ناصر الصالح: جوري قطان موهبة سعودية أراهن عليها بقوة خلال الأيام القادمة
كتب: أحمد السماحي
يزداد يقيني يوما بعد يوم أن الموسيقار السعودي شديد الموهبة (ناصر الصالح) لا يشتغل ألحانه لهذا العصر ولكن لعصور قادمة، فعندما تستمع إلى أحد ألحانه وكلما أمعنت في التأمل والدراسة لابد أن تكتشف مالم تكن قد استكشفته من قبل وتضع يديك على مزيد من الجمال والمعايير الفنية التى لم تنتبه إليها من قبل، والتى قدمها هذا المبدع الكبير الذي لم يتم حتى الآن تقييم مشواره نقديا بشكل حقيقي.
مجرد أن تقترب ألحان (ناصر الصالح) من وجدان بشر حقيقيين خاليين من البغض والكراهية، محبين للخير والحق والجمال حتى تلتحم بمشاعرهم التحام النار بالحطب الجاف لترتفع ألسنة الوهج الخضراء في لون الحشائش، صفراء في لون السنابل، حمراء في لون الحقيقة، فالرجل مؤمن بقول بتهوفن: (يجب أن تشعل الموسيقى النار في قلب الرجل، وتسيل الدموع من عين المرأة)، وهكذا تفعل معظم ألحان (الصالح)، ويضاف إليها إنها مليئة بالطرب والتجديد والتطور ومشغولة بالأصالة الفنية.
مع نهاية عام 2022 أمتعنا (الصالح) بطرح أغنية جديدة متميزة للغاية من ألحانه وبصوته بعنوان (دنيا الكلف) كلمات الشاعر المتميز الراحل عبدالله أبوراس، توزيع معتز ندا، يقول مطلعها:
خلاص يا دنيا الكلف والندامه ..
ماهمني من جاء ولا أهتم من غاب !
ماشي بجنب الحيط وابغى السلامة ..
حتى الحبايب ما أبي منهم أحباب!
ورغم قسوة الكلمات، وانسحاب المحبوب من الحياة وسيرة (جنب الحيط) لما تعرض له طوال حياته من طعنات سببها براءته وصدقه لبعض الناس الذين يظهرون غير ما يبطنون، رغم كل هذا البعد عن الناس، إلا أن اللحن جاء جاذبا الناس وتسلل إلى وجدانهم بقوة صدقة وتناوله كل كلمة وكل معنى فجاء عذبا يغذي الروح والوجدان.
ومع بداية العام الجديد تعاون (الصالح) مع موهبة سعودية جديدة تبشر بالخير اسمها (جوري قطان)، ولحن لها أغنية جديدة طرحت خلال الأيام الماضية بعنوان (على حسب) كلمات الشاعر خالد العوض، توزيع ووتريات معتز ندا، وقدم من خلال هذا الصوت السعودي الواعد لحن من أجمل الألحان الشرقية التى استمعنا إليها مؤخرا، بداية من المقدمة الأولى التى تعلن بقوة عن لحن يتفجر بالموهبة والبساطة والحضور والطرب، ووظف الصالح مع الموزع معظم الآلآت التى استخدمها في اللحن مثل (الناي، والقانون، والجيتار، ومجموعة الوتريات) بشكل مبدع ورائع.
وقدم الشاعر (خالد العوض) لـ (جوري) موضوع اجتماعي جميل متميز، عن حيرة الحبيبة في الرجوع إلى حبيبها، فهي حتى لحظة غناء الأغنية لم تحسم قرارها فتقول: (ما ودي استعجل، وأصرح بفرقاك، وماودي أرجع لك و بعدين أندم)، لأن الحقيقة أن الحبيبة لديها حق في هذه الحيرة فالحبيب كان فظا غليظا في تعامله معها فقد جرحها وظلمها وعذبها رغم حبها له وتضحيتها من أجله، لكن هذا الحبيب نمرود ومتكبر ويبدو أنه كان واثقا من حبها له، وأنها تهواه، لهذا تدلل عليها فتركته لعل الهجر يعلمه، وفي نهاية الأغنية تسأله :
(أهواك؟! طيب يعني وإن كنت أهواك
شاللي خذيته منّك احتاج افهم
قلبي اللي ضحى لجلك سنين وأعطاك
حُب ووله شاللي عطيته .. تكلم ؟)
وتركت الحبيبة الحبيب حائرا في نهاية الأغنية بعد أن فجرت مفاجأتها وطلبت منه أن يتكلم لو كان يهتم!، وحتى الآن لم يتكلم ولاذ بالصمت! ومطلوب من الشاعر (خالد العوض) كتابة جزء ثاني يرد فيه الحبيب على حبيبته، ويوضح لنا أسباب هجره لها بعد كل هذا الحب من جانبها، لعل يكون لديه أسباب قوية تجعلنا نتعاطف معه.
الموسيقار السعودي الكبير (ناصر الصالح) أعرب لـ (شهريار النجوم) عن إيمانه الشديد بموهبة (جوري قطان) التى يتبناها هذه الأيام ويرعاها ويقدم لها كل العون والمساعدة التى تعينها في مشوارها الفني، وحتى يحميها وتكون على موعد دائم مع الغناء والألحان قرر أن يحتكر صوتها، ويقدم لها كل فترة لحن سواء من إبداعه، أو من خلال إبداع زملائه الموجودين على الساحة الغنائية الآن.
وصرح الصالح: أنه بدأ مع (جوري) مشوارها، من خلال لحنه الجديد (على حسب)، وخلال الفترة القادمة وبالتحديد مع عيد الفطر المبارك سيطرح لها ميني ألبوم يتضمن أربعة أغنيات، تتعاون فيها (جوري) مع مجموعة من عمالقة الألحان وهم (أحمد الهرمي، وياسر بوعلي، وفايز السعيد).
وعن ما يتميز به صوت (جوري قطان) الذي جعل عملاق كبير مثله يتبناه ويحتكره قال صاحب الأماكن: صوت (جوري) من الأصوات الحساسة الدافئة، المرهفة، المليئة بالحنية والمشاعر، كما أنها صوت لا يشبه أحد من الموجودين هذه الفترة على الساحة الغنائية، لهذا أتوقع لها أن تكون واحدة من أهم الأصوات السعودية التى ينتظرها مستقبل واعد بإذن الله.