بقلم الإعلامية الكبيرة : هدى العجيمي
سوف نظل نعتبر قصة (زينب) حدثا فارقا في تاريخ الأدب المصري وتاريخ نشاة القصة والرواية في مصر منذ أن نشرها مؤلفها الدكتور (محمد حسين هيكل) ونظل نشكر السينمائيين الذين انتبهوا إلى أهميتها وأهمية ظهورها في السينما الصامتة ثم السينما الناطقة، حتي أن المخرج (محمد كريم) فكر في أن يخرجها مرة ثالثة في السينما الملونة، وبعد أن حدثنا عنها الفنان (عبد الوارث عسر) يحدثنا عن تكرار تجربة كتابة السيناريو والتمثيل في السينما المصرية.
يقول: لم أترك المسرح نهائيا بعد أن بدأت في كتابة سيناريوهات الأفلام السينمائية، وكان المسرح في ذلك الوقت يرتكز على الاقتباس بصفة عامة وأنا شاركت في هذا الاقتباس من المسارح العالمية رغم أنني لم أكن أجيد الفرنسية، لكن كان صديقى (سليمان بك نجيب) يجيد عدة لغات وخاصة الفرنسية فكنا نتشارك في اقتباس المسرحيات العالمية ونقلها إلى المسرح المصري، وكان نجيب الريحاني في مسرحه يقدم شخصية (كشكش بيه) في أشكال وقصص مختلفة في كل مسرحية، وكان علي الكسار في مسرحه هو (بربري مصر الوحيد)، أما أنا فقد استمرت مشاركتي في الأفلام السينمائية وكتابة السيناريو لها وكان لدينا فيلم (ممنوع الحب)، بطولة محمد عبد الوهاب.
وكانت القصة تحكي حكاية شابين في مقتبل العمر يتزوجان وكنت أنا أقوم بدور والد محمد عبد الوهاب في الفيلم وسليمان بك نجيب هو والد الفتاة وكانت هى الممثلة رجاء عبده، واختيار رجاء عبده في هذا الفيلم له حكاية إذ كان عبد الوهاب يريد أن تكون البطلة التي أمامه هى (ليلي مراد)، لكنني أنا رفضت هذا الاختيار وقلت له إنني أريد فتاة مصرية سمراء ومطربة في نفس الوقت، وقد ظهرت عدة مطربات في الفترة الأخير من مطربات ناجحات فعرض على أسماء أكثر من مطربة اخترت منهن (رجاء عبده) التي كانت مناسبة أكثر لهذا الدور، وأذكر مشهدا مهما ولطيفا في هذا الفيلم وهو (الخناقة) التي كان لابد أن يقوم بها البطل والبطلة بعد زواجهما، وهي (خناقة) ليست حقيقية يقوم بها الزوجان لكي يرضي عنهما والد الزوج ووالد الزوجة.
فلما قامت (الخناقة) كان فيها حوار يقول فيه البطل للبطلة لابد من الطلاق ويخرج خارج المنزل، فاقترحت عليه أن يعود وقد ارتدي ملابس المأذون وتقمص شخصيته ويحمل في يده دفترا ولم يكن هذا الدفتر في حقيقته إلا دفتر أرقام التليفون، ولكن عبد الوهاب رفض في البداية أن يقوم بهذه الخدعة ويتقمص شخصية المأذون علي اعتبار أنه ليس ممثلا كوميديا ولكنه في النهاية اقتنع بكلامي وارتدي شخصية المأذون، وعندما عرض هذا المشهد أضحك الجمهور كثيرا، وهذا يدل على أن المشهد الكوميدي ليس بالكلمات والإيفيهات والحركات المفتعلة لكن الموقف نفسه قد يحدث الأثر الكوميدي لوكان جيدا.
ولا أنسي أن أذكر أن شخصية الفنان (سليمان نجيب) كانت شخصية غريبة جدا، فهو في أحيان يظهر بشخصية قاسية هى شخصية الباشا القوي المتعجرف، وفي حالات أخري يظهر بمظهر الرصين الطبيعي الطيب الرحيم، وأنا في رأيي أن هذا هو الممثل القدير ولا أحب كلمة الممثل المتخصص في دور معين طوال حياته ويقيد فيه لأن الممثل يجب أن يمثل كل شيء ويستطيع أن يغير في سمات الشخصية من دور إلى آخر، ولابد أن يكون الممثل مثقفا ثقافة شاملة وقارئا جيدا ومتابعا لكل الوان الفنون. وعندما ذهبنا إلى باريس لتصوير الفيلم لم نكن علي دراية بموقف الأجانب من أداء الممثلين المصريين لكننا فوجئنا بنظرات الإعجاب وكلمات التقدير لأداء الممثلين المصريين، وكان المصورون مذهولين عند تصويرهم لهذا الأداء في أحداث الفيلم، ولكنني قد أفدت كثيرا من زيارة باريس فقد كنت أحمل بطاقة صحفية أعطاني إياها أحد كبار الصحفيين، أفدت منها كثيرا في دخول كل المسارح والأفلام، وهى بطاقة صحفية مكنتني من التعرف علي كبار الفنانين العالميين وعلي كواليس المسارح والتعرف علي نصوصها ومكنني هذا من اقتباس عدد من المسرحيات التي مصرناها وقدمناها علي المسرح المصري باسماء عربية ولاقت نجاحا كبيرا في مصر.