كتب : أحمد السماحي
كان الموسيقار الراحل محمد سلطان الذي تم الصلاة عليه اليوم بعد الظهر في مسجد عمر مكرم ولم يتم تحديد موعد العزاء بعد، يعتبر عملاق الموسيقى والغناء محمد عبدالوهاب أستاذه وأبوه الروحي، حتى أنه وكما ذكر لي نزل معه المقبرة يوم وفاته وقرأ عليه بعض الآيات من القرآن الكريم ثم صعد.
وذكر لي أيضا في أحد حوارتي معه أن علاقته بهذا المبدع الكبير كانت حتى قبل الولادة حيث قال لي بالنص: (حبي للموسيقار (محمد عبدالوهاب) كان سببا في دخولي الوسط الفني، وليس فقط دخولي، ولكن كان (عبدالوهاب) عشقي الأول والأخير، ووالداتي ـ الله يرحمها ـ كانت هى الأخرى تعشقه، وحكت لي إنها وهي حامل بي، حلمت بأنها ستنجب ولدا، وسيكون شبيه بـ (عبدالوهاب)، وعندما قصت رؤياها على والدي سخر منها، وقال لها ضاحكا: (بطلي تخاريف هتخلفي ولد! وهيكون كمان زي عبدالوهاب إفرضي جت بنت!).
وبعد ولادتي مباشرة سألت والدتي صديقاتها: (أعمل ايه لـ (محمد) عشان يطلع صوته حلو!)، فأشارت عليها واحدة منهن قائلة: (عليك وعصير الرمان إسقيه معلقة)، وبالفعل أعطتني معلقة، فأصبت بنزلة معوية، فأستدعى أبي الطبيب، وسألها الدكتور: ماذا فعلت بمحمد؟! فخافت فى البداية أن تخبره حتى لا يعاقبها والدي، ولكن عندما قال لها الدكتور: (لو ما قلتيش الطفل هيموت)، أخبرته بما فعلت، فهز رأسه وقال لها: (ما تخفيش هيعيش بس هو لسه صغير جدا على شرب أي حاجة!
كانت رحمة الله عليها لديها إصرار شديد على أن أطلع موسيقار مثل (عبدالوهاب)، لهذا اشترت لي عودا لأعزف عليه وأنا لم أكمل الخامسة من عمري، وفرحت به جدا وتعلمت عليه العزف، وفي سن الثامنة كنت أجيد العزف على العود بدون معلم أو أستاذ!).
علاقة الحب هذه كان يعلمها (محمد عبدالوهاب) ويقدرها لهذا ما إن ظهر المطرب الجديد أو (العندليب الضاحك) هاني شاكر كما أطلقت عليه الصحافة في بداية السبعينات حتى توقع له الموسيقار (محمد عبدالوهاب) مستقبل باهر، وأثناء ذلك – وكما ذكر لي الأستاذ سلطان – طلب منه أن يرعاه ويتبناه، وتضاعف هذا الطلب بعد أن اصطحب الشاعر الكبير (مأمون الشناوي) العندليب الضاحك وذهبا إلى الموسيقار (محمد عبدالوهاب) الذي أحاط البرعم الصاعد بآهات الأعجاب، ثم قال له: لك مستقبل باهر، وتدخل (مأمون الشناوي) بالسؤال التقليدي عن لحن لـ (هاني) يضعه الموسيقار الكبير فقال الموسيقار: قدام شوية!
وقال مأمون الشناوي لهاني وهو يغادر شقة عبدالوهاب يبقى الأستاذ حايحطك في الخطة الخمسية، أي سيلحن لك بعد خمس سنوات، بعد خروج (الشناوي وهاني) اتصل الموسيقار (محمد عبدالوهاب) كما حكي لي الحكاية الموسيقار الراحل محمد سلطان وقال له: (يا محمد، جاني اليوم هاني شاكر، ده ولد هايل وسيكون له مستقبل، ياريت تلحن له)، فرد عليه بالفعل يا أستاذي: أنا الآن بدور له مع الشاعر (مجدي نجيب) على كلمات تليق على شكله وتجربته البسيطة في الحياة، فالولد لسه في بداية العشرينات، ولابد أن نقدم له موضوع يكون صادقا وهو يغنيه ويصدقه الناس.
وبالفعل لحن الموسيقار (محمد سلطان) للموهوب الصاعد أغنيته الجميلة التى مازالت تتردد حتى اليوم (سيبوني أحب) وهي تصور شاب صغير يطلب من الناس أن يتركوه يغني ويعيش الحب.
بعدها تعاون (سلطان) مع (هاني شاكر) في مجموعة من الروائع التى لا تنسى مثل (ياريتك معايا، حكاية كل عاشق، مشتريكي ما تبعيش، الهوى جراح، لو كنت غالي عليك) وغيرها.