رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

علي عبد الرحمن يكتب : بناء الإنسان و البنيان

بقلم الإعلامي : علي عبد الرحمن

ظلت مصر لسنوات طويله في فترة الستينات تحديدا تهتم ببناء الإنسان توعية وتثقيفا وانتماءا، وكانت أجهزة الدوله تسارع في صقل شخصية الإنسان المصري وفي دعم وبسط نفوذ قوى مصر الناعمة من حولنا، وتعددت أنشطة الدولة في هذا المضمار من إعلام ثري وكتابات داعمة وفنون جيدة وأنشطة لرواد ونخب تجوب المدن والقري والنجوع، ولقد افرزت هذه الفترة خير ما أنجبت مصر من مفكرين وكتاب ونجوم وأصوات، وخير ما أنتجت المطابع من إصدارات، وخير ما انتجته آلات الإعلام والفن، وخير ما جادت به المؤسسات التعليمية والدينية، وخير ما أثمرته قوى مصر الناعمة.

ثم جاءت فترات تالية خفت فيها كل شئ من أنشطة ومجهودات وقوى ناعمة، وأفرزت هذه الفترات جيل من الشباب لا علاقة له بثقافة أو تعلم أو تشبث بانتماء وتراجع في تأثير قوي مصر الناعمة، ولما أدركنا ترهل مستوي هذه الأجيال الثقافي والتعليمي والوطني وظهور قوي ناعمة أخري تسحب البساط من تحت أقدامنا، لم أجد خطي متسارعة من أجهزة الدولة ولا من النخب لإصلاح هذا الخلل الاستراتيجي، وانتشر التطرف والإلحاد والتسطيح والخزعبلات، وضعف مستوي التعليم والإقبال عليه، وتعالت نغمات الهجرة واللامبالاة، وافتقدنا أذرعة القوي المصريه الناعمة، ثم دخلت مصر مرحلة التغيير وإعادة بناء كل شئ متهالك، ودخلت عصر التحول الرقمي والجمهورية الجديدة، وانتشر البناء في كل ربوع مصر، وتعالت المنشأت والأبراج واالكباري وامتدت الطرق والأنفاق، وظهرت مشروعات قومية كبري إنشائيا وصحيا وزراعيا ولوجستيا.

بناء العقل المصري حاليا هو أولوية صوى

وهذا شئ رائع إلا أن تسارع وتيرة إنجاز هذه المشروعات والأحلام لم يواكبه نفس الأداء في إعادة بناء الإنسان المصري ولا صقل الشخصية المصرية ولا دعم روافد ثقافتها ولا ترسيخ هويتها ولا تنوير عقولها ولا تجويد تعليمها ولا تنويع تثقيفها ولا دعم نفوذ قواها الناعمة، ولست أدري هل البنيان أهم من الإنسان، وهل ما وصلنا إليه ليس محل إدراك، وهل غياب دور أجهزة الإعلام والثقافة والمؤسسات الدينيه والتعليمية ومؤسسات القوى الناعمة شئ ليس محل اهتمام؟، وهل انخفاض المستوي المعرفي والتعليمي والوطني وسحب بساط القوى الناعمة شئ غير ذي جدوي؟!

وهل ونحن نعيد بناء كل شئ ونخطط لغد أفضل وننفق المليارات ونبني في كل موقع ونتأهل لعصر وجمهورية جديدة، ألم نفكر في تأهيل النشئ وتجويد المحتوي التعليمي وغرس محتوي ثقافي عصري وتدعيم الوعاء الديني وترسيخ روافد الهوية والانتماء وتقديم دعما عاجلا لإسترداد المفقود من قوانا الناعمه؟!، وهل نحن نشكل لجانا قومية لكل شئ وننشأ مجالسا عليا لأي شئ؟!، ألم نفكر في لجنة أو مجلسا أعلي للتثقيف أو للتنوير أو لتجويد التعليم أو لإنتاج فكري وفني وإعلامي رائد؟!، ألا تستحق هذه الموضوعات وقفة أو حوارا مجتمعيا أو لجانا قومية أو مجالسا عليا تضع خطة عاجلة وآليات تنفيذ واقعية، وتوزع المهام علي ذوي الصله بملف إعادة بناء الإنسان وصقل شخصيته واسترداد نفوذ قوانا الناعمة المتراجعة أمام صعود نفوذ قوي ناعمه من حولنا؟.

القوى الناعمة أساس صناعة الثقافة

هل من الصعب وضع دور للأسرة ودور للمدرسة ودور للأندية ودور للأحزاب ودور للمؤسسات الدينية والتعليمية ودور لوسائل إعلامنا ودور للمؤسسات الثقافيه والشبابية ودور لنواب الشعب وحكومته ودور للنخب والرواد؟، كل هذه الأدوار مجتمعة تتجه لإعادة بناء الإنسان وشخصيته حفاظا على ملامح وروافد شخصية ابن مصر وقواه الناعمة من خلال محتوي تربوي وتعليمي وديني وتثقيفي وإعلامي وفكري وفني ينتج الشخصيه الملائمه للجمهورية الجديدة.

إنه لأمر هام وعاجل يستدعي مجلسا أعلي لبناء الإنسان أو للهوية أو للقوي الناعمة، وهو ماتحتاجه أم الدنيا وأهلها حتي نعود لأيام مجد الشخصية المصريه وقواها الناعمة.. إنها مصر الرائدة وإنه المصري الفصيح الرائد وإنها لقواها الناعمة الداعمة.. وتحيا دوما مصر وأهلها رائدة وروادا، والسلام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.