أمير رمسيس .. لاتلقي بالا للسفهاء من أشباه الصحفيين !
كتب : محمد حبوشة
انتهت الدورة الـ 44 من عمر مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بعد أن استعادت لنا بريقه ورونقه الجميل بالشكل الذي يليق بمهرجان من أهم مهرجانات السينما على مستوى العالم، ولكن تظل ثقوب صغيرة تحاول النيل من ثوب هذا المهرجان الذي ترأسه النجم الكبير حسين فهمي صاحبة القامة الرفيعة في الفن المصري، وأبرز تلك الثقوب ما أثاره بعض الصحفيين المنتفعين حول التشكيك في جوائز المهرجان التي رأوها غير منطقية أو غير مفهومة، رغم أنهم لم يشاهدوا أي من أفلام المهرجان على مدار التسعة أيام من الفعاليات التي أشاد بها النقاد الحقيقيين، بل شهدوا بأنها من أفضل الأفلام في تاريخ المهرجان.
ساءني جدا ذلك الجهل الذي ساد ساحة الصحافة الفنية المصرية مؤخرا من جانب سفهاء يطلقون على أنفسهم بالباطل (نقاد)، بينما هم في الواقع الأمر يفتقدون لأبسط قواعد المهنة التي تحتم عليهم المشاهدة قبل التعليق على جودة الأفلام واستحقاق الجوائز من عدمه، بدلا من التنطع في أروقة المهرجان طوال الوقت، ففي الوقت الذي أشاد فيه النقاد الكبار مثل (طارق الشناوي، وماجدة خير الله)، خرج علينا صغار في المهنة والأخلاق ممن يشككون في الجوائز مدعين أنها لا تحقق طموح المهرجان، بل استنكروا نجاح الدورة ربما لأسباب خلافات شخصية مع المخرج المصري أمير رمسيس، مدير مهرجان القاهرة السينمائي، ولذا فقد صبوا الزيت على النار في عاصفة من الجدل بعد أن قام بنشر صورة عبر حسابه بموقع فيسبوك لعدد من العمال وهم يؤدون صلاة الجمعة على السجادة الحمراء للمهرجان، وعلق عليها قائلا بسخرية (غزوة السجادة الحمراء).
وكان قال أمير رمسيس في تصريحات صحفية: (ليس لدينا فكرة كإدارة مهرجان كيف حدث ذلك، ففي هذا التوقيت لم يكن هناك أي فعاليات للمهرجان على السجادة الحمراء، وبالتالي لم يكن تأمينها خاضع للمهرجان)،
وأثار منشور رمسيس غضب الكثيرين، وانهالت عليه الانتقادات بسبب وصفه للصورة وسخريته من مشهد الصلاة الذي صوره كأنه اعتداء على قدسية السجادة الحمراء، وأكدوا أن مشهد الصلاة كان طبيعيا، لأنهم مجموعة من العاملين في المهرجان، وأمر طبيعي أن يصلوا في المكان الذي يعملون فيه عندما حان وقت صلاة الجمعة.
وتضامن آخرون مع أمير رمسيس منتقدين اختيار العمال للسجادة الحمراء كمكان للصلاة وعدم الذهاب إلى المسجد، معتبرين أنه محاولة منهم للمزايدة على المهرجان وصناعة السينما، وعقب تعرضه للهجوم سارع أمير رمسيس بحذف المنشور سبب الأزمة، وكتب منشور آخر قدم فيه اعتذارا قال فيه: (كما أوضحت لمن سأل أو شعر بالإساءة الشخصية، فأنا اعتذر لمن اعتقد أن منشوري يمس المعتقدات الدينية، فتعليقي ليس على فعل الصلاة نفسه بطبيعة الحال، وإنما على اختيار عمدي لمكان يقع على بعد أمتار من بوابة جامع مخصص من قبل دار الأوبرا للصلاة، في فعل لا يخلو من مزايدة على الفنون، ومحاولة لإرسال رسالة معينة من عقليات ترفض الفن وتحتقر السينما).
من جانبه أشاد الناقد الفني، طارق الشناوي، بموقف المخرج أمير رمسيس من إقامة صلاة الجمعة على السجادة الحمراء لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، مشيرا إلى أن ديانة أمير المسيحية لم تقف عائقا أمام أن يدلو بدلوه، وأضاف في تصريحات له قائلا: (أمير رمسيس برافو عليه أنه لم يجعل الديانة عائقا أمام أن يدلو بدلوه ويقول رأيه، فعلا مفيش صلاة على السجادة الحمراء، فيه جامع موجود في الأوبرا وجوامع متناثرة حول الأوبرا، وكلمة جامع معناها إنه بيجمع المصلين، وما كانش فيه داعي إنهم يصلوا على السجادة الحمراء).
وتابع الشناوي: (بقول لأمير برافو عليك إنك لم تجعل الديانة عائقًا أمام إنك تقول رأيك، لأنك مصري أولا قبل أن تكون مسيحيا، وأنا مصري قبل أن أكون مسلما، ولي الحق أن أقول رأيي في أي شئ يخص الديانة المسيحية، طالما لها صلة ما بمصريتي، وهو مدير المهرجان، وقال ما يمليه عليه ضميره، وأتمنى إننا كلنا نكون كده، ما نفضلش نفكر مرتين تلاته هيساء تفسير حديثي أو لا).
لكن أحد المزايدين كتب عبر صفحته الشخصية بموقع فيسبوك قائلا: (هوه في الحقيقة المفروض إدارة المهرجان توفر للناس مكان يصلوا فيه الجمعة، وتبقى عاملة حسابها إن المسجد الصغير اللي في الأوبرا مش هيكفي، وما تتفاجئش لما تلاقي الناس اتصرفوا وفرشوا بره، وما تتعمدش إساءة فهم اللي حصل وتعتبره غزوة الريد كاربت، وما تتعاملش مع شيء عادي جدا زي إن الناس تصلي على أساس يا لهوي إيه ده؟، بقى احنا عاملينلكوا مهرجان سينما تقوموا تصلوا؟ وعلى الريد كاربت؟ يا خسارة تعبنا، فكروا يا جماعة قبل ما تتكلموا مش صعبة والله).
والذي استفزني أكثر ما وجهه الشاعر الغنائي أيمن بهجت قمر من انتقادات حادة لما فعله المخرج أمير رمسيس، واصفا تعليقه بالمسيء للمصلين قائلا: تصريح مستفز وسخيف من شخص مسؤول، ولو إنت يا أمير مش قد المنصب اللي إنت فيه يبقى انسحب، لأنه كده هياخد من قيمتك)، وأضاف: (عادة مصرية وقت صلاة الجمعة، تفصيله بسيطه مسيحي ومسلم اتولدوا وهما بيشوفوها يوم الجمعة، بجد شئ سخيف منك جدا جدا، وعلى إدارة المهرجان تلفت نظرك تخف عشان تعوم)، وبالغ أيمن في منشور آخرقائلا: (على فكرة قمة التحضر إنك تصدر للعالم صورة إن الناس بتصلي جوه قاعة السينما مش على السجادة الحمراء كمان!).
وبغض النظر عن حالة الجدل التي على أثرها انقسم طرفان بين مؤيد ومعارض لتصريح (أمير رمسيس)، فإن رأي السخصي أن هناك دائما من يصطادون في الماء العكر، وظني أن (أمير) لم يقصد الاستهانة أو الإهانة، بل هو كمسئول يرى أمرا تنظيميا يجب مراعاته، ففعلا السجادة ليست مكان للصلاة، وليس مبررا صغر المسجد المتاخم لقاعة المهرجان فالصلاة عبادة ينبغي أن يكون لها مكان مخصص لأدائها، وخاصة صلاة الجمعة التي ينبغي أن يحضرها المصلون داخل المسجد وخارجه شريطة أن تكون الصلاة في نطاق المسجد وليس على السجادة الحمراء، ولهذا ينبغي الكف عن هذا الضجيج بلا طحن، خاصة أنه يسئ لأهم مهرجانات السينما في المنطقة والعالم، وأقول لأمير رميس (آفة زماننا هو الجهل الواعي)، ومن ثم لاتلقي بالا للسفهاء من أشباه الصحفيين!