بقلم الإعلامي : علي عبد الرحمن
كثيرا ما أتردد علي الأماكن العامه من كافيهات ومطاعم ومقاهي وأنديه، وكثيرا ماتجمعني ظروف عملنا الاعلامي مع بعض النخب والمسئولين، ومعظم من نلتقي بهم ما أن نفتح حديثا حول الشأن العام إلا ويتحول الحديث وبقوة إلي ماحققته مصر وماتغير من ملامح الأماكن جراء ما تم إنجازه على الأرض ويأخذنا الحديث إلي إرتفاع تكاليف المعيشه، إلا أن المتفق عليه في كل الأماكن ومع مختلف الفئات هو أن الإعلام هو المشكله!، وان وجوه الإعلام هم السبب في استفزاز المصريين، وأن محتوي إعلامنا – إن كان مايبث هو ذو محتوي أصلا – هو سبب رفض المصريين لهذا الإعلام وأن أهم مشكلات مصر الجديدة هو إعلامها غير الجديد أصلا!
ولما كان هذا الرأي العام هو رأينا الخاص والمهني أيضا، فقد تعمدت الخوض في تفاصيل هذا الطرح الجماهيري لأضع يدي علي رأي الشارع سواء نخبه أو بسطائه في مشكلة إعلام المصريين المعاصر، ولقد اتفقت آراء من تحدثت معهم من أهل مصر المحبين لها والغيورين عليها على أن مشكلة إعلامنا اليوم تتلخص فيما يلي:
(1) إن وجوه الإعلام الثابتة والمتلونة والمستفزة هي أساس مشكلة عدم قبول المصريين على مشاهدة أو تصديق إعلامهم وكذا عدم الرضا عما يقدمه.
(2) إن الحاجه لتغيير هذه الوجوه بأشخاص ذو مصداقية وقبول ومهنية هو بداية الطريق لإصلاح الإعلام.
(3) إن الرأي العام يرفض هذه الوجوه ومنطقها وماتقدمه وطريقة آدائها وسطحية تناولها ونفاقها الواضح وأكلها علي موارد أنظمة سابقة عديدة.
(4) إن غياب المحتوي المهني المقنع التنافسي يجعل إعلامنا في ذيل متابعة أهل مصر، ويدفعهم لمتابعة قنوات وشبكات أخري غير إعلامنا الوطني المترهل.
(5) إن تشابه مايبث وتشابه النوافذ وتكرار مايبث علي القنوات القومية والمحلية والفضائية سواء إعلام رسمي أو أخيه شبه الرسمي دعم هذا الرفض الشعبي العام.
(6) إن جودة وتنافسية مايقدم حولنا يكشف الغطاء والستر عن صناع إعلامنا غير المتخصصين في صناعة المحتوي الجيد التنافسي المهني.
(7) إن منطق الإعلام المعادي يفوق في مهنيته منطق إعلامنا رغم أنه يلوي الحقائق ولكن المهنيه تثير شكوك مواطنينا البسطاء.
(8) إن ماينفق بإسراف على إعلام الوطن بشقيه الرسمي وشبه الرسمي وهو مايقرب من 20 مليار جنيه سنويا هى أموال الشعب التي تدخل جيوب وجوه الإعلام المرفوضين شعبيا.
(9) إن إعلامنا أدخل عادات وألفاظ ومشاهد غريبة على أهل مصر ولا تشبه سلوكيات المصريين.
(10) إن إعلامنا المتوقع هو الذي قصر في إطلاع شعبه على ما تحقق من إنجازات، وهذا القصور أبعد المواطن عن إنجازات وطنه وأثار قلقه علي غده القادم.
(11) إن ثبات ضيوف البرامج أيضا ساهم في حالة الرفض لما يقدمه هذا الإعلام.
(12) إن ما سببه هذا الإعلام من فساد أخلاقي وإفساد للذوق العام أصاب سمعة مصر وأهلها أمام المحيطين بنا.
(13) إن فشل الإعلام في ربط الـ 8 مليون مصري بالخارج بالوطن جعله إعلاما بلا حس وطني يقظ.
(14) إن فشل الإعلام في توصيل صورة مصر بواقعية للخارج أثر كثيرا علي صورة مصر وإنجازاتها.
(15) إن إعلامنا لم يقم بدوره المهني، ولم يطمئن شعبه، ولم يبشر بغد أفضل، ولم يتواصل مع أبنائه بالخارج، ولم يعبر عن صورة مصر الجديدة، ولم يرض شعبه ولذا أصبح مرفوضا وأم المشاكل الملحة لتحقيق تواصلا بين الدولة ومواطنيها.
وأمام كل هذا أجدني أوافق آراء العامة والخاصة في أن الإعلام هو المشكلة، وأن إصلاحه هو جزء من الحل.
ولقد طالبنا هنا كثيرا بإصلاح المشهد الإعلامي من الوجوه الثابتة والتشابه المفرط وغياب المحتوى والبعد عن التنافسية وعدم المهنيه وحالة الرفض الشعبي وحالة الاحتكار المخل والإسراف المفرط، كل هذا يحتم علينا إعادة تقييم وتنظيم المشهد، شبكاته وقنواته ووسائله، ويتطلب خطة قومية للإنتاج الإعلامي، وهوية لكل شبكة أو قناة ومحتوي جيد مهني تنافسي وصناع محتوى وتطبيق الأصول المهنية للممارسة الإعلامية الحقة، وتفعيل دور المجالس والهيئات وإشراك الخبراء وأهل الإعلام والاستماع للمجتمع المدني وإصلاح تدريس وتدريب الإعلام ووضع آليات لتنفيذ ذلك ومتابعته وتقييمه، ذلك من شأنه تقديم إعلام جيد لأهل مصر ومن حولها، يحوذ رضا أهل مصر، إعلام ثاني يصلح لأن يكون إعلاما للمصريين في ظل مرحلة نحلم فيها بغد أفضل وحياة كريمة ودور رائد يلائم قيمة مصر وقامتها في جمهوريتها الجديدة ودخولها عصر التحول الرقمي، وتحيا دوما مصر ،المحروسه بفضل الله وعنايته.. اللهم بلغت،اللهم فإشهد..!!