بقلم الإعلامي: على عبد الرحمن
منذ ثورة الجماهير في الثلاثين من يونيو 2013 وشعبنا الصبور يتحمل غياب المؤسسات وساند وجودها، تحمل انفلاتا أمنيا ودعم كوادره، تحمل غياب الانضباط وشكل لجانه الشعبية، تحمل وعودا ببكره أفضل وانتظر رخاءا قادما، تحمل قصورا في الخدمات وانتظر تحسينها، تحمل سيل من القرارات الاقتصادية أثقلت كاهله، من تسعير خدمات مرتفع وتدني أجور وغلاء أسعار وتغول التجار وأهل السناتر والدروس الخصوصية، وكان يحلم بواقع أفضل كلما أطل عليه مسئول بوعد جديد في غد أفضل.
تحمل كثيرا، وانتظر لغد ألطف طال انتظاره، وحوارا وطنيا يعلي شأن المواطن، وحكومة تكبح جشع التجار والأسعار، ونوابا يحاسبون الحكومة وإعلاما يعبر عن معاناته، وطال تحمل الشعب وطال انتظاره وطالت معاناته، وكأن الحكومه والنواب والاعلام تاهت منهم معاناة شعبهم، وأصبح الشعب تائها في واد، والثلاثه في واد آخر، حتي نشبت حرب أوكرانيا وانقلبت الدنيا رأسا علي عقب، كل شئ طاله الغلاء بحجة هذه الحرب وأصبحت اللغه السائده انها أزمة عالميه إقتصاديه!!!.
ومل الشعب من هذا النغمه بعد أن طال الغلاء حزم الجرجير والبصل حتي في أرياف مصر رغم أن هذه الحزم لم يتم نقلها أصلا فيدعي بائعوها أن سعرها ارتفع بسبب أزمة الطاقة والغذاء وحركة سعر الدولار لأعلي والجنيه لأسفل، وتساءل الناس: هل دول العالم بها مرتب 1200 جنيه؟، وهل الأسعار عندها لا تتم مراقبتها؟، وهل معارض السلع بها موسمية شهر واحد في العام؟، وهل قراراتهم الاقتصاديه قاسية؟، وهل عملتهم منخفضة القيمة؟، وهل لديهم سناتر للدروس الخصوصية؟، وهل لديهم أغنياء قلة وفقراء كثيرون؟، وهل لديهم خدمات سعرها مرتفع؟، وهل لديهم سياس؟، وهل شقق الشباب لديهم تربو على نصف مليون جنيه للوحدة؟، وهل وهل؟، ولماذا نحن نشبههم في الغلاء فقط وليس في باقي ظروف العيش!!!.
وصمتت الحكومه بعد هوجة انفلات أسعار السوق، وصمت النواب تجاه معاناة أبناء دوائرهم اللذين جعلوهم نوابا، وتنطع إعلاميون استفزازا لشعبهم بين قائل أزمه عالمية وشارد أننا أحسن من غيرنا وتائه يتغني بتحسن اقتصادنا ومبالغ في النفاق ان الانفراجة قريبه، وزادت معاناة الشعب وحاول كعادته التنفيس عن نفسه فأطلق نكاته حتي قالوا (لو فضلنا لرمضان في الوضع ده هيبقي الفطار زي الحج لمن استطاع إليه سبيلا!)، فكان صمت الحكومة والنواب قاتلا للشعب لعدم الإحساس بمعاناته!، وكان كلام أهل التنطع من الإعلاميين أشد قتلا وإيلاما.
وعلت أصوات الشارع عامة ونخبا: إن الوضع لايطاق اقتصاديا، وكيف نعيش بدخولنا المتواضعة، أم يسلك البعض أمام الحاجة للعيش مسلكا منحرفا؟، وزاد أهل الثراء ثراءا وأهل الفقر معاناة، وظن الشعب انه وقع فريسة لرسوم وغرامات وأسعار ودخول لاملجأ منها إلا إلي الخالق الرءوف الحليم؟
وفجأة وبدون مقدمات وبدون تغير في الوضع وبدون انتظار شعبي، وبعد فقدان الأمل فيهم وفي يوم واحد تغيرت لغة خطاب الكل، نعم الجميع، الحكومه يتم استجوابها في مجلس النواب، والنواب علت أصواتهم ضد الحكومة من حيث غلاء المعيشة وتدني الدخول وغياب الرقابة ونقص الأوزان وانتقاد معارض السلع الرمضانيه فقط، وتساءلوا وماذا يفعل الشعب باقي العام؟، ويا سبحان الخالق الإعلام أيضا يتابع ذلك وينضم معهم لصف الشعب ويترك جانبا مقولة أزمه عالمية واحنا أحسن من غيرنا واحنا داخلين علي رخاء مستمر!
وتعجب الشعب من هذا التغير الفجائي، وتساءلوا ماذا حدث؟، ومن أعطي لهم الأمر بذلك ولما نطقوا بعد صمت ولماذا أقر المتنطعون بمعاناة الشعب وخلعوا ثوب النفاق واللامبالاة؟، لقد أمر السيد الرئيس الحكومه بالقيام بدورها في توفير السلع وضبط الأسعار، وكلف رئيسها بسرعة الإفراج الجمركي عن السلع بالمواني، بل ويذهب رئيس الحكومه بنفسه إلي المواني ليتأكد بنفسه من سرعة الإفراج وحجم وكميات السلع، وخاطب الرئيس شعبه في سوهاج بأنه يشعر بمعاناتهم وأنه يسعي لتخفيف ذلك، وهذا أراح بعضا من هواجس أهل مصر، وتأكد البعض الآخر أنه لاحكومه ولا نواب، ولا اعلام أحسوا به!، إنما هو الرئيس وحده وهذا يكفي
إنه شعب مصر ، وإنها معاناته، وإنه الصبور المكابد العائش على أمل في غد أفضل يخلو من المعاناة والصمت القاتل والكلام الأشد قتلا.. حمي الله مصر وشعبها، وتحيا دوما مصر.