هدى العجيمي تكتب : المجلات الفنية
بقلم الإعلامية الكبيرة : هدى العجيمي
(بعيدا عن الحكايات الشخصية للفنانين و مسيرتهم الفنية مع الاحتفاظ بالاطار الفني لهذه المقالات)، نتعرف علي ما أنتجته صناعة السينما من فنون أخري أثرت حياتنا وأمدتنا بالمعلومات والخبرات طوال الأعوام الماضية، نتحدث اليوم عن نشأة المجلات الفنيه وأول مجلة سينمائية، فقد أثارت المحاولات السينمائية عند نشأة صناعة الأفلام المصرية اهتمام جيل من الشبان المصريين الذين كانوا يعشقون السينما، وأصدر أحدهم وهو محمد توفيق أول مجلة سينمائية عربية وهى مجلة (الصور المتحركة) الأسبوعية عام 1923 وكانت تتألف من 24 صفحة، وثمن العدد عشرة مليمات وكانت الصفحة من عمودين.
ومع كل عدد كانت المجلة توزع هدية للقراء عبارة عن صورة لأحد النجوم المشهورين أو كواكب السينما الأجانب، و قد صدر العدد الأول من مجلة (الصور المتحركة) في 10 مايو 1923، أما موضوعات المجلة فكانت كلها من الأفلام الأجنبية، ومن موادها الثابتة (قصة فيلم)، وفي أعدادها الأولى نشرت قصص افلام مثل (مدام دوباري، وأفلام شارلي شابلن، والفرسان الثلاثة)، هذا علاوة على قصة مسلسلة لبعض الأفلام مثل (النسر الأبيض) بطولة (روث رولاند) ومن أبوابها الثابتة: (حديث الصور)، وهو باب إخباري تنشر فيه المجلة أخبارا مترجمة عن مجلات السينما العالمية، وقصص حياة النجوم وتاريخ السينما ودائرة معارف السينما وتجيب علي أسئلة القراء و(برلمان الصور المتحركة)، و(مسابقة الوجوه) وفيه تنشر صورة أحد نجوم السينما وتطلب من القراء معرفة اسم النجم وتعطي لستة من الفائزين خمسة وعشرين قرشا لكل منهم.
وكانت الإعلانات في المجلة قليلة جدا لدرجة ملفتة فكانت تنشر في بدايتها إعلانا واحدا عن (سينما الكوزموجراف الأهلي) بشارع عباس بطنطا، وفي عام 1924 قام الناقد والمؤرخ السينمائي (السيد حسن جمعة) من رواد الصحافة السينمائية الجادين المثقفين بإصدار مجلة (معرض السينما) في مدينة الإسكندرية، وفي يوم 9 نوفمبر 1925 صدر العدد الأول من مجلة (المسرح) التي كان يملكها ويراس تحريرها الناقد الفني (محمد عبد المجيد حلمي)، وكانت هذه المجلة من أقوي وأحسن المجلات الفنية التي ظهرت في العشرينات.
ولما كان النشاط المسرحي في ذلك الوقت كبيرا جدا فقد خصصت له المجلة كل صفحاتها تقريبا، ولكنها كانت من حين لآخر تنشر أخبار النشاط السينمائي المحلي الذي كان محدودا، وفي عام 1926 نشرت حديثا مع (وداد عرفي) صرح فيه بأنه عضو بشركة سينمائية أوروبية اسمها شركة (ماركوس)، وأنه سيقوم بإخراج ثلاثة أفلام في مصر في عام 1926 تدور حول تاريخ مصر في عهد الفراعنة وعند العرب وهي (الجاسوس والحب المهزوم)، (وحب الأمير)، وبعد ثلاثة أشهر نشرت أن (وداد عرفى) اتفق مع (نجيب الريحاني) علي أن يمثل مع أفراد فرقته فيلما عن (جحا)، وأنه اتفق مع (يوسف وهبي) علي أن يقوم ببطولة فيلم (النبي محمد) على أن يشترك نجيب الريحاني في الفيلم ويقوم بدور (معاذ) ومن المؤسف أن مجلة (المسرح) لم تعش طويلا لأن صاحبها توفي بعد صورها بعام واحد تقريبا. وفي آواخر عام 1925 أصدر (مصطفي القشاش) مجلة (الصباح)، وقد لعبت هذه المجلة دورا كبيرا في حياتنا الفنية، فقد ظلت لمدة ثلاثين عاما تخصص معظم صفحاتها للفن وقد أسهم كثير من أهل الفن في تحريرها فقد كتب فيها (أحمد بدرخان) وهو طالب في كلية الحقوق، وكان يهوي السينما ويدرسها بالمر اسلة مع إحدي الجامعات الأوروبية، وكان بدرخان يترجم هذه الدروس وينشرها علي صفحات مجلة (الصباح)، ولاقت اهتمامها كبيرا من القراء، وعندما قرأها (محمد طلعت حرب باشا) اتصل بالأستاذ بدرخان وطلب منه إعداد تقرير مفصل عن إنشاء ستوديو كبير تقيمه (شركة مصر للتمثيل والسينما) وأوفده إلى باريس لدراسة الإخراج السينمائي.
وفي عام 1926 صدرت مجلتان سينمائيتان الأولي هى نشرة (مينا فيلم) في الإسكندرية والثانية هى (نشرة أوليمبيا السينماتوغرافية) في القاهرة، والأولي كانت تصدرها جمعية لهواة السينما بالإسكندرية واختارت لنفسها اسم شركة (مينا فيلم)، وكان من مشروعات هذه الجمعية إنتاج أفلام سينمائية وقررت جمع تبرعات من أعضائها تحت مسمي اشتراكات شهرية قدرها عشرة قروش لكي يتجمع لديها المال لإنتاج أفلام سينمائية، وقد حققت (مينا فيلم) نجاحا طيبا، فقد انضم إليها مئات الهواة الذين كانوا يحضرون المحاضرات الفنية عن فن السينما وفن التمثيل.
ولكن هذه المجلة لم تعش طويلا فقد صدر منها خمسة أعداد فقط، أما الثانية وهى (نشرة أوليمبيا السينماتوغرافية) والتي أصدرها (حسنى الشبراويشى) مدير (سينما أوليمبيا) بشارع عبد العزيز بالقاهرة، فكانت تنشر أخبار النشاط السينمائي في مصر وقصص حياة نجوم السينما ومسابقات الهواة، وفي عام 1926 بدأت الجرائد اليومية في القاهرة تخصص بابا أسبوعيا ثابتا للسينما ومنها جريدة (البلاغ) التي خصصت صفحة للسينما كان يحررها (السيد حسن جمعة ثم قلدتها الجرائد الأخري بعد ذلك.