تعرف على القصيدة التى كتبها منصور الرحباني لحبيبته وغنتها فيروز!
كتب : أحمد السماحي
نحيى هذه الأيام ذكرى المبدع الكبير منصور الرحباني، الذي رحل عن حياتنا في مثل هذه الأيام وبالتحديد يوم 13 يناير عام 2009، وبهذه المناسبة نتوقف عند واحدة من القصائد التى كتبها في سيدة أحبها من منطقة (تلة الخياط) التى تعد واحدة من أعلى مناطق العاصمة اللبنانية بيروت، وعلم عام 1974 أنها ستحضر حفل (فيروز ووديع الصافي) الذي أقيم ضمن مهرجانات بعلبك تحت عنوان (قصيدة حب) فأراد أن يهديها بيتين كنوع من التعبير عن إعجابه، ماهى هذه القصيدة؟ ومن غنى هذه الكلمات تعالوا نترك الأسطورة (منصور الرحباني) يحكي بنفسه كما جاء في أحد البرامج التى ظهر فيها قصة أو (حدوتة) هذه القصيدة:
ذات يوم وكنا نهيئ (قصيدة حب) لمهرجانات بعلبك عام 1974، يومها طلب مني شقيقي (عاصي) تجميع أبيات شعر كتبها شعراء من عصور مختلفة فيها مشاعر الحب والحنين للوطن في لوحة واحدة، كان الهدف ألا يشعر المستمعون أن الأوزان مكسورة أو أن النظم غير منطقي، فأراد أن يضفر النص كله في مجموعة من الأغنيات السريعة يتبادل غنائها فيروز ووديع الصافي، اخترت له أبياتا متنوعة اخذت اقرأها له وهو يصغي، كعادته بعد مرضه: (يده وراء أذنه)، قرأت له: (بروحي تلك الأرض) من الصّمة القشيري (من شعراء العصر الأموي) فوافق، وقرأت من أبي نواس: (حامل الهوى تعب)، و(يا غزالا في كثيب) فوافق كذلك.
وأكملت كل ما اخترت من أبيات، وافق عليها جميعها، حتى وصلت الى بيتين مطلعهما: (إذا كان ذنبي أن حبك سيدي، فكل ليالي العاشقين ذنوب) فتوقف عندهما وسأل: ولمن هذان البيتان؟، فقلت له: (للراعي النميري) قال: هذا (الراعي النميري) أكثر هؤلاء الشعراء نضارة، أأنت متأكد منه؟! وأغرق عينيه في وجهي فكتمت ضحكة عميقة وقلت: نعم! فوافق عليهما، لكني أحسستُ بحسه الفطري المدهش انه لم يقتنع.
وليلة تقديم الحفلة في بعلبك، أخذ برنامج الحفلة بين يديه يتصفحه، حتى وصل الى هذين البيتين فوجد التوقيع تحتهما: كلمات وألحان (الأخوين رحباني) غناء فيروز، ناداني: (منصور! عملتها فيي!.. افتكرتني مش رح انتبه؟) قلت له وأنا مطمئن إلى ان العمل بات مسجلا ولا مجال لتغيير شيء فيه، وأخبرته القصة بكاملها، والقصة أن الهدف لم يكن أن أسجل اسمي بين أهم شعراء العرب، بل كان له هدف آخر، فقد كتبت 4 أبيات لسيدة أحبها في منطقة (تلة خياط) وعلمت أنها ستحضر الحفل، فكتبت هذه الأبيات إلى هذه السيدة لأني أعلم انها ستكون من بين الحضور في بعلبك، فشئت أن أحييها ببيتين من تلك القصيدة التى تقول كلماتها كاملة:
أعـودُ إلى صمتي.. ويَـرحَلُ طِيبُ
ووَجهي، كَرايات المساء، شُحُوبُ
أيا صيفَ هذا الصيف، لا تأخُذ الشّذا
فبَعضُ الشذا منها… ومنكَ هبوبُ
ويا (تلَّةَ الخيّاط)، لِي فيكِ نَجمةٌ
وفـوق تلال الرمل منكِ صَليبُ
يُسَمِّرُنِي حُبٌّ عليه.. إلى المدى
وبيتُ القُسَاة الصَّالِبِيَّ.. قَريبُ
وأنتِ، على ما تَعْلَمين، حَبيبةٌ
وكلُّ مكانٍ، أنتِ فيه، حَبيبُ
إذا كان ذنبي أَنَّ حُبَّكِ سَيِّدي
فَكُلُّ ليالِي العاشِقِينَ.. ذُنوبُ
أَتُوبُ إلى رَبِّي.. وإنّي لِمَرَّةٍ
يُسامِحُني ربي.. إليكِ أَتوبُ