دوما مصر عباءة تحتها كل المصريين والسلام.