إعادة (سيدتي الجميلة) .. لماذا نهيل التراب على تراثنا المسرحي الفريد ؟!
كتب : أحمد السماحي
خلال الأيام القليلة القادمة تعرض في السعودية مسرحية (سيدتي الجميلة) على مسرح (بكر الشدي) داخل بوليفارد الرياض سيتي، لمدة 5 أيام تبدأ من يوم 6 وحتى 10ديسمبر المقبل، المسرحية بطولة أحمد السقا الذي سيؤدي شخصية (كمال بك الطاروطي) التى سبق وجسدها الفنان فؤاد المهندس، وريم مصطفى التى ستؤدي دور (صدفة حسب الله بعضشي) التى جسدتها شويكار، وعلاء مرسى سيجسد شخصية (حسب الله بعضشي) التى سبق وجسدها جمال إسماعيل، أما محمد عبدالرحمن فسيؤدي دور (حسن مفتاح) الذي سبق وقدمه حسن مصطفى، وترتدي ليلى عز العرب أزياء (إنجي هانم) التى جسدتها من قبل زوزو شكيب، ويؤدي محسن منصور، شخصية (الخديوي) التى جسدها نظيم شعراوي.
وكُتب على الأفيش الذي تصدره أبطال المسرحية اسم الكاتب المبدع بهجت قمر الذي أعد المسرحية في الستينات عن قصة (بجماليون) للكاتب الكبير برنارد شو، وتحت إسم بهجت قمر، كتب معالجة درامية (أيمن بهجت قمر)، كما كتب على الأفيش أيضا إخراج حسن عبدالسلام ، وتحت منه رؤية إخراجية مصطفى حسني، أما بالنسبة للأغاني فستقدم كما كتبها الشاعرعبدالوهاب محمد، وألحان حلمي بكر، وسيتولى توزيع الأغنيات الموسيقار محمود طلعت.
والحقيقة فور علمي بالخبر، ورؤيتي للأفيش أصابتني الدهشة الشديدة، والإستنكار من إعادة عمل مسرحي حقق نجاحا ساحقا وقت عرضه عام 1968، ومازال ناجحا ومحفورا في الذاكرة الجماهيرية العربية، ويعتبر أحد كلاسيكيات المسرح المصري، خاصة أنه سيقدم بنفس الشكل القديم الذي قدم به، وبدون تعديلات تذكر باستثناء حذف بعض الجمل التى لا تتناسب مع العصر الحالي.
والسؤال: لماذا نهيل التراب على تراثنا الفني الفريد، وذلك بأن يُعاد تقديم هذا العمل الناجح؟، هل سيقدم القائمين على النسخة المعاصرة رؤية جديدة للعرض من حيث الإخراج، أو طريقة التمثيل، أو الاستعراضات والأغاني؟!، هل النجم (أحمد السقا) سيضيف شيئا جديدا أو وجهة نظر مختلفة لشخصية (كمال بك الطاروطي) من حيث الأداء لم يقدمه من قبل (فؤاد المهندس)؟!، هل الست (ريم مصطفى) ستكون بخفة ظل وطلة وحيوية وتوهج (شويكار) على خشبة المسرح؟!، الإجابة على كل هذه الأسئلة بالتأكيد لأ!
إذن ما الغرض يا جماعة الخير من إعادة تقديم هذا العرض الناجح؟ الإجابة مجرد (سبوبة ونحتاية) ليس أكثر من هذا، عمل يقدم في السريع، نظرا لأن القائمين على النسخة المعاصرة مشغولين في أعمال فنية أخرى وليس لديهم وقت للتعب وبذل مجهود في تقديم عمل جديد، وفي نفس الوقت يحصلون على مبالغ مالية كبيرة!
لست ضد إعادة التراث المسرحي، بالعكس أنا مع تقديم هذا التراث بصفة منتظمة، وهو عرف سائد في كل دول العالم، لكن لابد لمن يتصدى لعمل سبق وأن شاهدناه، أن يقديم وجهة نظر جديدة، ورؤية مختلفة، وفي حالة تقديم أعمال مجهولة غير مسجلة، ولم يسبق وأن شاهدناها، قدمها يا سيدي كما هى طالما لم نشاهدها من قبل، كما حدث من قبل في فترة الستينات عندما أعاد كلا من (فؤاد المهندس، وفريد شوقي، وعادل خيري) أعمال الفنان (نجيب الريحاني) وقدمت كما هي، لأنها لم تكن مُسجلة ولم يشاهدها جيل الستينات، وبالتالي كان تقديمها شيئا جديدا وجميلا بالنسبة للجمهور.
لكن إعادة تقدم عمل ناجح وشهير يقدم بصفة منتظمة على الفضائيات بدون تقديم وجهة نظر مختلفة، أورؤية جديدة للعرض الجديد الذي يقدم فهذا هو الإفلاس الفني بعينه، وعيب!.