رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

السينما السعودية .. قفزات ملموسة نحو مستقبل واعد

الجمهور السعودي .. كلمة السر في نجاح التجارب الجديدة

كتب : محمد حبوشة

المراقب للمشهد السينمائي في المملكة العربية السعودية سوف يلحظ تطورا كبيرا في قطاع صناعة الأفلام في المملكة مؤخرا، الأمر الذي جعله محل اهتمام لدى الكثيرين، هذا الأمر ساهم في أن يكون لعدد من الأفلام السعودية بصمة واضحة في عدد من المحافل والمهرجانات الفنية، كما يحدث في الوقت الحالي خلال فعاليات الدورة الثانية من (مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي)، حيث تنافس من خلاله مجموعة كبيرة من الأفلام السعودية في المسابقات المختلفة للمهرجان، ليس ذلك فحسب بل ساهم هذا التطور أيضا في أن يكون للسينمائيين السعوديين تواجد في المهرجانات الأخرى كمهرجان (كان) و(القاهرة السينمائي الدولي) في دورته الأخيرة الـ 44.

ولعل ما نشاهده السينما السعودية من حراك وتطور على مستوى المهرجانات، ناتج من الأمل الذي كان يوجد لديهم منذ فترة وهو أن يكون هناك سينما سعودية كاملة، وليس فقط الاكتفاء بالتواجد بصورة جزئية، مثل أن يكون هناك تمثيل من جانب مخرج أو مؤلف أو مصور، وكان حلم أن تكون هناك سينما سعودية كاملة بأيدي سعوديين ليس مجرد مشاركة مخرج أو كاتب في المحافل الفنية، وقد اتضح أن الشباب السعودي من السينمائيين والذين قاموا بالدراسة في مصر أو الخارج، كان لهم دور كبير في التطور الحالي، وهذا الأمر واضح فيما نراه حاليا، سواء في التطور الكبير الذي يشهده قطاع السينما بالسعودية أو من خلال مشاركات لعدد من الأفلام السعودية في المهرجانات كمهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الحالية.

ندوة (صعود السينما السعودية) بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي

وأرى أن السينما السعودية في طريقها إلى أن تتحقق خاصة وأن لديها تجارب تحسب لها الآن وأصبحت تنافس بها، ولديها أيضا شباب لديه فكرة وبصمة وأسلوب مميز (تكنيك خاص) يستطيع من خلاله المنافسة به والإعلان عن تواجده بقوة، وعلى الرغم من النهضة الكبيرة التي تشهدها الممكلة العربية السعودية في قطاع صناعة السينما، وهو أمر أصبح جليا للجميع من خلال الأفلام السعودية التي أصبح لها تواجد في المحافل الفنية، كما يحدث الآن في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، إلا أن السينما السعودية ينقصها بعض من التفاصيل وهذا أمر طبيعي جدا لأنه يكون مصاحبا مع البدايات الجديدة، فالتطور الكبير والانفتاح الذي يشهده قطاع السينما في السعودية يحتاج في بداياته إلى تفاصيل وهى التقييم والتأقلم، مثل تقديم أفلام وتجارب سينمائية تعكس روح البيئة والعادات والتقاليد السعودية، حتى يتعرف العالم عليها حال عرضها خارج أراضي المملكة العربية السعودية.

وفي إطار تحقيق حلم صناعة سينما سعودية بمواصفات عصرية أقام مهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ44، ندوة خاصة لرصد (صعود السينما السعودية)، ناقشت كيفية تطوير المواهب ووسائل الدعم والتحفيز، ضمن فعاليات النسخة الخامسة لأيام القاهرة لصناعة السينما، وحضر الندوة التي أدارها (جاي ويسبرج)، وأقيمت في فندق المهرجان بحضور الفنان حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، والنجوم (محمود حميدة، أحمد الفيشاوي، سينتيا خليفة، والمخرج مريم أبو عوف، وغيرهم من صناع السينما، وتحدث الضيوف، في الندوة، عن البرامج الإبداعية التي خطط لها المتخصصون في المملكة بهدف تطوير المواهب السعودية وتمكين المبدعين من سرد القصص الأصلية، بالإضافة إلى مواقع التصوير المختلفة والحوافز المقدمة لتشجيع منتجي الأفلام الدوليين على التصوير في المملكة.

عبد الله آل عياف

تحدث في الندوة  المخرج والمنتج السعودي (عبد الجليل الناصر)، عن تطور السينما في المملكة، في السنوات القليلة الماضية، وكيف أصبح لديهم منصات إلكترونية يعرض عليها الأعمال السينمائية التي تعبر عنهما، وقال المخرج السعودي (محمد السلمان)، إن السعودية أصبح لديها العديد من برامج التمويل المخصصة لصناعة السينما، والتي أدت إلى إنتاج العديد من الأعمال السينمائية، وكشفت (هنا العمير)، كاتبة ومخرجة سعودية، أن السينما السعودية بدأت تنتشر من خلال منصة (يوتيوب)، وتطور الأمر للعرض على المنصات الإلكترونية، وذلك ساعد في ظهور الكثير من المبدعين والمؤثرين في صناعة السينما السعودية.

ومن مفاجآت مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في دورته الحالية تحويل مسابقة (ضوء) التابعة لوزارة الثقافة، والتي تهدف إلى دعم الأفلام والأعمال السينمائية، إلى مبادرة مستمرة طوال العام، ويمكن التقديم لها في كل وقت، وهى تقدم مبالغ مالية غير مستردة تهدف إلى رفع جودة الأفلام، ودعم الصناعة السينمائية المحلية، وإثراء المكتبة السينمائية السعودية، وعن ذلك، تحدث الرئيس التنفيذي لهيئة الأفلام السعودية عبدالله آل عياف، وقال: أولا: وجود دعم مالي غير مسترد أمر مهم جدا، فهنالك الكثير من الأفكار الإبداعية الرائعة التي قد لا تجد شركة إنتاج تدعمها، وحرصا منا على دعم المبدعين والمبدعات على تقديم قصص فنية عالية الجودة، وهو ما نحتاجه، قمنا بتقديم هذا البرنامج الطموح.

نجمات سعوديات تألقن على الشاشة

لقد أدركت المملكة العربية السعودية في الوقت الراهن أن السينما ليست أداة ترفيه فقط وإنما هي مسؤولة عن الحفاظ على ذاكرة شعب جنبا إلى جنب مع الكتاب، فعندما يستعرض كاتب تاريخ أرضه، فإنما يحاول الحفاظ على ذاكرة الأرض وبالتالي على ذاكرة الشعب، وأتت السينما لتوثق ذلك عن طريق الصورة والصوت، وتغرس في كل فيلم جزءا من ذاكرة المكان أو الزمان في سياق السرد العام، لذا، تنبع أهمية السينما السعودية ليس فقط من مناقشة العادات والتقاليد وتعريف العالم بالمملكة وأهلها، وإنما أيضا من المحافظة على ذاكرة الشعب السعودي من خلال أفلام اجتماعية أو سياسية أو تراثية أو حتى غنائية أو خيالية.

صناع السينما السعودية أخذوا على عاتقهم مسؤولية كبيرة في تقديم رؤية وطرح مشكلات والحفاظ على الذاكرة إضافة إلى الترفيه، وثمة سينمائيون سعوديون يحاولون جاهدين ترسيخ هذا المعنى والمفهوم لأهمية هذه الصناعة من خلال الندوات والمهرجانات واللقاءات السينمائية، وفي البدايات، وعلى المستوى الخليجي وبالعودة للخلف قليلا سوف نجد أنه كان للوجود البريطاني دور كبير للغاية في تقديم هذه الصناعة إلى أبناء المنطقة، الأمر الذي أتاح لهم تسجيل شيء من تاريخهم المعاصر على بكرات، وتحمَلت شركات النفط البريطانية على عاتقها هذه المهمة التي قدمت أيضاً أوجه النشاط الإنجليزية وأخبار العالم في ذلك الوقت، إضافة إلى ما كانت تصوره محليا، وأعطى الجمهور لتلك الأفلام دور (المتحدث الرسمي) حتى الستينيات وأوائل السبعينيات، عندما نالت تلك الدول الخليجية استقلالها، تم إنشاء وحدات تصوير خاصة، مما أدى إلى عصر التلفزيون، الذي بدوره تحداه ظهور الفيديو.

أفيش فيلم (الذباب)

والشيئ بالشيىء يذكر فقد كانت السينما في المملكة حاضرة منذ بداية خمسينيات القرن الماضي وحتى نهاية السبعينيات، فقد ظهر أول فيلم محلي عام 1950م وحمل عنوان (الذباب) من بطولة حسن الغانم، الذي سجل التاريخ اسمه باعتباره أول ممثل سينمائي سعودي، وبدأ انتشار دور السينما ليشمل 4 مدن سعودية، هى (الرياض وجدة والطائف وأبها) حتى وصل عدد دور العرض في جدة وحدها إلى 30 دارا، وكانت بعض دور السينما موجودة أيضا في بعض مناطق المملكة مثل الدمام، خلال فترة السبعينيات، وفي حال السماح بإنشاء دور عرض سينمائية جديدة، كانت الأفلام المعروضة خاضعة لرقابة مسبقة، ومنعت الأفلام غير المرغوب فيها، ووضعت قوانين صارمة تعاقب المخالفين.

وانتشرت دور السينما في شوارع الرياض الرئيسة، مثلها في ذلك مثل القاهرة وبيروت، وغيرها من العواصم العربية، وحتى سبعينيات القرن الماضي، ظلت السينما حالة اعتيادية داخل المملكة، يدعمها بعض رجال الأعمال، ويغلب على كثير منها الطابع التسجيلي، أما الجمهور فكان يقبل على مشاهدتها باهتمام في (الأحواش) المخصصة لعرض الأفلام، وأغلبها كانت في الأندية الرياضية، وتنوعت الأفلام بين الوثائقية التقليدية، والأفلام المصرية، وأفلام (الأكشن) الهندية، ثم كانت البداية الحقيقية للإنتاج السينمائي السعودي في عام 1966م، تاريخ إنتاج فيلم (تأنيب الضمير) للمخرج السعودي سعد الفريح، من بطولة الممثل السعودي حسن دردير.

دور سينما الأحواش في ستينيات القرن الماضي

في السبعينيات من القرن الماضي، تم إيقاف العروض السينمائية، كما أن الإيقاف لم يغيب عالم الفيلم بشكل مطلق عن الجمهور السعودي، إذ كان الملك فيصل بن عبدالعزيز – رحمه الله – قد وجه في عام 1965م، ببناء وإنشاء شبكة تلفزيونية، كما لعب تلفزيون أرامكو (شركة النفط الرائدة في المملكة) دورا بارزا في عرض الأفلام والمسلسلات الأجنبية المدبلجة، وكانت هذه البداية للمشاهدين الذين أدركوا أهمية التلفزيون كوسيلة للترفيه والحصول على المعلومة.

إضافة إلى ذلك، كان لدى البعض مرافق خاصة لعرض الأفلام، قبل عصر التلفزيون، وأتاحت لهم أجهزة العرض بمقاسي 16 و35 ملم إمكانية الوصول إلى الأفلام فكانت معظم الأفلام تستورد من مصر، ومن النوعية الموجهة إلى الجمهور العربي، وظل هذا هو الاتجاه السائد، حتى ظهر عدد من صناع السينما خلال النصف الثاني من السبعينيات، مثل (محمد القزاز) الذي بذل جهودا كبيرة ومتواصلة لبناء صناعة سينمائية كاملة التجهيز، ولكن بسبب ظروف لا يمكن تجنبها تخلى عن صناعة السينما وانضم إلى تلفزيون (أم بي سي) في لندن، والمخرج (عبدالله المحيسن) الذي أنتج عددا من الأفلام الوثائقية في المملكة، أهمها الفيلم التسجيلي (اغتيال مدينة) عام 1977م، وتناول من خلاله موضوع الحرب الأهلية اللبنانية، وما تعرضت له مدينة بيروت نتيجة لتلك الحرب.

أفيش فيلم (اغتيار مدينة)

بينما أخرج (عادل عبدالمطلوب)، الذي درس تقنيات السينما في القاهرة، فيلمه الأول (قارئة الودع) كمشروع تخرج، ومع ذلك ترك السينما وانشغل بعمله الخاص، وانضم لاحقا إلى وزارة الإعلام السعودية في ذلك الوقت، ولا ننسى طبعا السينمائيين (فؤاد جمجوم، وخليل الرواف، وسعد خضر)، ويرجع السبب الأساسي لعدم قيام صناعة سينمائية في الخليج كان في عدم وجود سينما سعودية، وكان الحال سيبقى كذلك، لولا الإعلان في نهاية عام 2017م عن السماح بفتح دور العرض، وبالتالي قيام صناعة سينمائية حقيقية ومتكاملة في المملكة.

لكن الفن السابع في المملكة خلال السنوات العشر الأخيرة شهد ظواهر جديدة ويقظة فنية مختلفة توقف نجاحها واستمرارها على قدرات وإمكانات الشباب السينمائيين أنفسهم إضافة إلى الاهتمام والرعاية الحكومية، ومن هؤلاء الشباب على سبيل الذكر وليس الحصر المخرجون: (هيفاء المنصور، وعبدالله العياف، وشهد أمين، وهناء العمير، ومحمود صباغ، وعبدالعزيز الشلاحي، وعبدالمحسن الضبعان، وممدوح سالم، وفيصل الحربي، وسمير عارف، وماهر الغانم، وبشير المحيشي، وعبدالله أحمد، ومحمد وبدر الحمود، وعبدالعزيز النجيم، ونواف المهنا، وعبدالمحسن المطيري، ومحمد الخليف، وطلال وعبدالرحمن عايل، وبكر الدحيم، وعبدالعزيز النجيم، وعمرو العماري، وعوض الهمزاني، وعلي الأمير، ورضوان خالد، ومحمد هلال، وحسام الحلوة، ومحمد الظاهري، وغيرهم كثيرين.

ويبدو لي أن صناعة السينما في السعودية اليوم ووقعها التحفيزي في دول الجوار إن السبب الأساسي لعدم قيام صناعة سينمائية في الخليج كان في عدم وجود سينما سعودية، وكان الحال – كما قلنا سابقا – سيبقى كذلك، لولا الإعلان في نهاية عام 2017م عن السماح بفتح دور العرض، وبالتالي قيام صناعة سينمائية حقيقية ومتكاملة في المملكة، وهذا ما أعطى الأمل لكثير من السينمائيين والمستثمرين في الخليج بقيام صناعة حقيقية في الخليج، فمن التجارب الشخصية المشهودة أنه بعد أول فِلْم روائي في البحرين وهو (الحاجز – عام 1990م)، اعتقد البعض أن باب السينما فتح واسعا أمام صناعة السينما في البحرين، وبأنه سيكون هناك إنتاج سينمائي لن يتوقف.

ولكن بعد سنتين من إنتاج هذا الفيلم اكتشف صناع السينمابأنها السينما لا تتحقق في بيئة ذات كثافة سكانية منخفضة، كما كان الحال في دول الخليج آنذاك، حيث كان مجموع عدد السكان حوالي 6 ونصف مليون نسمة من غير المملكة العربية السعودية، ودور العرض مجتمعة أيضاً لا تتجاوز 35 دارا، ولا تضم أكثر من 7000 كرسي، بمعدل 10 ريالات للكرسي، وبعملية حسابية بسيطة، كان الفيلم الذي يكلف وقتها مليون ريال سعودي، يحتاج إلى أن يعرض في كل دور العرض في الخليج، وأن تكون كل مقاعدها ممتلئة لمدة عشرة أيام، كي يستعيد المستثمر المليون ريال، وهذا مستحيل.

أفيش فيلم (الذباب)

إذن كانت العملية صعبة جدا على المستثمر والمنتج وعلى الصانع، لذلك، تلافى كثير من المستثمرين والمنتجين والسينمائيين العمل في هذا المجال بسبب عدم وجود مردود مادي، وكان الإحباط يشمل الجميع طوال هذه السنين، وهذا ما انعكس على قطاع الإنتاج السينمائي في دول الخليج العربي، وأيضا على الأجور، وحتى المنح الدراسية لدراسة السينما وكيفية صناعتها، أما اليوم وبعد أن أطلق العنان للسينما صناعة وعرضا في المملكة التي يتجاوز عدد سكانها 32 مليون نسمة، بات من المرجح أن بابا فتح لكل دول الجوار الخليجي لتحقيق أفلام سينمائية وعرضها على كثافة سكانية خليجية تقدَر اليوم بـ 43 مليون وخمسمئة ألف نسمة، يضاف إليهم عدة ملايين من المقيمين، وبالاعتماد على مثل هذه الكثافة السكانية، والنسب المرتفعة المحتملة لعدد المشاهدين، بات من الممكن والمجدي اقتصاديا إنشاء بنية تحتية، والاستثمار في صناعة الأفلام وبناء دور العرض وإقامة المهرجانات ومدن السينما وجذب الصناعات السينمائية الأخرى إلى الاستديوهات ومراكز الإنتاج في المملكة والخليج.

فالفيلم السينمائي في أي بلد يحتاج إلى أن يشاهده ما يتراوح بين 10 و%15 على الأقل من عدد السكان لكي ينجح ماديا، وبوجود دور للعرض في كل مدن ومحافظات المملكة، يمكن للفيلم الجيد أن يحقق مثل هذه النسبة نوعاً ما، ومن ثم يصبح الجمهور السعودي هو الورقة الرابحة، فلم تكن صناعة الأفلام الروائية الخليجية الطويلة منتعشة، ونقصد بها الأفلام التي تعرض في دور السينما، ولكن، من جانب آخر، ولوقت طويل، اعتمدت دور العرض في البحرين على الجمهور السعودي، وهذا ما أدى إلى تنشيط الاستثمار في دور العرض وتطويرها في دول الخليج، واليوم وبعد انفتاح المملكة على صناعة السينما، سيكون للاستثمار مكانة كبيرة في هذه الصناعة التي ستجذب كثيراً من المهتمين من مختلف أرجاء العالم للمشاركة في هذه التجربة.

فيلم البدايات (تأنميب ضمير)

وأعتقد أن هذا سينعكس مثلا على وزارات التربية، حيث ستوفر مقاعد لدراسة السينما بكل عناصرها، وسيفتح المجال أمام كثير من الحرف في المملكة مثل المطاعم ومحلات صناعة الملابس وورش الديكور ومحلات تأجير السيارات والفنادق والعقارات وغيرها، فعند تصوير أي فيلم لا بد أن تحتاج لكل هذه المحلات لفرق العمل ولتحقيق الفيلم لأهدافه المنشودة، ناهيك عن شركات الإنتاج التي ستكبر بهذا القرار، والانتعاش الأكبر سيصيب المستثمرين في دور العرض الحديثة، كما أن فرص العمل التي ستتوفر ستكون ضخمة، سواء عند تصوير فيلم ما، أو من خلال شركات الإنتاج التي ستنشأ أو من خلال شركات دور العرض.

ويمكن للمراقب اليوم أن يلحظ إن الحياة ستدب بقوة في السينما الخليجية بشكل عام، بفعل الحراك الحاصل اليوم في السينما السعودية، وستكون هناك مشاركات كثيرة للفيلم السعودي والخليجي في أهم المهرجانات السينمائية التي وصل لها كثير من السينمائيين السعوديين من قبل، وستؤدي وزارة الثقافة السعودية دورا كبيرا في نشر الثقافة السينمائية واستغلال انعكاساتها الثقافية، وحتما ستكون هناك برامج تلفزيونية وإذاعية تعنى بالشأن السينمائي ومدى تطوره، وسيكون هناك نقاد متخصصون في هذا المجال، وستزدهر الصفحات الثقافية في الصحف والمجلات السعودية وغيرها وسترهب المستثمر والصانع وتجعلهما يعييان حجم المسؤولية ليقدِّما أفضل ما يمكن للمشاهد.

أما على المستوى الفني، فسيكون التحدي الكبير في محاولة محاكاة الأفلام العالمية، ومحاولة الصناع السعوديين والخليجين تقديم الأفضل، وسيفتح الباب أمام أحلام كثير من الشباب والشابات في كل عناصر السينما ليبدعوا في التمثيل والموسيقى والإخراج والمونتاج والمؤثرات والديكور وتصميم الملابس والإضاءة وهندسة الصوت والتصوير ومتابعة الإنتاج، سيكون هناك مجتمع مشارك في كل شيء من خلال السينما، لأن الجميع أهل للثقة في المحافظة على عاداتنا وقيم وتقاليد المملكة، هذه هى السينما عندما تدخل بلدا، تنعشه وتعلمه معنى الحرية وحدودها وآفاقها الكبرى، وتسجل تاريخه وثقافته وتطوره وتنشره للعالم بكل سلاسة وسهولة كما هو حادث في الوقت الراهن في ظل قفزات ملموسة نحو مستقبل واعد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.