تعرف على أغنية (رجاء عبده) التى كتبت في حانة حقيرة واشتراها (عبدالوهاب) بـ 10 جنيه !
كتب : أحمد السماحي
عندما يذكر اسم المطربة الكبيرة رجاء عبده، تستدعي الذاكرة على الفور أغنيتها الشهيرة (البوسطجية اشتكوا من كتر مرسيلي) كلمات الشاعر العبقري أبوالسعود الأبياري، ألحان الموسيقار محمد عبدالوهاب، التى يقول مطلعها:
البوسطجية اشتكو من كتر مراسيلي
وعيوني لما بكوا دابت مناديلي
روح يا قمروالنبي ع الحلو مسي لي
هذه الأغنية التى تسللت بسرعة البرق إلى قلوب وعقول المصريين في الأربعينات من القرن الماضي وحققت شهرة كبيرة ومازالت تتردد حتى اليوم بأصوات كثير من المطربات الحاليات في مهرجان الموسيقى العربية أشهرهم نادية مصطفى، رغم اختفاء الرسائل الورقية والاكتفاء بالرسائل الهاتفية.
هذه الأغنية ورائها قصة طريفة للغاية، حيث كتبت في حانة حقيرة، واعترض محمد عبدالوهاب على كلمة فيها، وشهد لها عبدالحميد باشا عبدالحق وزير الشئون الاجتماعية ثم وزير الأوقاف، تعالوا بنا نعود إلى حقبة الأربعينات لنتعرف من الشاعر المبدع (أبوالسعود الإبياري) قصة هذه الأغنية كما ذكرها في مجلة (الكواكب) في نهاية الأربعينات.
عام 1944 كان الموسيقار محمد عبدالوهاب ينتج فيلمه (الحب الأول) تأليف وأشعار أبوالسعود الإبياري، وإخراج جمال مدكور، وبطولة (رجاء عبده، وجلال حرب، وعلوية جميل، وسامية جمال) وغيرهم، فطلب من أبوالسعود الأبياري كتابة أغنية تلقيها رجاء عبده في حانة حقيرة، واقترح عبدالوهاب أن تكون الأغنية غريبة على الأسماع، وانصرف الإبياري عائدا إلى بيته.
وفي المساء ذهب (الإبياري) إلى حانة حقيرة بمنطقة الأزبكية ليقضي فيها السهرة، وفي هذا الجو الغريب والزبائن السكارى والبيانو ذو المنفاخ يؤدي الألحان الجميلة بأسلوب ردئ حيث المطرب في واد وأفراد الفرقة في واد آخر والمستمعون في واد ثالث، استمع الأبياري من مطرب الحانة إلى أغنية بعنوان (البوسطجية اشتكوا) وأعجب بالعنوان فقط، لأن باقي الأغنية كان عبارة عن كلمات رديئة وهابطة المستوى.
فاحتفظ (الإبياري) بالعنوان وكتب باقي الأغنية من جديد، وبعد انتهائه من كتابتها عرضها على الموسيقار محمد عبدالوهاب الذي أعجب بالكلمات جدا وسعد بها، لكنه اعترض على لفظ (البوسطجية)، وطلب تغييره بلفظ آخر فيه موسيقى، وبالمصادفة كان يحضر هذا النقاش (عبدالحميد باشا عبدالحق) وزير الأوقاف وصديق محمد عبدالوهاب، الذي لم يتفق مع صديقه في الرأي وقال أن غرابة اللفظ هى التى ستلفت السماع والأنظار إليها.
واقتنع (عبدالوهاب) بكلام صديقه ولحن اللفظ الغريب وغنتها (رجاء عبده) ثم غناها بعدها جميع الناس، وأصبحت (البوسطجية اشتكوا) هى النشيد القومي للمصريين، حيث حققت نجاحا كاسحا وكانت أحد أسباب نجاح الفيلم حيث كان كثير من الناس تدخل السينما لتستمع إلى الأغنية أكثر من مرة.
الطريف أن الموسيقار (محمد عبدالوهاب) اشترى الكلمات من أبوالسعود الأبياري بمبلغ 10 جنية وكان هذا المبلغ في منتصف الأربعينات كبيرا إلى حدا ما.