(زياد برجي) ينزه (جورج وسوف) بين المقامات في (بيتكلم عليا) و(عابد وعمايري) مفاجأة الكليب
كتب : أحمد السماحي
طرح سلطان الطرب جورج وسوف خلال الساعات الماضية أحدث أعماله الغنائية التى يختتم بها موسمه الغنائي هذا العام، وهى أغنية (بيتكلم عليا) التى صورها بطريقة الفيديو كليب، الأغنية كلمات الشاعر أمير طعيمة، وألحان زياد برجي، وتوزيع زاهر ديب، إنتاج رودولف جبر، وإخراج المخرج اللبناني إيلي السمعان الذي تفوق كعادته في تقديم فيلم سينمائي قصير مكثف مدته 6 دقائق عن مشاعرغيرة بين رجلين بسبب فتاة!.
الكليب
جاءت مشاهد الكليب سريعة متلاحقة، لكنها والحقيقة تقال كانت مجازفة خطرة من (إيلي السمعان) لأن من قام ببطولة هذا الفيلم القصير اثنين من عمالقة التمثيل الحالي وهما النجميين السوريين الكبيرين (عابد فهد، وعبدالمنعم عمايري) واشتركت معهما بشكل جميل ومؤثر الفنانة اللبنانية (زينة مكي)، ويكمن الخطر في قوة إشعاع موهبة (عابد وعمايري) وقوة وجمال طلتهما، والكاريزما الخاصة التي يتمتعان بها، كل هذا كان يمكن أن يقضي على المطرب الذي يغني، ويبعد الجمهور عن معنى الأغنية، لكن لحسن الحظ أن المطرب الذي يغني هو (جورج وسوف) الذي يتمتع هو الآخر بكاريزما عالية جدا في الغناء، وصاحب صوت عذب لا تخطئه الأذن مهما أصابه من خفوت أو ضعف!.
رغم المشاهد القليلة لـ (عابد وعمايري) لكنهما قدما أداءا رائعا، وستبقى دموع (عابد) التى تلمع في عينيه رافضة النزول بعد كشفه لخيانة حبيبته وصديقه باقية في الوجدان، وجاءت (قبلة) الوسوف له على الهواء كأنها تحييه على قوة أدائه وتمسح عنه هذه الدموع، كما لا يمكن أن ننسى تألق (عمايري) بقوة نظراته المعبرة التى قالت جمل وعبارات غير مكتوبة عن الحب والغيرة والغرام.
ورغم عدم خروج الكاميرا من مكان واحد هو المسرح الذي يغني عليه (جورج وسوف) وقلة أماكن التصوير في الكليب، إلا أن المخرج (إيلي السمعان) صاحب مسلسلي (شتي يا بيروت، وبيروت 303) قدم مشاهد متدفقة مشحونة بالعاطفة والغيرة والحب، ونجح في تقديم صورة مبهرة لكل نجوم الكليب.
التسامح الإنساني
كتب الشاعر (أمير طعيمة) معان تلقائية بسيطة للغاية عن فكرة التسامح الإنساني، ويرتكز هذا المبدأ على نسيان الأحداث المؤلمة التي وقعت للإنسان في ماضيه بكامل إرادته وتخليه عن الرغبة التي تعتريه في إيذاء الحبيب بسبب تلك الأحداث، حيث يكون هذا التخلي بكامل إرادته وعن طيب خاطر، فالحبيب في أغنية (بيتكلم عليا) تعرض للكثير الذي لا يفصح عنه من كرم أخلاقه، مع أنه لو فتح شفايفه وتحدث سيقول الكثير، ورغم هذا لا يتوقف حبيبه عن الحديث عنه بالباطل والغلط فيه، لهذا يشكو لنا الحبيب حبيبه في بداية الأغنية ويقول:
يتكلم عليا، ويقول فيا وفيا
وأنا عمري ما جبت سيرته غير بخير
يلي ما عمريش جرحته
سايبه يغلط براحته
مع إني أقدر أقول حاجات كتير
ويعود الحبيب ويدعم مبدأ التسامح في أعماقه، ويغنى قائلا:
بيقول، ما يقول، ماهو كل يا قلبي ما نتألم
بالوقت أنا وأنت هنتعلم، علشان ما نكررش غلطنا
ما يقول، ع الحب اللي زمان جمعنا
على أشواقنا وعلى أوجاعنا
كان وهم قابلناه في سكتنا، ما يقول
ولأن الحبيب يصون العشرة ورجل مليئ بالشهامة والنبل والأخلاق، فهو يصرخ قائلا: ( العشرة غالية غالية، لو في ناس يئتمنوا)، وهنا يبدع (أمير طعيمة) بتأكيد فكرته بالرجوع إلى التراث الغنائي المصري ويختار جملة من أغنية (ولاد الحلال) لوردة.
وفي النهاية يقرر الحبيب وحتى يريح نفسه من الصداع وكثرة كلام الحبيب الذي يشبه خالتى (بمبه الرغاية)! أن يبتعد عنه رغم أنه سيظل ذكرى سيئة، لكن هذه الذكرى ستجعله لو قابله في يوم يتجاهله ولا يتحدث معه، ويقول:
هيبيع اسمه وغرامه، ما هو ده أصله و تمامه
طب ده اللي زيّه يا قلبي ما تلوموش
خيرها يا قلبي في غيرها
واهي ذكرى هنفتكرها، علشان لو يوم قابلته ما أكلموش
ويعود (أمير طعيمه) مجددا للتراث الغنائي ويختار جملة من أغنية (أي دمعة حزن لا) لعبدالحليم حافظ، ليؤكد الحبيب لنفسه مجددا فكرة التسامح والابتعاد عن الحزن، لأن الحبيب الذي تركه لا يستحق أي حزن ولا حتى لحظة حيرة!.
وبهذه الفكرة الذكية من (أمير طعيمة) استطاع تذكيرنا باثنين من أجمل أغنيات التراث الغنائي لاثنين من أحب المطربين إلى قلوبنا، كما أن معاني الأغنيتين تتوافقان مع كلمات الأغنية الجديدة (بيتكلّم عليّا).
التنزه بين المقامات
قدم النجم اللبناني الشامل (زياد برجي) لحنا مليئا بالعذوبة والشجن والجمال والدفء، ولأنه يدرك جيدا مع من يتعاون فقد قام بتنزيه وعمل جولة لـ (الوسوف) بين المقامات، حيث لحن الأغنية من مقام حجاز (بوسليك)على درجة مي، ومقام الحجاز من المقامات الحزينة والوقورة وغزيرة المشاعر، وهو من أقدم المقامات الشرقية وأشهرها، وسُمي بالحجاز نسبة إلى أصله الذي يعود إلى أرض الحجاز، وهو من المقامات المنتشرة الاستخدام أيضا في الأذان وتلاوات القرآن الكريم.
ولحن زياد برجي (السنيو) أي اللازمة التى تتكرر من مقام (الصبا)، ثم قفل بالراست، والحقيقة ودون الدخول في تفاصيل اللحن بشكل كبير لأن الموسيقى لا يمكن شرحها بكلام منشور، لأنها حالة من حالات البهجة العظيمة تغسل الإنسان، وربما تعيد صياغته على نحو أكثر صحة، لكن ما نستطيع قوله عن هذا اللحن أن (زياد) هذا الموهوب بقوة استطاع بموسيقاه أن يرسم بشكل رائع ومتميز مشاعر ملونة تعبر عن العاطفة والحب والغيرة والشجن ترتحل في وجداننا وتضيئ المناطق المظلمة وتحرضنا على اكتشاف الجمال الكامن بداخلنا، وتعلمنا كيف نضع أيدينا عليه ونستمسك به ليكون لحياتنا معنى، وأعاد إلينا (الوسوف) بشكل متميز للغاية.
الحقيقة أن ما قدمه صاحب (وبطير) في هذا اللحن من جمال وعذوبة وشجن ودفء، ليس غريبا، لكنه يزداد عمقا عندي بشكل شخصي عندما أسلم نفسي لأي عمل جديد من أعمال (زياد برجي) حيث تشعرني أعماله بقوة الحب والمشاعر والإنسانية، والإنسان في عصرنا الراهن كثيرا ما يكون في أمس الحاجة إلى تعميق الإحساس بالحب والخير والجمال لتحميه هذه المشاعر من الضياع التام في ظل الفوضى الغنائية الحادثة اليوم، وفي ظل عقلية القطيع التى تؤطرها الميديا خاصة مواقع التباعد الاجتماعي!
سلطان الطرب
رغم ما مر به في السنوات الأخيرة من ظروف صعبة، لكن الحقيقة أن (جورج وسوف) مازال يسلطننا ومازلنا ننتظر جديده بفارغ الصبر، لأن كل ما يقدمه هذا المطرب صاحب التاريخ القيم الرائع يؤكد لنا – هو وقلة من المطربيين الجيدين الموجودين اليوم على الساحة الغنائية العربية – أن (الأغاني لسه ممكنة) وأن الغناء مازال يسعد الجمهور العربي.
………………………….
لينك كليب أغنية (بيتكلم عليا):