بقلم الفنان التشكيلي الكبير : حسين نوح
انتشرت حالة عبثية وأصبحت خطيرة على الوعي والشباب المصري في مرحلة فارقة يمر بها العالم وتحتاج من الجميع أقصي درجات اليقظة وتنمية قيم الانتماء، ولكن كيف يحدث ذلك ونحن جميعاً نلاحظ حالة السيولة الإعلامية والتلاسن العبثي وكثير من فنون تساعد على تسطيح العقل، بل أخشى أن تكون دعوة للسذاجة والهطل، منزعج ومندهش وقلق من ظاهرة إعلام الموبايل وظهور كائنات من الشباب الطيب، ولا أعرف من خلفهم و يحركهم أو يساعدهم؟، ولكن المؤكد أنهم تيار منطلق أصبحت أتابعهم بحذر وقلق، هم سبب أن اكتب الآن.
فتيات تفتحن كاميرا الموبايل وتبحثن فقط عن أي جديد أو شاذ أو مختلف والهدف (الترند) الملعون ومن نتائج ذلك كائن حادثه الكشري أو عامل النظافه المطرود، والذي تعاطف معه المصريون، ولكن المفجع أن يتحول هذا الشخص إلى وباء.. نعم فقد انتشر وتوغل ولا أي تطعيم له ولا مبيد يخلصنا من تواجده اللزج الذي أصبح يطاردنا في كل الأماكن بلا رادع صباحاً ومساءً، فهو أمامنا في كل المناسبات، وهو يقود العربة الجديدة، وهو في الشقة الجديدة والمكتب الجديد ويوقع علي عقود التمثيل، وهو في إحدي مستشفيات التجميل لعمل التحديث لوجهه ويتجمل ويلاحقنا في كل الاحتفالات وقاعات الأفراح وجلسات التعاقدات وأي حدث من جواز وخطوبة وطهور.
وأخيراً في عزاء الإعلامي (مفيد فوزي) والأعجب أنه وقبل الدخول للعزاء وبعد الخروج تطارده إعلاميات الموبايل ويدلي بدلوه ويتحدث ويجيب عن اسئلة حمقاء من مذيعة ساذجة تأتي بالحتمية بإجابات أكثر حماقة، فالرجل لا يعرف الأستاذ مفيد ولا يعرف إلا أنه اصبح ترند شبكات التباعد الاجتماعي الأول الذي يلاحقه إعلام الموبايل، والمؤسف أن أجد بعض القنوات أيضا تسجل معه.. إنه العار ياساده الذي اخشي من تبعاته، لقد فرحت وفرح البعض معي حين ظهر خبر القبض عليه لوجود أحكام ضده، ولكن لم تمر ساعات وظهر عفريت العلبة محاط بفتايات وإعلاميي الموبايل يتحدث في صلف ويؤكد تواجده واستمراره في تقديم المواهب والتعاقد مع الباحثين عن شهرة.
ثم فجأة يظهر معه ابن مطرب شعبوي ومن نجاح والده العشوائي يكمل مشوار الغناء بالوراثه ويرتدي نفس ملابس الوالد البغبغانية، بل يجود ويضيف الألوان الفسفورية ليصبح أكثر تآثيراً على محبيه، ويجلس في مكتبه ومعه كائن الكشري محاطا بكتائب من نجوم (الترند) الملعون ولقطات لتوقيع الأعمال الفنية وتعاقدات مع البطلات ونوعيات من فتايات كنت لا أشاهدهن إلا في الملاهي الليلية ومع بعض الريجيسيرات ومجاميع الكومبارس الباحثات عن ترند بأي ثمن.
وكما توقعت يحدث الخلاف بين كائن حادثة الكشري والمطرب البغبغاني ويظهر عامل النظافة يؤكد أن ابن المطرب يأخذه معه في كل الأماكن وأحيانآ يعطيه مائة جنيه في المشوار حتي يحقق (الترند) مستغلاً لشهرته فهو لا يعرفه أحد، ويأتي الرد من ابن المطرب البغبغاني بأنه صاحب الفضل وسبب شهرته، ويزداد التلاسن وتظهر إعلاميات الموبايل ويزداد (الترند) ويرتفع ضغطي ويزداد أعداد المتابعين للفضائح والهطل وفتايات العار، وفقط أردد: ماذا حدث للمصريين؟!.. مقولة العظيم (جلال أمين).. ماهذا الوباء وما هو القادم؟!.. اخشي القادم!، فحين أتابع ما حدث مع (نجم الكشري) وكيف التفت حوله موتوسيكلات السبوبة والباحثون عن ترند وقنوات الفضائح، وكيف يجد كائن الكشري المنتج لما يخرجه من قيئ فني؟!، فأحدهم أنتج له أغنيه باسم (طردوني يا امه طردوني/ من غير حتي ما يغدون )، وكثيراً من أخبار لطحلب الكشري فيظهر مع نجم ممثل أراد أن يقدم خيرآً لشاب قد يكون مظلوماً، ولكن يستثمر ذلك كائن الكشري ويدعي أن النجم يغلق التليفون في وجهه ولا يرد علي مكالماته.ع
عامل النظافة لا يمتلك أي موهبه ولكنه يمتلك أداء متطفل ويلتف حوله طفيليات من الباحثين عن ترند ومذيعات الجمال المستحدث النشيطات ولا يجد المواطن أمامه إلا كثير من مهاترات نتائجها تسطيح وملاذ لفشلة ناشطين، إنني أدعو كل من يقرأ أن يستمع لصوت كائن الكشري وأسلوبه في الحديث، فالرجل مسطح كالبلاط الأملس وليس لديه أي شيئ يستحق المتابعه ولكنها كتائب الاستثمار والباحثين عن منفذ لتقديم سمومهم لنتائج ما تبقي من العشوائيات، وقد اكتشفت أنه وبجوار الترند الملعون توجد فضائيات ملعونه تتاجر بالهطل وتقدمه مغلف بمذيعات كل مواهبها فقط في استحداث الجمال المزيف واختيار موضوعات الخلافات وقضايا المرأة الحراقه بتوابل الفضائح الساخنة ليتابعها جمهور الساهرين المحرومين!
الإعلام يا ساده من أخطر وسائل التنوير وبث المعارف فمن إعلام جوبلز وزير إعلام هتلر الذي تسبب في دمار ألمانيا إلى إعلام أحمد سعيد ومبالغاته إلى إعلام محمد سعيد الصحاف في العراق ونتائجة علي دولة كان بها ثاني أكبر جيش عربي ومعظمنا يتابع ما يحدث ويعاني منه الشعب العراقي الشقيق حتي الآن.
اتقوا الله في بلد به أكثر من مائة مليون نسمة هم في أشد الحاجة إلى إعلام واع يدرك خطورة المرحلة وتجليات الأحداث في العالم وتأثير ذلك علينا، فليس لنا طلبات إلا الإخلاص والولاء لوطن عريق يحتاج إلى صدق الكلمة والوعي بمسؤولية العمل الإعلامي، وكما قال عبد الرحمن الشرقاوي (الكلمة نور وبعض الكلمات قبور).. فحين يتوارى الإعلام المهني الواعي إنما بديله هو إعلام الموبايل والترند الملعون وظهور كائنات الكشري والبغبغانات النشيطة.. اتقوا الله في مصر التي تنطلق وتستحق.