نكشف عن الكلمات المحذوفة من رائعة (عيناك) لـ خالد الشيخ ونزار قباني
كتب : أحمد السماحي
تعتبر قصيدة (عيناك) واحدة من روائع الأعمال التى كتبها شاعرنا السوري الكبير نزار قباني، وقام بتلحينها وغنائها الموسيقار البحريني المبدع خالد الشيخ، ووزعها الموسيقار الرائع ميشيل المصري، ورغم مرور حوالي 35 عاما على تقديمها لأول مرة، مازالنا نشتاق إليها كما تشتاق الزهرة للندى، ونستعيدها مثل حلم ليلة صيف عذبة عندما يكثر من حولنا الضجيج والتلوث الغنائي، فنعود إلى هذه القصيدة رائعة الكلمة واللحن والتوزيع ونحتمي بها ونشنف آذاننا ونترحم على زمن جميل مضى!.
تتحدث القصيدة التى أبدع كالعادة في كتابتها شاعرنا خالد الذكر (نزار قباني) بعيون الحبيبة التى تعتبر بالنسبة له هى حبه وجنونه، هى التي تُفجّر قريحته الشعرية، ويستمد منها أنهاراً من الكلام فيلهب مشاعر كل العاشقين، ويُشعِل الحنين في قلوب كل من غابت عنه عيون معشوقته، فعيون الحبيبة بالنسبة له الكأس، والخمر، والوطن، والمأوى الذي يلجأ اليه ليطفىء براكين حبه وعشقه لها، كان حبه لعينيها مصدر إلهام لألآف القصائد التي كتبها من أجلها، هى سفينة النجاة التي يلقي عليها بمتاعبه، لهذا تغنّى حتى بدموعها السوداء التي تسقط على وجنتيها.
فكانت عيناها شاطىء الأمان الذي ينتهي إليه بعد أن تُرهقه همومه ومتاعب الحياة، وكانت أيضا تحمل متناقضات كثيرة من الحب، والخوف، والفزع، والشوق، والحنين، وهي أيضا عشقه الدّائم وحبه الذي لا ينتهي، كانت عيناها بالنسبة إليه أحلام فتى صغير تحلّق به في سماء العشق الأبدي.
في قصيدة (عيناك) التى تغني بها المسكون بالإبداع (خالد الشيخ) عام 1986 تم حذف بعض الجمل والكلمات من القصيدة، وقد حكى (الشيخ) قصة غنائه لهذه القصيدة في أحد البرامج وسر حذفه لبعض الكلمات، وقال: سألني نزار قباني عن سر حذفي لبداية القصيدة فقلت له: (ما طلعت معي إلا من هذا المطلع).
وبعيدا عن بداية القصيدة التى تم حذفها، بدل (الشيخ) أيضا بعض الكلمات مثل كلمة (القدح) التى استبدلها بكلمة (الكأس) في جملة (عيناكِ وتبغي وكحولي، والقدحُ العاشرُ أعماني)، كما حذف أيضا كلمة (الخلجان) واستبدلها بكلمة (الشطآن) في جملة (سفني في المرفأ باكيةٌ تتمزّقُ فوقَ الخلجانِ)، ولم يقتصر الحذف على هذه الكلمات فقط، ولكنه حذف أيضا بعض الجمل التى ستجدونها موجودة ومكتوبة باللون الأحمر في كلمات القصيدة التى ننشرها كاملة كما كتبها شاعرنا الذي أمطر الأرض شعرا (نزار قباني).
عيناكِ كنهري أحـزانِ ، نهري موسيقى
حملاني لوراءِ، وراءِ الأزمـانِ،
نهرَي موسيقى قد ضاعا سيّدتي ثمَّ أضاعـاني
عيناك الدمعُ الأسودُ فوقهما يتساقطُ أنغامَ بيـانِي
عيناكِ وتبغي وكحولي والقدحُ العاشرُ أعماني
وأنا في المقعدِ محتـرقٌ نيراني تأكـلُ نيـراني
أأقول أحبّكِ يا قمري؟ آهٍ لـو كانَ بإمكـاني
فأنا لا أملكُ في الدنيـا إلا عينيـكِ وأحـزاني
سفني في المرفأ باكيـةٌ تتمزّقُ فوقَ الخلجـانِ
ومصيري الأصفرُ حطّمني حطّـمَ في صدري إيماني
أأسافرُ دونكِ ليلكـتي؟ يا ظـلَّ الله بأجفـاني
يا صيفي الأخضرَ ياشمسي يا أجمـلَ أجمـلَ ألواني
هل أرحلُ عنكِ وقصّتنا أحلى من عودةِ نيسانِ؟
أحلى من زهرةِ غاردينيا في عُتمةِ شعـرٍ إسبـاني
يا حبّي الأوحدَ.. لا تبكي فدموعُكِ تحفرُ وجـداني
إني لا أملكُ في الدنيـا إلا عينيـكِ، وأحزاني
أأقـولُ أحبكِ يا قمـري؟ آهٍ لـو كـان بإمكـاني
فأنـا إنسـانٌ مفقـودٌ لا أعرفُ في الأرضِ مكاني
ضيّعـني دربي.. ضيّعَـني اسمي.. ضيَّعَـني عنـواني
تاريخـي! ما ليَ تاريـخٌ إنـي نسيـانُ النسيـانِ
إنـي مرسـاةٌ لا ترسـو جـرحٌ بملامـحِ إنسـانِ
ماذا أعطيـكِ؟ أجيبيـني ؟ قلقـي؟ إلحادي؟ غثيـاني
ماذا أعطيـكِ سـوى قدرٍ يرقـصُ في كفِّ الشيطانِ
أنا ألـفُ أحبّكِ.. فابتعدي عنّي.. عن نـاري ودُخاني
فأنا لا أمـلكُ في الدنيـا إلا عينيـكِ… وأحـزان.