بقلم : الإعلامي على عبد الرحمن
تنتشر الشائعات في أوساط المجتمع عند نقل البيانات ويقل التواصل الرسمي مع الجماهير، وينعزل نواب الشعب عن دوائرهم ويختفي قادة الرأي من أهل الثقه والمعلومة، وعندما يتقوقع الإعلام ويقصر في أداء دوره الوطني الواعي الفعال، وبناءا على كل هذا وجه السيد الرئيس هذا الأسبوع الحكومه بكافة مكوناتها بضرورة توفير البيانات عن كل ملفات العمل الوطني ومجريات الأمور اليومية وإيصالها للمواطنين حرصا على مقاومة الشائعات المغرضة، والتي تنتشر عند انعدام المعلومه الموثقة وغياب التواصل الرسمي وقصور الإعلام.
وما حمله توجيه السيد الرئيس ضمنا هو أهمية التواصل الحكومي مع الجماهير وأهميه التحام النواب بأهالي دوائرهم وأهمية قيام قادة الرأي الثقاة بدورهم تجاه مجتمعهم، وأهمية تحرك الإعلام بمهنيه للحصول علي البيانات الدقيقه وقيامه بدوره الوطني في إيصال هذه البيانات إلي المواطنين في الوقت المناسب، ولقد عانت مصر كثيرا من تدفق سيول من الشائعات حول موضوعات مصريه كثبره منذ ثورة يناير 2011 وحتى الآن، ولقد طالت الشائعات حتى الآن جوانب كثيرة من حياتنا مابين بيع أصول الدولة ومؤسساتها وبين فرض رسوم جديدة وبين رفع سعر كل شئ وبين إطلاق الشائعات على موقف مصر اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، وحتى علاقاتها الدوليه المتشابكة، ويقف وراء معظم هذه الشائعات أفراد من الجماعه المحظورة وأبواقها الإلكترونية، وكذا أجهزة معلومات لاتريد خيرا لمصر، وأخيرا أفراد وجماعات داخل الوطن لايروق لها تقدم مصر واستقرارها.
وخيرا فعل مجلس الوزراء بأن أصبح يرد علي بعض الشائعات من خلال مركز دعم واتخاذ القرار التابع له، ونتمني من وحدات الإعلام التابعه للهيئات والوزارات أن تفعل نفس الشئ لصالح الوطن وأهله، ونتمني أيضا من السادة أعضاء مجلس النواب والشيوخ والمشاركين في صنع القرار أن يلتحموا ويوضحوا ويفندوا تلك الشعائعات لأهالي دوائرهم، وأن يقوم قادة الرأي بدورهم في التصدي والتوضيح.
أما عن الإعلام ودوره وتقصيره وإفساحه للمجال أمام الشائعات المغرضة، فإن إعلامنا اللاهي المقصر المتقوقع في استديوهاته، المسرف في نفقاته، البعيد عن المنافسة، المتآخر عن الريادة، الخالي من المحتوي، العاجز عن الصد والرد والتوضيح هو أحد أسباب إطلاق وانتشار الشائعات، حيث لا يجيد فن الرد والتفنيد، وليس له صوت مدافع أمام أصوات عديده تكذب ليل نهار، ولو أن إعلامنا يعمل بمهنيه لما كانت هذه الأبواق والأصوات والشائعات التي تستغل عجز إعلامنا عن المواجهه وعن الحراك والتوثيق للرد، لأنه لا يسعي خلف المعلومة ولا خلف المسئول، ولا يفند كذبا ولا يستضيف خبيرا مختصا من أهل الثقه، ولا يوصل أي شئ لأهلنا في بر مصر.
ولقد تسبب عجز وتقصير وتقوقع وتسطيح هذا الإعلام في النيل من صورة مصر بالخارج، وفي ضيق وإحراج الملايين من أبناء مصر في الخارج، وفي قلق وتوتر مواطني الداخل، بل وتسبب برعونته هذه في ترعرع أصوات فارغه وأبواق كاذبة وإشاعات مغرضة، مما دفع السيد الرئيس بهذا التوجيه للحكومه متخطيا بذلك منظومة الإعلام كثيرة النوافذ، باهظة التكاليف بعد عدة مرات من اللوم والتوجيه دون جدوى، فإعلامنا لم يقدم سبقا ولا شرحا، ولم يغط إنجازا ولم يشرح مبررا، ولم يشبع فضول أهل مصر ولم يرضهم، وأيضا لم يقدم صورة واقعيه لمصر في الخارج ولم يتواصل مع أبنائها في الخارج، ولم يتنقل بين إنجازات يراها المواطن بعينيه في تحركاته اليوميه ويتساءل لماذا لم يصل الإعلام لما نراه.
ولما أصبح جهة بث لما تنتجه وترسله إليه وحدات الإعلام في الوزارات والهيئات ونسي إعلامنا أنه جهة إنتاج وبث وإخبار وإعلام وتوثيق وتثقيف، وليس جهة انعزال وتسطيح وتقصير وسخط من الشعب وقادته ومختصيه.
لقد سبق وأن أشرنا هنا في موقعنا هذا أن أحد أهم مشكلات مصر هو سلوك إعلامها، واليوم نؤكد أنه سبب رئيسي في انتشار الشائعات وترعرعها، لأنه يعمل بلا خطط وبلا هدف وبلا هويه وبلا تكامل مع منظومة العمل الوطني، فهو لا يتابع ولا يرصد ولا يشرح ولا يفند ولا يتصدي لفضول أهل الداخل ولا لعدوان أهل الخارج، ذلك بعد فراغ مضامينه وفقدانه محتواه، وتنازله عن ريادته وضعفه في مضمار المنافسة، وتخليه عن صنوف إنتاج كبيرة وضخمة ومشرفه سواء في مجال المنوعات أو الانتاج الوثائقي أو محتوي الطفل أو الأسرة ونسيانه أهل الأقاليم وأطراف الوطن، وعدم إلمام القائمين عليه بأحوال سوق الميديا من انتاج وبث ومنافسة وريادة.
وأصبحنا نمتلك أعدادا من الشبكات والقنوات والشاشات لا ينافسنا في عددها أحد، وأصبح سيد التشابه الذي لم يسبقنا إليه أحد وملك المحتوي الفارغ الذي لم يسير عليه قبلنا أحد، ولم يقدم محتوي جاذبا ولا رسالة إيجابيه، ولم يقدم بلدنا كماهي ولا أقول أجمل مماهى عليه، فلا شائعات تصدي لها ولا مواطن أراح فكره ولا وطن خدمه برسالة إيجابية ولا تابع إنجازا ولا قدم محتوي ولا نافس من حوله ولا حافظ على ريادته وأصبح معزولا مرفوضا، ولقد بح صوت أهل مصر ومسئوليهم ونخبهم من مناشدة الإعلام بتصحيح مساره والعدول عن ترهله والتوجه نحو شعبه، ولكن لاحياة لمن تنادي، وأصبحنا ننفق المليارات على وسائل إعلام هرمت وقيادات بلا رؤي وإسراف لا سقف له واحتكار قتل إبداعاتنا، وعاد جمهورنا يبحث عن المعلومة في وسائل إعلام الغير وفي فضاء السوشيال ميديا، وأصبح الرئيس يصنع إعلامه والوزارات والهيئات كذلك والمواطن أيضا.
فمتي يحدث تنظيم إعلامنا وتصحيح مساره وظهور من يدبر أمره ووجود خطة وأهداف ومحتوي وتنافس وريادة وتفرد وترشيدا للنفقات وصنوف الاحتكار؟، ومتي يقدم المبدعون أفكارهم، ومتي يمارس الخبراء دورهم، ومتي نصنع إعلاما ونجد إعلاما ونرضي عن إعلامنا؟، إنها رغبة ودعوة وأمل ودعاء من قادة مصر ونواب شعبها وخبرائها، وأهلنا أجمعين.. اللهم آمين، وكل عام ومصر وأهلها بخير بفضل الله الودود.