بقلم الإعلامي : أسامة كامل
والغريب أننا لم نرحب بهذه الأغنية و اعتبرناها خروج عن المألوف و أنها خفيفة و لا تناسب عبد الحليم حافظ معبود الجماهير، و لم نكن نهتم وقتها بألحان بليغ حمدي و لا كلمات محمد حمزة، و لا يمكن المقارنة مع الموجي و كامل الشناوي و لا كمال الطويل و مرسي جميل عزيز و طبعا عبد الوهاب و مأمون الشناوي و حسين السيد.
و لكن بعد أعوام طويلة بدأنا نستوعب (زي الهوي و موعود و فاتت جنبنا) و غيرها.
و لكن لا أستطيع حتي الآن أن أقارن كل ذلك بأغان أخري خالدة مثل (حبيبها و لست قلبي و رسالة من تحت الماء) التي أتصورها أفضل قصيدة عربية معاصرة، كلمات نزار قباني و ألحان محمد الموجي العبقري العظيم.
كيف نظموا هذا الشعر و من أي البيوت و البطون و كيف استنبطوا هذه المعاني و من أين آتي الموجي بهذه الموسيقي.. من أي بحر و محيط وسماء و أشجار و غابات و أمطار و هذه الأحاسيس و المعاني ؟، وكيف استقبلت الجماهير كل هذا و ظلت حتي الفجر تضغط علي مطربها الأثير أن يعيد و يزيد و يطيل حتي كاد أن يسقط علي المسرح و خرجت أخته (علية) لأول مرة على المسرح و هي تختطف أخوها النادر في لحظة فارقة و هي تبكي وتلطم خديها وتصرخ كفاية كده حرام علي.
و هو يحتضنها و يبتسم و يغادر و الناس مخمورة منتشية لا تغادر مقاعدها حتي بعد أذان الفجر.
في يوم شم النسيم..
و يسرحون جميعا إلي الشواطئ و المنتزهات و يسمعون رائعة حليم (رسالة من تحت الماء) من خلال كاسيت ضخم و هو حدث جليل آتي به المسافرين لدول الخليج .
و لا زلت أتذكر و كنت صبيا في مراحل المراهقة و أنا جالس على الشاطئ و أنظر إلي فتاة خمرية غضة و أتصور أنها تشعر بهذه الكلمات العسيرة و تستوعب شعر نذار الجميل.
و كنت أبني احلاما و قصورا على الرمال و حينما هممت أن أتكلم معها قالت لي ممكن تشتري لي آيس كريم من العربية بتاعة جروبي إللي وراك علشان الدنيا زحمة و مش عارفة أعدي !
ساعة كاملة و هى تسرح في الجيلاتي و أنا أتوهم الغرام و العواطف والمشاعر.
كان حليم و كانت مصر و كنا صغار و قلوب صافية و آمال عريضة في ذلك ازمن الصافي.