(كارول جي) .. أساءت لمصر بأغنيتها القبيحة !
كتب : محمد حبوشة
تصدرت الفنانة الكولومبية (كارول جي) محركات البحث (جوجل)، وأصبحت تريند رقم 2 على مستوى العالم، بعد طرحها أغنية (القاهرة)، وحققت الأغنية تفاعلا كبيرا منذ طرحها، وتصدرت قائمة الأعلى مشاهدة عبر موقع الفيديوهات الشهير (يوتيوب)، وتخطت مشاهدات الأغنية حاجز الـ 30 مليون مشاهدة حتى الآن.
تم تصوير الأغنية وسط مجموعة من قلب أبرز المعالم المصرية السياحية والأثرية منها (الأهرامات وجامع السلطان حسن والقلعة والنيل) وبعض شوارع القاهرة المكتظة بكل المظاهر السلبية من أطفال الشوارع والمشردين، وتزامنا ذلك مع مؤتمر المناخ، وظهرت (كارول) في الفيديو وهى تتغزل في المعالم السياحية في مصر، واعتبر الجمهور من بعض سذج السوشيال ميديا والصحف المصرية المغيبة في وحل الجهل والتردي أن هذه الأغنية ترويج وتنشيط السياحة المصرية بشكل كبير.
ولكن الأغنية نفسها أثارت غضب مستخدمي بعض السوشيال الميديا من العقلاء الذين رأوا أن تسليط الضوء على هذه الفنانة التي أسهمت في إبراز 4 معالم أثرية منها: (الأهرمات، ومسجد السلطان حسن، والقلعة، والنيل) بطريقة سلبية للغاية، فهذا نوع من السذاجة والاستخفاف بمفهوم الحضارة المصرية، وللأسف فإن أحد من جهابذة الصحافة المصرية لم يكلف نفسه بترجمة كلمات الأغنية التي تحمل في حقيقة الأمر إيحاءات جنسية صريحة لا تليق بالمجتمع المصري أو تاريخها وتراثها العظيم، خاصة أنها صورتها في أماكن أثرية وشوارع تبرز عادات وتقاليد المصريين، كما شاركتها مع الأطفال على الرغم من أن الأغنية تحمل كلمات غير متماشية مع الأماكن التي صورت فيها، لذلك اعتقد بعض المصريين أنها تشير إلى التراث المصري.
وفي هذا السياق، أعجبني ما قاله أحمد عامر الباحث والمفتش الأثري بوزارة السياحة والآثار، إن الأغنية تسيء للهوية والحضارة والثقافة وعادات وتقاليد الشعب المصري، وأنه يجب تصويرها طبقا لمواصفات تراثها، لأن الأغنية تحمل اسم عاصمة الدولة المصرية مثل الأغاني التي تحمل معاني تبرز جمالها منها: أغنية عمرو دياب (القاهرة ونيلها)، وأغنية محمد رضا في حتشبسوت)، ومن ثم كان يجب على الرقابة اتخاذ إجراءات قانونية تجاه هذه الأغنية التي تحمل اسم (القاهرة) ومنع الكلمات التي تحمل إيحاءات جنسية لأنها تشوه الثقافة والحضارة المصرية كما أنها تنقل صورة سيئة عن الدولة.
تقول كلمات الأغنية المسيئة:
لا أعرف إذا كانت الخمور جعلتني أعترف بالسرور
شعرت بذلك من زمان
جعلتني أشعر بالأمان
الحب لم يكن في اتفاقنا
لا حظت ذلك هنا
أقسمت أنني لن أحب أي مخلوق
وهنا تجعلني أتحدث إليك يا جميل ياذوق
أخبرني أصدقائي بأنك نصف كلب
ورغم هذا أجببتك من القلب
الشيئ الرائع أنك زعيم عصابات
وأنا سأقبل بذلك دون مناقشات
سأحبك مرة ولن أعيد الكرة
فضلت سريرك من بين الأسرة وكأنه درة
أنا لست في حال حب ثقيل
ولكن لم يتبقى سوى القليل
حبك لي شفاء من أي داء
لك أحب شخص سواك
جلعتني أعشقك وأهواك
سأعتني بك في إعياك
ما أجمل عيناك
ان لم تكن بجواري لن أنام
أصبحت حلما من الأحلام
أريد أن أراه
أشعر بالرضا لما يعطيني إياه
وظني أن وصول الأغنية إلى أكثر من 30 مليون مشاهدة ليس مبررا للترويج لكلمات أقل ما توصف بالركاكة والتدني ونشر الفاحشة الجنسية بطريقة دس السم في العسل، ومن هنا يجب حذف أو تعديل هذا الكليب المشين من جانب السلطات الرقابية، لأن كلمات الأغنية ليس لها علاقة بأرض الواقع ولا تنتمي إلى القاهرة أو عادات الشعب المصري، فليس هكذا تورد الأبل يا (ست كارول)!، وأيا كانت مشاعر مطربة لاتنينية مهما بلغت شهرتها الآفاق فلاينبغي على الإطلاق أن تظهر خلال الفيديو كليب، من خلال حافلة النقل العام، بالطراز القديم، بالإضافة إلى ارتداء الممثلين بالكليب ملابس تعود لسبعينات القرن الماضي، حتى سارت الحافلة بشوارع القاهرة وعلى كوبري قصر النيل، ليظهر طول النيل وبرج القاهرة خلال الكليب حتى وصلت رحلة الأغنية إلى أهرامات الجيزة، وقامت كارول بغناء استعراضي أمام الأهرامات، إلى أن أبرزت تفاصيلها الجذابة، فأصبح الفيديو كليب، الذي لا يتعدى 4 دقايق يمثل ترويجا سلبيا فعالا للسياحة المصرية.
المطربة الكولومبية (كارول جي) في غيبة من وعينا رصدت خلال الكليب أدق تفاصيل حياة المصريين كبارا وصغارا، وظهرت تتغزل في مصر ومعالمها السياحية، كما سلطت ضوءا سلبيا على الحضارة الفرعونية، والغريب في الأمر أن بعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، اعتبروا ذلك نوعا من دعاية للسياحة المصرية بشكل كبير، وهو ما جعل الفيديو الأكثر انتشارا على مستوى العالم متخطيا عشرات الملايين من المشاهدات في فترة قصيرة.
والخطورة من وجهة نظري في كل ذلك أن المدعوة (كارول جي)، قالت علي إنستجرام : (مصر واحدة من أفضل 5 أماكن في العالم التي حلمت بزيارتها، كان لدي رؤية وطموحا في هذا البلد أن أغلق الشوارع وأبو الهول وأهرامات مصر لتحقيق مقطع فيديو كان دائما في ذهني، وفي قلبي!.. تلك اللحظة المهيبة عندما وصلت بنفسي إلى هذا المكان ورأيته، كان هذا حقيقة بالفعل، وأحتفظ به كأحد أفضل المشاعر في حياتي)، وهى لاتدرك أنها تسيئ إساءة بالغة في حق بلد الحضارة والتاريخ.
والمدهش أن غالبية الصحف المصرية وقعت في الفخ دون إدراك معاني الكلمات البذيئة التي تشبه المهرجانات التي نحاربها ليل نار، بينما تظهر علينا نتوءات غربية أو لاتينية لتستغل شوارع مصر وآثارها وتقوم بتركيب كلمات أقل ما توصف بالسطحية والسذاجة والإثارة الجنسية، معتقدة أنها تروج للسياحة المصرية التي تركز آثارها على الحضارة الإنسانية في أجمل صورها التي تحض على الفضيلة والقيم السامية التي تربت عليها أجيالنا المصرية من عهد الفراعنة حتى الآن .. فلنكف عن التفريط في أروع ما بقي لنا من حضارة الأجداد التي سبقت الدنيا كلها بالعلم والفن والهندسة والطب وكافة العلوم الإنسانية التي علمت العالم منذ فجر التاريخ مفهوم الأخلاق.