بقلم الإعلامية الكبيرة : هدى العجيمي
ونحن نقلب في أوراق نشأة السينما فى مصر فاجأتنا بعض الأخبار الطريفة، منها هذا الخبر في مرحلة الثلاثينيات وجدنا ظاهرة غريبة وهى أن ثلاث ممثلات من رائدات السينما المصرية قمن بإخراج أفلامهن بأنفسهن، وإذا كانت السينما العالمية لم تعرف مخرجة من السيدات إلا في الأربعينيات فإن المرأة المصرية قد سجلت سبقا واضحا في هذا الميدان، ونلاحظ إن هذه الظاهرة ليس مردها إلى السبب المادي فقط وإنما لأن هؤلاء الممثلات المنتجات رأين أن عملية الإخراج لا يقوم بها مخرجون دارسون – ماعدا محمد كريم – وكأنها كانت عملية اجتهادية، لذلك قامت بعض السيدات بإخراج أفلامهن إلى جانب إنتاجها والتمثيل فيها بل وتأليفها أيضا.
وهؤلاء السيدات هن (عزيزة أمير) التي أخرجت فيلم (كفري عن خطيئتك)، و(بهيجة حافظ) التي أخرجت فيلم (الضحايا)، و(فاطمة رشدي) التي أخرجت فيلم (الزواج)، ولم تحقق هذه الأفلام الثلاثة نجاحا فنيا أو تجاريا يذكر بل كانت مغامرات فاشلة باستثناء فيلم (الضحايا)، ولهذا لم تحاول (عزيزة أمير أو فاطمة رشدي) العودة إلى الإخراج مرة ثانية، أما (بهيجة حافظ) فقد شجعتها التجربة الأولي على أن تكررها بعد ذلك أكثر.من مرة، وكان أهم ما قدمته للشاشة كان الفيلم التاريخى (ليلي بنت الصحراء) الذي صورت مناظره في ديكورات ضخمة
أقامتها في (ستوديو مصر).
على جانب آخر كانت السينما المصرية أيضا رائدة في مجال سينما الخيال العلمي وذلك في فيلم (عيون ساحرة) الذي ألفه وأخرجه (أحمد جلال) وقد عرض الفيلم في عام 1933، وكانت هذه جرأة غير عادية أن يفكر مخرج فى مثل هذا الفيلم، أي من الخيال العلمي قبل أن تجهز الاستوديوهات الكبيرة المجهزة بالألآت الحديثة، وكانت بطلة القصة راقصة في ملهي ليلي اسمها (دليلة) أحبت شابا من رواد الملاهي اسمه (سامي) ولكنه لم يبادلها هذا الحب، وإنما هى كانت مغامرة عابرة في حياته ويغادر (سامي) الملهي فتندفع دليلة وراءه وتجلس إلى
جانبه في السيارة وبسب ضيقه منها يغفل عن ملاحظة الطريق ويفاجأ بسيارة مقبلة مندفعة يحاول تفاديها فيندفع إلى جانب من الطريق فتسقط بهما السيارة في منحدر ويموت (سامي) وتنجو دليلة.
ثم لا تحتمل الحياة بدون (سامي) فتذهب إلى قبره باكية، وبعد لحظة تتصور أنها فتحت قبره وأخرجت الجثة فتراه متألما ويخيل إليها أنه يريد أن يتكلم فتحاول أن تعيد الحياة إليه فتسمعه يقول: لن تنجح محاولتك إلا إذا امتزجت روحي بروح إنسان يجري دمه في عروقى، إنسان في رقبته علامة مثل العلامة التى في رقبتي، وتبذل دليلة كل الجهد في إيجاد هذا الإنسان الذي يعيد الحياة إلى (سامي) فتعثر علي فتاة بائعة يانصيب فقيرة اسمها (حياة) في رقبتها علامة تشبه العلامة التي في رقبة (سامي) وتتمكن من فرض سيطرتها على الفتاة وتاخذها الي المقبرة وتدب الحياة في (سامي)، إلا أن (دليلة) لا تجد مع (سامي) السعادة التي كانت تنشدها، واكتشفت أن (سامي) يتعذب لأي ضرر يصيب (حياة) رغم أنه لا يعرفها، وهنا تقرر (دليلة) وضع حياة في بيتها تحت تصرفها لكي تحول بينها وبين (سامي) إلا أن سامي يلتقي بحياة وينشا بينهما تعاطف كبير، تغضب (دليلة) وتحاول التخلص من (حياة) وتحاول قتلها إلا أن (سامي وحياة) يهربان بعيدا عنها فتبكي (دليلة) بكاء مرا، وهنا تجد نفسها ما تزال أمام المقبرة وأن كل ما حدث كان حلما تصورته فتغادر المقبرة وقد عرفت أنها فقدت (سامي) إلى الأبد.
وعلى الرغم من صعوبة تقديم مثل هذه القصة علي الشاشة إلا أن الفيلم نجح نجاحا كبيرا ونجح (أحمد جلال) كمخرج وسيناريست نجاحا طيبا في جعل المتفرج يقتنع بهذه الحوادث الخيالية، والأهم أنه نجح في استخدام لغة السينما بشكل جيد فجاء الحوار قليل جدا مع حركة كاميرا بارعة!