كتب : أحمد السماحي
تزوج الموسيقار محمد سلطان من المطربة فايزة أحمد وكان هذا الزواج أجمل شيئ في حياتهما، كان هذا الزواج أكبر خدمة للاثنين، استقرت فايزة في عش يملؤه الزوج الفنان بدفء شخصيته الرزينة المحترمة، واستطاع أن يمنحها الحماية ويعطيها الأمان وجنبها مشقة الصراعات والمواجهات، أصبح هو المتصدي لكل محاولة خبيثة تسعى للنيل منها أو مضايقتها، واستطاع بدماثة شخصيته وحسن علاقاته أن يمنع عن قيثارته كل عدوان، وأن يهيئ لها المناخ الملائم للإبداع، كذلك منحته فايزة أحمد فرصة عمره حيث كان صوتها بالنسبة له كجريدة الأهرام في عصرها الذهبي بالنسبة لكاتب ناشئ، هو ذا قد أصبح يطل على الجماهير من خلال منبر واسع الإنتشار.
والحق أن سلطان كان في مستوى الفرصة (كان قدها)، ذلك أن صوت فايزة المتفرد كان صوتا موحيا يستفز الصخر ليشعر وينطق فما بالك بملحن مرهف الحس رقيق الحاشية كمحمد سلطان يمتلئ قلبه بأنغام وميلوديات فيها قدر كبير جدا من البكارة والعمق والجدة والحداثة لا تقل بأي حال من الأحوال عن مستويات كبار الملحنيين في عصره، وبدأ المشوار بأول أغنيتين (هاتوا الفل مع الياسمين) و(أؤمر يا قمر) وتوالت الألحان، وأثناء ذلك أنجبت (فايزة) من سلطان (أجمل) لحنيين في حياتهما هما التوأم (طارق وعمرو) ولديهما اللذين تخرجا من كلية الطب في فرنسا.
بعد رحيل الموسيقار محمد سلطان يوم الأحد الماضي قررت الأسرة انتظار عودة نجل الراحل الدكتور طارق من ألمانيا، حيث وصل أول أمس الاثنين ليلقي على والده النظرة الأخيرة قبل دفن جثمانه، وشيع الجثمان أمس من مسجد عمر مكرم، بمنطقة التحرير بعد أداء صلاة الجنازة عليه، وذلك بحضور عدد من أقاربه وأصدقائه، والتف الجثمان بعلم مصر وذلك تنفيذا للوصية التي أدلى بها الراحل قبل وفاته، ويوم السبت القادم سيقام العزاء في جامع (الحامدية الشاذلية) في المهندسين.
الدكتور طارق سلطان نجل موسيقارنا الراحل صرح لـ (شهريار النجوم) عن حزنه الشديد لفقده والده، ورغم أنه طبيب والموت ليس غريبا عليه حيث يصادفه يوميا، لكن لأول مرة يشعر بمرارة الفقد والحرمان، خاصة أن والده لم يكن مجرد أبا ولكنه كان صديقا عزيزا، حيث كان يرشده هو وشقيقه بنصائحه من خلال ابتسامة مضيئة تشع الراحة في النفس وتغمر الوجدان لا بحبه هو وحده بل بحب الإنسانية جميعا.
وأضاف قائلا : كان والدي مرهف الحس، ويخاف علينا بقوة، وموسوسا في حبه لي ولشقيقي (عمرو)، وعلى اتصال دائم بنا في غربتنا في الخارج، ودائم الزيارة لنا قبل أن تمنعه ظروفه الصحية الأخيرة من هذه الزيارات.
وعن تفاصيل يوم الوفاة قال: لم يعانى من أي أمراض قبل وفاته، وكان حلو الحديث صاحب ذهن شديد الحيوية والاشتعال والحضور، ابتسامته الحانية ووجهه الصبوح وضحكته الحلوة تبعث فينا الأمل، ويوم الوفاة صوته لم يكن مطمئنا كان (مش عجبني)، لهذا اتصلت به خمس مرات، كل نص ساعة كنت أتصل به وبـ (سميرة) مديرة المنزل التى أبلغتني برفضه أن يذهب إلى المستشفى فأبلغتها بضرورة ذهابه فاتصلت بطبيب ونصحها بالذهاب إلى المستشفى فاتجهوا به إلى قصر العيني، وعندما دخلوا المستشفى وافته المنية نتيجة لسكتة قلبية.
وأكد طارق سلطان: أن والده لم يترك وصية معينة، لكنه كان يتمنى أن يتذكره الجميع بالخير لأنه كان محب للناس كلها.
رحل محمد سلطان عن دنيانا ليبدأ رحلة الخلود، وليترك في حياتنا كثيرا من النغمات العذبة التى لاتنسى، والتى لا تفقد أصالتها أبدا، لأن الماء الذي يرويها أيضا هو ماء الخلود.