بقلم الإعلامي : علي عبد الرحمن
مصر مهد الرسالات، ومسري الأنبياء والرسل، أرض التوحيد ومشرق شمس الإنسانية، وهى بلد الأزهر جامعا وجامعة، مشيخة وشيخا، وهى قبلة أهل السنة في العالم، قدمت إسهامات معرفيه تنويريه على يد أئمة الفقه والدعوة من خلال أمهات الكتب والمراجع، وهى بلد متدين سني وسطي معتدل طافت وفود أزهرها بقاع الأرض تنويرا وإرشادا، ومع تراجع دور الأسرة في التنشئة والمدرسة في التربية والتعليم ودور المؤسسة الدينية في النصح والارشاد ودور الأندية والأحزاب في التوعية والتثقيف.
ومع غياب المحتوي الديني الموثق وغياب تنقية كتب التراث، وغياب تحديث وملاحقة رجال الدعوة لمتغيرات العصر، وغياب نافذة دينية عصرية وسطية موثقه، وانتشار أفكار التطرف والفتوي بجهل والإلحاد لجأ شبابنا إلي المرجع الديني الأعلى (مولانا الشيخ جوجل)، ذلك الشيخ الذي عنده فتوي بكل شئ ومعلومات عن أي شئ دفعت شبابنا إلى الاعتماد عليه بغض النظر عن مرجعية معلوماته وتوثيق مصادره ودقة فتواه، ذهب الكل إليه ينهلون منه فتاوي الزواج العرفي والمسيار وقضايا التحليل والتحريم وما اختلف عليه العامة وما استحدثته تطورات الحياة العصرية، وما أن يختلف اثنان على شأن ديني إلا وسرعان ما يلجأون لسيدنا (جوجل) للمعرفة والفصل.
وبناء على معلومات وفتاوي (الإمام جوجل) دخلنا في دوامة إباحة الممنوع ومنع المسموح ووجد كل شارد رأي ضآلته عند المعلم الأكبر (العلامه جوجل)، وظهرت في مجتمعنا أمور كثيرة أفسدت اعتدال تديننا وأفسدت مبادئ أسرتنا وأدخلت علينا مفاهيم مغلوطة لا علاقة لها بصحيح الدين، ومع غياب الاهتمام بالتربية الدينية في المدارس والتضييق على دروس العلم في المساجد وغياب أنشطة دينيه وتثقيفيه بالجامعات وانتفاء وجود محتوي اعلامي ديني عصري وسطي جذاب، ذهب الكل إلي جحيم فتاوي (الشيخ جوجل) وأصبحنا نعتمد عليه بدءا من مواقيت الصلاة وسنن الوضوء مرورا بالأحاديث النبوية والقدسية وسير الأنبياء والرسل، حتي فتاوي الخلاف حول مشروعية فوائد البنوك والتبرع بالأعضاء، وأصبح (الشيخ جوجل) سيد الدعاة وإمام العارفين ومفتي أجيال شابه وكبار آثروا الاعتماد عليه بشكل رئيسي، وعاني مجتمعنا من فتاوي جوجل تطرفا وشذوذا وإلحادا.
ولقد طالبت هنا مسبقا بضرورة مراجعة المحتوي الديني الإلكتروني من خلال خبراء الأزهر الشريف وعلماء الفضاء الإلكتروني لاستبعاد الضال والمدسوس في محتوي (الشيخ جوجل) أو إطلاق محتوي إلكتروني وسطي عصري موثق وذو مرجعية دينيه إتباعا للكتاب والسنة ولم يحدث هذا ولاذاك ولم تنفذ فكرة مكتبة الأزهر المتنقلة أو الإلكترونيه، ولم نراجع كتب التراث وتهذيب محتواها وأغفلت مؤسسات التربية والتعليم والتثقيف مراجعة مصادر معلومات شبابنا الدينية، وكعادته أهمل إعلامنا في إطلاق قناة أو منصة أو موقع ديني وسطي عصري موثق.
وتعددت نوافذ الإعلام العامة والمتخصصة دون قناة ذات محتوي ديني موثق، فعندنا عشرات القنوات لـ (الطبخ والسحر،والشعوذه،والغناء والرياضة) وغيرها دون خطة لوسيلة دينية عصرية جاذبة، وتعطلت مشروعات إطلاق قناة (الأزهر) دون سبب منطقي مقنع، حتي أنه ليس لدينا برنامج عصري جيد في محتواه وشكله يمكن أن يكون النافذة الموثقه للمعلومات الدينيه التي يحتاجها الشباب والكبار، وعليه غاب المحتوى وانتشر (العارف بالله الشيخ جوجل) بين مريديه وهم كثيرين، فهل هناك أمل في محتوي ديني موثق؟، وهل هناك طريقة لمراجعة هذا المحتوي (الجوجلي) الشارد؟، وهل هناك عودة لجهود المؤسسات في نشر الوعي الوسطي الموثق؟، وهل هناك خلاصا من هذا الوضع المعلوماتي السيبراني الشارد؟.
إن المشكله يمكن حلها في مراجعة هذا المحتوي وتنقيته أو إطلاق موقع ديني موثق وبث محتوي اعلامي عصري جاذب، عندها وفقط نحقق تحصينا فكريا لشبابنا ونقضي على ظواهر غريبة على ثقافتنا ونجسد مفاهيم المجتمع السني الوسطي المعتدل، ونعد جيلا معتدلا قادرا علي حمل الامانة والسير بالوطن إلي مقصده ومبتغاه دون تطرف أو إلحاد أو هدم لكل قيم وثوابت المجتمع والدين، ذلك الجيل الملائم لدخول جمهوريتنا الجديدة بوعي وثبات، وتحيا مصر بلد الاعتدال وموطن المعرفه وأهل المرجعية والتوثيق، كعبة أهل السنه والوسطيه في العالم أجمع.. إلا هل بلغت، اللهم فاشهد والسلام.