كتب : محمد حبوشة
(وطني الحنون، الحاضن، الداعم الأمان، وكلي امتنان وفخر بقيادة وطني العظيمة، ملك حفيد ملوك، والد للشباب السعودي، حكيم يسمو بهم حتى طالت بلادي عنان السماء).
لم تخطىء المطربة السورية الكبيرة (أصالة)، حين قالت تلك الكلمات في حق المملكة العربية السعودية الشقيقة على سبيل مجاملة بعد الاحتفاء بها، وربما تبدو في كلماتها قدر من المبالغة التي لم تحتملها الشيفونية المصرية، لكنها جاءت على لسان (أصالة) بحكم تفاعل الجمهور معها في حفلتها، وهذا هو حال كل النجوم عندما يغبطهم الجمهور بمزيد من الاهتمام، ومن ثم كان لاينبغي أبدا أن تثير تلك الجملة حالة من الغضب سيطرت على جمهور المطربة بعد تصريحاتها تلك التي عبرت خلالها عن امتنانها للمملكة السعودية، وذلك بعد حفلها الأخير ضمن فعاليات موسم الرياض.
لم تقل أصالة حرفيا (تاريخي كله الفضل فيه للمملكة العربية السعودية فقط والتي سأظل مدينة لها العمر كله)، كما أشاعت بعض الصحف المواقع المصرية، وهو ما أثار حالة من الغضب لجمهورها المصري لكونها لم تذكر (اسم مصر)، وكانت أصالة قد كتبت منشورا عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، وقدمت فيه الشكر إلى أصدقائها وأسرتها والفرقة الموسيقية وهيئة الترفيه وأشخاص آخرين، بعد الحفل التي وصفته بأنه كان من أحلام محطتها ومسيرتها الفنية، وذكرت في منشورها: (شكر وطني الحنون وطني الحاضن وطني الأمان وطني الداعم وطني الغالي السعوديّة وكلي امتنان وفخر بقيادة وطني العظيم)، واختتمت منشورها قائلة: (بشكركم كلكم الأغلبية المحبة والأقلية المنتقدة لأنني لولا هذا وذاك ما حققت اللي حققته).
وكانت أصالة قد وجهت الشكر وهذا أمر طبيعي جدا عبر انستجرام بالعديد من الرسائل للجمهور ولمنسقة الملابس الخاصة بها ولزوجها ولرئيس هيئة الترفيه السعودي تركي آل الشيخ ولشركة روتانا، وقالت عن زوجها: (زوجي اللي لولاه أنا ما عملت اللي عملته بهالليلة واللي شال عني كل تعب وكل تفكير وترك لي متعة أحفظ وغني وبس الدنيي كلها فايق)، وهى هنا تقصد زوجها الشاعر العراقي (حسن فائق)، وربما نسي من حرف تصريحات أصالة أن يستغل أيضا جنسية زوجها العراقي كي يشعل نيران الفتنة بين مصر والعراق كم أحدث توترا في أجواء في العلاقات بين مصر والسعودية.
أعتقد أنه عند هذا الحد لم تخطىء (أصالة) في حق مصر على حساب السعودية .. فقط هى فرقعات إعلامية وتحوير تصريحاتها، بحسب أحد المواقع المحلية، خاصة وإن أصالة لم تقل حرفيا خلال الحفلة (إن تاريخها بالكامل الفضل به يعود إلى المملكة السعودية التي ستظل مدينة لها بالعمر كله)، وما زاد الأمر لغطا أنه رغم ما ذكره الموقع وأغضب منها الجمهور إلا أن (أصالة) لم تنف أو تعلق على الأزمة، وربما كان ذلك جراء حالة الارتباك التي صنعتها لها السوشيال ميديا وبعض المواقع التي حرفت تصريحاتها بغرض الإثارة وصناعة حالة من الجدل حولها، وهنا ألفت النظر إلى ماقالته مؤخرا عندما صعدت لحفلها بمهرجان الموسيقى العربية في دورته الـ 31 بدار الأوبرا المصرية على مسرح النافورة على نغمات أغنية (شكرا): (أنا مصرية وكلنا مصريين)، وشكرت جمهورها الحاضر للحفل على مساندتها ودعمها، قائلة (لولا محبتكم ما كنت أعرف ما سأكون).
أعتقد أن الملحن الكبير حلمي بكر قد تسرع – مستندا إلى تصريحات محرفة – في التعليق على تصريحات المطربة السورية، وهو ما أوقعه في المحظور، فقد قال على لسانها: (أن تاريخها كله صنعته والفضل به للمملكة، والتي ستظل مدينة لها العمر كله)، ومن ثم استطرد قائلا: (مصر كانت البداية)، وقال أيضا خلال تصريحات تليفزيونية، (إن هناك مطربين عندما يتحدثون يخسرون كثيرا)، مضيفا: (ابن الجيران لما يجيلي واتبناه ويكون ابني لا ميغلطش)، لافتا إلى أن مصر احتضنت أصالة أكثر من سوريا.
ووجه الملحن حلمي بكر، عتابا إلى (أصالة) بسبب مالم تقله فعلا، مشيرا إلى: (لا .. عيب، وإذا كانت سوريا هى المولد، فمصر هى الحضن)، وأردف حلمي قائلا: عندما قدمت أصالة إلى مصر استقبلها كل (محمد الموجي وسيد مكاوي ومحمد سلطان وأنا)، وقدمنا لها أعمالا ساهمت في نجاحها وشهرتها، أصالة تقطن في القاهرة وتحمل الجنسية البحرينية إلى جانب السورية، ولكن مصر احتضنتها أكثر من سوريا، وإذا كانت سوريا هى المولد فمصر هى الحضن، أعتب عليها، وعيب إنها تنكر فضل مصر عليها، الجمهور أصبح كريما أكثر من اللازم، الرد عند الجمهور مش عندنا احنا، ابني لما يغلط أعاقبه إنما ابن الجيران لما يجيلي واتبناه مينفعش يغلط.
ولأن حلمي ترك الرد للجمهور، وعلى الرغم من أن المطربة السورية – خلال منشورها – لم تهاجم أو تتحدث عن تجربتها في مصر، إلا أن رواد المنصات ممن انحازوا لتصريحات الصحف والمواقع المضللة انتقدوا تصريحاتها، وسط هجوم واسع عبر مواقع التواصل لتجاهلها ذكر اسم (مصر) ودورها في مسيرتها الفنية – على حد قولهم – ودشن ناشطون عبر المنصات هجوما عليها، حيث ذكر الصحفي محمد الديسطي في تغريدة له (مصر هى من صنعت شهرة أصالة ونانسي عجرم وإليسا وغيرهن من النجوم، إنكار ذلك هو قلة أصل ولن يغير الحقيقة، مصر أصل الفن)، بينما علقت أميرة أبو شهبة قائلة: (إن ما قالته أصالة يستدعي الهجوم عليها، وكل من شاهد الحفل سمع ما قالته إن تاريخها بالكامل بفضل السعودية)، وعلق سيف على الأمر قائلا: (إن أصالة من أجل أن تجامل السعودية قررت أن تدلي بتصريح تنكر خلاله فضل مصر في اكتشاف موهبتها ونجوميتها)، واختتم كلامه قائلا: (لك الله يا مصر كم من أقوام ينكرون جميلك ومازال نهر عطائك يجري.
وعلى الجانب الآخر، حرص البعض على الدفاع عنها استنادا لتصريحاتها السابقة التي عبرت فيها عن امتنانها لمصر وشعبها واستبعدوا أن يصدر منها تلك التصريحات، وكتبت الصحفية ياسمين محفوظ قائلة: (شفت كلام أصالة مالقيتش اللي يستدعي الهجوم عليها، ولا يوجد في كلامها إنها تقول إن السعودية هى اللي احتضنتها في أول بداياتها)، وتابعت: (كل الحكاية أنها بتشكر السعودية على الحفلة وبتشكر اللي ساعدوها على نجاح حفلها وبتعبر عن حبها للمملكة)، ودعمها أيضا غيث، وقال إنه لا يمكن أن ننسى حب أصالة لمصر وأهلها، وآخر حفل لها عبرت عن حبها وعشقها لمصر بلد الفن، وحب أصالة لمصر والسعودية واحد وهى دائما تفتخر بأنها تعيش في مصر وتغني للمصريين، واعتبرت أحد رواد الفيس بوك وتدعى منار أن: أصالة منذ أكثر من 30 عاما تقدم فنا بكل حب ونجاح وتبهرنا وتبهر العالم سواء في مصر أو الخليج وفي كل مكان لها جمهورها ومحبوها، ومن الطبيعي أن تشكر الدولة التي تكرم بها.
وأؤكد في النهاية أن أصالة لم تخطئ في حق مصر أو تبخسها قدرها، وهى القائلة على مسرح دار الأوبرا المصرية من قبل: (فيه مسارح بيني وبينها عمر وعشره وذكريات كتير حلوه .. وبهالمسرح بالذات بحس إني ببيتي بجنة دنيي أنا بحبها… الناس كتار وقراب من بعض وقراب مني وأنا رغم الأعداد بتفاعل كأني عم غني بمكاني للقراب من أصحابي اللي بيحبوا صوتي ومعلقين بالروح اللي فيه.. شكرا مصر العظيمه على هالمحبه اللي شفت روحي من كل أوجاعها.. منكم باخد شعور حلم وبردلكم ياه غنا مليان امتنان وشكر وإحترام .. كنا كلنا بدار الأوبرا شخص واحد عاش ساعات أحلى عمر بنتمناه .. شكرا دكتور مجدي صابر على إهتمامك فيي البالغ وشكرا دكتور جيهان مرسي على لطف تعاملك، وشكراً لسعادة الوزيرة (نيفين الكيلاني) وبتمنى لك كل التوفيق ودائما دارنا العظيمه ( دار الأوبرا المصرية ) في الصداره فهي أم الحضاره وسيدة المسارح العربية.
ولهذا: أرجوكم كفوا عن صب الزيت على النار فمصر كبيرة على هذه التفاهات التي تنال منها بفعل سفهاء السوشيال ميديا.. مصر هذا البلد العظيم المتفرد الذى رسخت فيه الأصول الطيبة واتسم أهله بصفات الشعوب المرتبطة بأرضها المحبة لتراثها وترابها، لقد أصبح حب مصر أمرا فطريا لدى كل عربي، وعلى مر العصور لم يستطع غاز أن يغزو بثقافته أو بتقاليده، أو ينزع عن أهله خصوصيتهم وتميزهم فكانت مصر دائما وستظل هى حائط الصد الذى تنهار عنده أحلام وأوهام الطامعين، وحصن الأمن والآمان لكل النجوم العرب الذي عاشوا على ترابها وبادلوها حبا بحب، ولاننسى أن مصر هى مهد حضارات متتالية فقد ذكرت مصر بأسمها الصريح في القرآن والإنجيل والتوراة، تاريخ مصر هو تاريخ الحضارة الإنسانية حيث أبدع الإنسان المصرى وقدم حضارة عريقة سبقت حضارات شعوب العالم، حضارة رائدة في ابتكاراتها وعمائرها وفنونها حيث أذهلت العالم والعلماء بفكرها وعلمها فهي حضارة متصلة الحلقات تفاعل معها الإنسان المصرى وتركت في عقله ووجدانه بصماتها القائمة على المحبة والسلام.